} اندلعت معارك الشوارع في العاصمة الصربية بلغراد عندما تصدى مئات من رجال شرطة مكافحة الشغب تدعمهم المدرعات ومدافع المياه لحوالى 30 ألف متظاهر كانوا يطالبون بتنحي الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش، فيما تظاهر عشرات الآلاف من الاشخاص في نحو 20 مدينة صربية اخرى. واقدمت السلطات على اغلاق مؤسسة صحافية تنشر بيانات المعارضة. أعلنت وزارة الداخلية الصربية أمس الجمعة انه "تم اعتقال 21 شخصاً من المشاغبين الذين تحرشوا بأفراد الأمن وتسببوا في مواجهات"، في اشارة الى المشاركين في التظاهرات ضد النظام الحاكم في بلغراد. وبثت محطة "ستوديو ب" التلفزيونية اليوغوسلافية المستقلة ان "أكثر من 20 متظاهراً أصيبوا بجروح، بينهم نساء وأطفال، عندما انهالت الشرطة عليهم بالضرب مستخدمة الهراوات، فيما رد بعض المتظاهرين برشق رجالها بالحجارة". وأبلغ مصدر صربي مطلع "الحياة" ان أفراد الشرطة الذين هاجموا المتظاهرين على جسر "برانكو" الذي يربط وسط بلغراد بالضاحية الغربية نوفي بلغراد بلغراد الجديدة ليل أول من أمس، هم من "عناصر القوات الخاصة الذين كانوا أعدوا لمواجهة الألبان في كوسوفو وينتمون الى الكتيبتين 22 و42 اللتين يبلغ عدد أفرادهما حوالى 2500 وهم مدربون تدريباً جيداً". وتوقع المصدر ان يصدر قرار حكومي ب"تحديد أماكن التظاهرات والتهديد باستخدام الاجراءات الأمنية والقضائية ضد المتظاهرين، اذا حاولوا تجاوز ما هو مسموح به". ووصف رئيس الحزب الديموقراطي زوران جينجيتش زعيم "التحالف من أجل التغيير" الذي يقود الحملة الساعية الى اسقاط ميلوشيفيتش، تصدي الشرطة للمتظاهرين، بأنه "بمثابة اعلان حرب على المعارضة". وقال جينجيتش: "نظمنا هذا الاحتجاج ليكون انتفا ضة شعبية لأن مثل هذه القوة من الشرطة لا تستخدم إلا عندما يرى النظام ان الاحتجاجات خطر كبير عليه". واضاف في تصريح للصحافيين امس ان احزاب المعارضة "ستواصل مسيراتها وتنقل حملتها الى كل من منطقة ديدينيا التي يقع فيها مقر اقامة ميلوشيفيتش وضاحية بلغراد الجديدة حيث المقار الحكومية وذلك حتى يتم اقصاء النظام الحالي عن السلطة". وأشار الى ان المتظاهرين "سيستخدمون السيارات الخاصة والشاحنات لاقتحام حواجز الشرطة التي اخذت تتجمع عند مفترقات الطرق". ودعا جينجيتش المواطنين في صربيا الى الاستمرار في التظاهرات يومياً، كما ناشد أفراد الجيش والشرطة "الوقوف الى جانب الشعب والمساهمة في إقصاء الديكتاتور الدموي ميلوشيفيتش الذي خسر كل حروبه ويريد الآن ان يكسب الحرب ضد شعبه". الى ذلك، اعرب منسق "التحالف من أجل التغيير" فلادين باتيتش عن اعتقاده ان "التوتر سيشتد مع مشاركة المزيد من المواطنين في التظاهرات خصوصاً وان اجراءات الشرطة اظهرت ان ميلوشيفيتش فقد أعصابه". وأشار الى ان نائب رئيس الحزب الديموقراطي الاجتماعي سلوبودان اورليتش "هو بين المعتقلين وان شاباً عمره 16 سنة أصيب بجروح خطيرة في رأسه". وحاولت قوات الشرطة الصربية اعتقال تشيدومير يوفانوفيتش احد زعماء الطلبة، الا ان الأخير استطاع الإفلات منها والاعتصام في مقر "التحالف من أجل التغيير" في وسط بلغراد مع خمسين شخصاً من المعارضين. وانتشر امس عدد كبير من عناصر الشرطة حول المقر. ورفض يوفانوفيتش ورفاقه الاستسلام وطلب من محاميه الحصول على أمر رسمي خطي اذا كان هناك قرار قضائي بالقبض عليه "إلا ان الشرطة رفضت الاستجابة للطلب". مدن اخرى وتظاهر أكثر من 50 ألف شخص في نحو 20 مدينة صربية ضد نظام ميلوشيفيتش تلبية لنداء "التحالف من أجل التغيير". وسار حوالى 20 ألف شخص في تظاهرة في مدينة نوفيساد عاصمة مقاطعة فويفودينا شمال صربيا. وألقى رئيس رابطة الاشتراكيين الديموقراطيين في المقاطعة نيناد تشاناك كلمة أمام المتظاهرين قال فيها: "ان آلاف الاشخاص من الذين يفكرون مثلنا يتعرضون للضرب بالهراوات من قبل رجال الشرطة في بلغراد". وفي نيش جنوب شرقي صربيا، تجمع حوالى عشرة آلاف شخص وخاطبهم المسؤول المحلي دوبريتسا جورجيفيتش قائلاً: "من الواضح ان ميلوشيفيتش لا يريد الاستقالة لذلك نحن هنا لدفعه الى ذلك". كما شهدت مدن صربية اخرى تظاهرات متفرقة راوح عدد المشاركين فيها بين ألف وسبعة الاف شخص. ويحمل المتظاهرون ميلوشيفيتش المسؤولية عن المصاعب الاقتصادية والعزلة الدولية التي تمر بها يوغوسلافيا. وأقفلت الشرطة الصربية صحيفة "غرس يافنوست" صوت الرأي العام المستقلة التي تصدر في بلغراد اضافة الى مطبعة "غرافيكا" لمدة 15 يوماً بدعوى "عدم تسديد ضرائب والتزامات مالية للحكومة". وقال مدير الصحيفة سلافوليوب كاكاريفيتش ان اقفال المطبعة "قد يكون مرتبطاً بقيامها بطباعة النشرة اليومية للتحالف من أجل التغيير". وتحظى صحيفة "غرس يافنوست" بشعبية متنامية بسبب تغطيتها المعتدلة للاحداث في يوغوسلافيا.