قررت نقابة الصحافيين الأردنيين، امس، فصل ثلاثة من أعضائها بعدما اتهمتهم ب"التطبيع مع العدو الصهيوني" في خطوة اعتبرها مراقبون سياسيون "تصعيداً خطيراً"، خصوصاً بعد تصريحات العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في جامعة هارفرد السبت الماضي التي وصف فيها مناهضي التطبيع بأنهم "أقلية" تكره الأكثرية على تبني موقفها، واعداً بمعالجة موضوع التطبيع عقب عودته الى البلاد. وكان مجلس نقابة الصحافيين الأردنيين وافق بالأكثرية على قرار المجلس التأديبي بفصل عبدالله حسنات رئيس تحرير صحيفة "جوردان تايمز" وسلطان الحطاب الكاتب في صحيفة "الرأي" وجهاد المومني الكاتب في صحيفة "الدستور" بسبب زيارتهم لاسرائيل في ايلول سبتمبر الماضي تلبية لدعوة من وزارة الخارجية الاسرائيلية. وقال نائب نقيب الصحافيين طارق المومني ان موافقة مجلس النقابة جاءت "التزاماً بقرار الهيئة العامة للنقابة وانسجاماً مع المجلس التأديبي اضافة الى قرارات اتحاد الصحافيين العرب". وسألت "الحياة" المومني اذا كان قرار النقابة تحدياً لتصريحات العاهل الأردني مطلع الأسبوع، فأجاب: "جلالة الملك كان يخاطب جمهوراً غربياً ويهودياً وسبق ان أوضح لصحافيين اسرائيليين ان الكرة في ملعبهم لاقناع العرب بالسلام والتطبيع". وأشار المومني الى موقف السلطات الاسرائيلية والمستوطنين اليهود في الخليل الذي شكّل "اهانة لا سابق لها الى السلطة التشريعية الأردنية". لكن مصادر في نقابة الصحافيين اكدت ل"الحياة" ان ثمة ضغوطاً تمارس على النقابة للتراجع عن قرارها من خلال "عدم التوقيع على محضر الجلسة واعتبار القرار لاغياً". وأعرب رئيس تحرير "جوردان تايمز" عبدالله حسنات عن "أسفه لقرار النقابة المفاجئ"، وقال: "ادعو جميع الصحافيين العرب الى زيارة شمال اسرائيل ليعرفوا كيف تتعايش الأقلية العربية مع المغتصبين" موضحاً "لست مغرماً بالاحتلال الاسرائيلي لكن علينا ان نتعلم من دروس الهزيمة للبحث في آليات جديدة للتعامل مع الآخر تقوم على فهمه ومعرفته ومواجهته بأساليب تشابه ما يقوم به الفلسطينيون في أراضي 1948". وطالب حسنات النقابة ب"التعلم من الرئيس الجنوب افريقي السابق نيلسون مانديلا الذي يزور اسرائيل دون تخليه عن موقفه المعادي للعنصرية والتمييز". وعن موقفه من القرار قال "سألجأ الى محكمة العدل العليا التي سبق ان اعادت اعضاء فصلتهم النقابة". وكانت رابطة الكتاب الأردنيين فصلت ثلاثة من اعضائها على فترات مختلفة بتهمة التطبيع وهم عيسى الشعيبي الذي رافق الصحافيين الثلاثة في زيارتهم الأخيرة وحماد فراعنة وهشام يانس، كما فصلت نقابة الفنانين نادر عمران فيما اوقفت نقابة المحامين احد اعضائها عن العمل بالتهمة ذاتها. وقال عضو رابطة الكتاب باسل رفايعة ان الرابطة ملتزمة "بناء موقف ثقافي متماسك لمواجهة عدو حضاري يسعى لتمرير ثقافة الهزيمة والاستسلام". وسألته "الحياة" عما اذا كان موقف الرابطة تدخلاً في الحريات الشخصية فأجاب: "نحن رابطة لدينا رؤية تمثل ضمير الناس الرافض للهزيمة ولا نجبر احداً على تبني رؤيتنا ولكن من يدخل الرابطة عليه التزام موقفها". وتساءل "هل المطلوب ان تكون مؤسسات المجتمع المدني والمثقفون استنساخاً عن السياسيين؟". واعتبر مراقبون سياسيون قرار نقابة الصحافيين "تصعيداً خطيراً قد يرتب موقفاً حكومياً من النقابات بعامة"، موضحين ان السكوت على اجراء النقابة "سيعطي شرعية قانونية للنقابات لمحاكمة السياسة الرسمية المؤيدة للتطبيع"، خصوصاً في ظل "التقدم الذي تشهده العملية السلمية".