شيع آلاف العلمانيين الصحافي وزير الثقافة السابق أحمد طانر كشلالي الذي اغتيل الخميس الماضي بانفجار لغم في سيارته. واتهم متظاهرون يساريون وعلمانيون "قوى الظلام" في اشارة الى اجهزة الأمن بحادث الاغتيال مبرئين الأحزاب الاسلامية. وأفرجت السلطات التركية عن ثلاثة ديبلوماسيين ايرانيين سرت اشاعات، بعد اعتقالهم، ان لهم علاقة باغتيال كشلالي. وكانت قوات أمن خاصة تابعة للاستخبارات التركية ألقت القبض على الايرانيين أول من امس في مطار انقرة قبل صعودهم الى الطائرة عائدين الى طهران، بعدما انهوا مهمة رسمية استغرقت أربعة ايام، حدثوا خلالها نظام الكومبيوتر في مكتب الملحق العسكري الايراني في انقرة. وفيما التزمت وزارة الداخلية التركية الصمت ازاء الحادث، فإن مصادر مطلعة رجحت ان سبب اعتقال الايرانيين الثلاثة هو التأكد من هويتهم وعدم انتمائهم الى جهاز الاستخبارات الايراني او تورطهم في حادث اغتيال كشلالي الذي لقي مصرعه في حادث انفجار سيارته الخميس الماضي وسط انباء اثارتها وسائل الاعلام التركية عن مسؤولية احد الاحزاب الاسلامية عن الحادث، واشارة مباحث الأمن الجنائي الى ان القنبلة المستخدمة في الحادث قد تكون صنعت في دولة اجنبية. وودعت تركيا كشلالي احد اكبر رموز العلمانية الأتاتوركية. وبدت مظاهر الحزن والاسى واضحة على الآلاف ممن حضروا جنازته في جامع كوجتبه في أنقرة، وحضر التشييع معظم السياسيين وزعماء الاحزاب وأعضاء الحكومة وقيادات الجيش، وعلى رأسهم قائد الاركان حسين كفرك أوغلو. وانطلقت الجنازة من مبنى البرلمان وسط احتجاجات التيار العلماني المتشدد واليساريين الذين تظاهروا مستنكرين حضور الرئيس سليمان ديميريل ورئيس الوزراء بولند أجاويد ونائبه زعيم حزب الحركة القومية، ورجائي قطان زعيم حزب "الفضيلة". واتهموا اجاويد وديميريل بدعم التيارات الاصولية في تركيا وصاحوا: "ديميريل هنا! أين حزب الله". وتعالت صيحات الغضب من بعض المشاركين في الجنازة تتهم الحكومة بالتستر على مدبري الحادث كما فعلت في السابق في حوادث قتل صحافيين وكتاب بقي قتلتهم مجهولين حتى الآن. وخصصت جميع وسائل الاعلام التركية اليوم كله لنقل مراسم الجنازة والحديث عن ملابسات الحادث. وأجمع المراقبون والمحللون الأتراك على استبعاد علاقة اي حزب اسلامي بالحادث، وأشاروا الى انه محاولة مكشوفة للإيقاع بين التيارين العلماني والاسلامي من جديد، ويهدف ايضاً الى زعزعة الأمن في تركيا، واتهموا "قوى الظلام" الخفية في الدولة بالوقوف وراء الحادث. وأشارت وسائل الاعلام ايضاً الى وجود شبكة مافيا تركية تمتد فروعها الى اعلى المراكز الحكومية وتتعاون مع بعض الجماعات الارهابية لاشاعة الفوضى في تركيا واستغلال ذلك للقيام بأعمال غير مشروعة في ظل انشغال الرأي العام بهذه المشاكل. كما ربطت بين هذا الحادث وما حدث في الايام الاخيرة في تركيا من تجاوزات امنية وانتهاكات لحقوق الانسان في سلسلة اعتبرتها الصحافة منظمة لمحاولة خلق خطر وهمي يستوجب بقاء المؤسسات الأمنية مستنفرة ويعطيها صلاحيات واسعة للقيام بما تشاء. وتنبأ بعض المصادر المطلعة باستمرار مثل هذه الاعمال في مقابل سعي الحكومة لدخول الاتحاد الأوروبي الذي طلب من تركيا حل مجلس الأمن القومي العسكري ومحاكم أمن الدولة. وبدا ان الحكومة ستطرح بالفعل هذه المطالب للنقاش في ظل تأييد اعلامي لها بحجة ان خطر حزب العمال الكردستاني زال بعد القاء القبض على زعيمه عبدالله اوجلان وان الأمن عاد الى الحياة اليومية، ولا داعي لاستمرار هاتين المؤسستين الامنيتين الا في حال ظهور خطر أمني جديد ويبدو ان "قوى الظلام الخفية" تحاول خلق هذا المناخ.