يُتوقع ان تحافظ اسعارالنفط على استقرارها بين 20 و21 دولاراً للبرميل في المرحلة المقبلة وهو الهدف الذي تسعى اليه الولاياتالمتحدة اكبر مستهلك للطاقة في العالم نظراً للتأثير الايجابي لمستوى هذا السعر على اقتصادها. وقال خبراء أن الولاياتالمتحدة، التي تستهلك نحو 20 في المئة من اجمالي الطلب الدولي على النفط، لعبت دوراً اساسياً في انقاذ الاسعار الى جانب الدول المنتجة الاخرى بعدما هوت مطلع السنة الجارية الى ما دون عشرة دولارات للبرميل. وقال مدير مركز دراسات الطاقة العالمية في لندن فاضل الجلبي ان "الولاياتالمتحدة تريد اسعار نفط قوية وهو ما سعت اليه في الفترة الاخيرة لأن ارتفاع الاسعار يعني مزيداً من الواردات الخليجية من السوق الاميركية". واضاف في اتصال مع "الحياة" ان تحسن ايرادات دول المنطقة "يعني قدرتها على الوفاء بالتزاماتها خصوصا العقود الدفاعية التي توقعها مع الاميركيين". واعتبر خبير آخر ان ارتفاع اسعار النفط بنحو الضعفين السنة الجارية كان "نتيجة الضغط الذي مارسته الولاياتالمتحدة على بعض الدول النفطية لخفض انتاجها لازالة الفائض الذي وصل اخيراً الى واحد من اعلى مستوياته". وقال الخبير جون تولستر من دار الوساطة "سوستيه جنرال ستراوس تورنيل" في لندن: "ان قرار تحديد سقف للارتفاع الاخير في اسعار النفط يعود في الحقيقة الى الولاياتالمتحدة وليس الى منظمة الدول المصدرة للنفط اوبك". واضاف: "بالطبع ليس لدى الاميركيين عصا سحرية لرفع الاسعار بين ليلة وضحاها لكن يمكنهم اللجوء الى وسيلتين فعالتين هما اقناع الدول النفطية، خصوصا الحليفة بتقليص امدادات النفط اضافة الى عدم السحب من المخزون الاحتياط الاميركي بشكل كبير ما يؤثر ايجاباً على السوق". وادى خفض الانتاج في "اوبك" ودول نفطية اخرى بأكثر من مليوني برميل يومياً الى ارتفاع اسعار خام بحر الشمال "برنت" الى ما يزيد على 24 دولاراً للبرميل بعدما هوت الى اقل من عشرة دولارات منذ نهاية العام الماضي. واظهرت تقديرات مستقلة ان درجة التزام "اوبك" بالخفوضات الاخيرة لا تزال اكثر من 90 في المئة على رغم ارتفاع الانتاج في بعض الدول الاعضاء. واشارت الى ان انتاج المنظمة الفعلي يزيد قليلا على 26 مليون برميل يومياً بما فيه انتاج العراق على رغم ارتفاع الطلب الموسمي في الربع الاخير الى اكثر من 29 مليون برميل يومياً بما فيه السحب من المخزون الدولي. وفي افتتاحية لمجلة "النفط والغاز العربي" التي تصدر في باريس، توقع رئيس تحريرها نقولا سركيس ان تستقر اسعار النفط عند مستويات مرتفعة نتيجة التزام "اوبك" خصوصا دول الخليج الخفوضات المتفق عليها. وقال: "على رغم اتجاه الدول المصدرة للنفط الى التوقف عن تحديد هدف سعري، فان الاتجاه العام الآن هو ان الاسعار ستستقر عند حدود تراوح بين 20 و21 دولاراً للبرميل". وتساءل سركيس عما اذا كانت الولاياتالمتحدة وراء الارتفاع الاخير في اسعار النفط قائلاً: "ليس هناك حتى الآن دليل قاطع على ذلك... لكن من المعروف ان انهيار الاسعار العام الماضي كان له تأثير سلبي شديد على حلفاء الولاياتالمتحدة وعلى ارباح واستثمارات شركات النفط الاميركية الكبيرة". ولفت الى ان التحذير الذي اطلقه "مجلس الاستخبارات القومي" الاميركي نهاية العام الماضي من ان "انهيار اسعار النفط يهدد الاستقرار السياسي والاقتصادي لبعض الحلفاء المقربين للولايات المتحدة... وفي حال استمرار تدهور الاسعار لفترة طويلة، فان هناك خطر حدوث اضطرابات سياسية واصولية". واتفق خبير آخر على ان حدوث انخفاض او ارتفاع كبير في اسعار النفط سيضر الاقتصاد الاميركي وان سعر 20 او22 دولاراً للبرميل هو السعر المثالي للولايات المتحدة والدول المستهلكة الرئيسية الاخرى وفي الوقت نفسه للمنتجين. وقال مدير الدائرة الاقتصادية في "البنك الاهلي التجاري" السعودي سعيد الشيخ ان "ارتفاع الاسعار الى ذلك المستوى يشجع الشركات الاميركية على الاستثمار في التقنية والاستكشاف وهو ما يفيد الاقتصاد الاميركي بشكل عام". واشار في اتصال مع "الحياة" الى ان الطاقة تشكل ما بين سبعة وثمانية في المئة من كلفة الانتاج في جميع القطاعات في الولاياتالمتحدة وانه في حال ارتفاع الاسعار بشكل كبير فان هذه النسبة سترتفع وبالتالي "ترتفع اسعار المنتجات ما يؤثر سلبا على المستهلك ومعدلات التضخم". واضاف: "في حال انخفاض الاسعار بشكل كبير، فان الشركات الاميركية ستُحجم عن الاستثمار وبالتالي ستنخفض اسعار اسهمها وقيمتها السوقية... لذلك اعتقد ان الولاياتالمتحدة ستُفيد من استقرار الاسعار عند مستويات معقولة ما سيسهم كذلك في استقرار الاقتصاد الدولي".