أخذ الصراع الذي تشهده الجزائر بين رئاسة الجمهورية وقيادة المؤسسة العسكرية منحى آخر، أمس، مع نشر رسالة وجهها نائب في البرلمان، معروف بقربه من الجيش، الى الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة تضمنت هجوماً عنيفاً على رئيس الجمهورية والأوساط القريبة منه. ووزّعت وكالة الأنباء الجزائرية نص رسالة وجهها رئيس لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الشعبي الوطني السيد عبدالقادر حجّار الى بوتفليقة في 20 ايلول سبتمبر الماضي. وقالت مصادر جزائرية مطلعة ان نشر الرسالة يأتي في إطار الصراع بين ضباط الجيش تحديداً قيادة الأركان برئاسة الفريق محمد العماري وقيادة الإستخبارات التي يقودها السيد محمد مدين توفيق الذي مثّله الجنرال اسماعيل العماري الذين أيّدوا وصول بوتفليقة الى الرئاسة في نيسان ابريل الماضي، وبين الضباط السابقين الذين يحيطون ببوتفليقة حالياً، وعلى رأسهم يزيد نورالدين زرهوني. وكان متوقعاً ان يعود حجّار الى الجزائر من المانيا أمس. وهو ركّز انتقاده على موضوعي التعريب والتطبيع مع "اليهود". راجع ص 6 وقال حجّار في رسالته الطويلة 30 صفحة التي طلب عدم نشرها ان ضابطاً متقاعداً قدّمه بصفة "وسيط" نقل اليه تهديداً من الرئيس بوتفليقة بوجوب وقف الحملة التي يشنها على رئيس الدولة. وذكّر حجّار بتهديدات سابقة في السبعينات والثمانينات وجهها اليه زرهوني، المسؤول السابق في جهاز الإستخبارات، وووزير الداخلية السابق الهادي الخضيري. وقال انه لم يرضخ لتلك التهديدات ولن يرضخ للتهديدات الجديدة، مؤكداً انه أخذ احتياطاته في حال جرت محاولة لاغتياله، وانه "جاهز لإسقاط المعبد عليّ وعلى أعدائي". وأعاد حجّار الى الأذهان التهديدات التي وجهها مستشار الرئيس اليمين زروال الجنرال المتقاعد محمد بتشين لرئيس حزب التجديد السيد نورالدين بوكروح عندما شن الأخير حملة ضده. ولاحظ ان تهديد بتشين أدى في النهاية الى سقوطه. وقالت وكالة الأنباء الجزائرية ان بوتفليقة طلب توزيع رسالة حجّار قبل ان يطلع عليها، ليكون مثله مثل بقية المواطنين. وأوضحت ان نشرها يأتي من باب حرية الرأي. لكن مطلعين على خفايا ما يحصل داخل السلطة يعتبرون رسالة حجّار جزءاً من الصراع الدائر بين بوتفليقة وقيادة المؤسسة العسكرية. فمن معروف ان حجّار يُعتبر من القريبين من ضباط كبار في أجهزة الأمن. وهو يوصف بأنه "مهندس" الإنقلاب الذي أطاح الأمين العام السابق لجبهة التحرير السيد عبدالحميد مهري. وتقول أوساط قريبة من مهري ان أجهزة الأمن لعبت دوراً في إطاحته سنة 1996.