هذه المرة يبدو ان الخبر صحيح. أكده احمد زكي بنفسه: سيقوم هو بتمثيل دور انور السادات، الرئيس المصري السابق الراحل، في فيلم يخرجه محمد خان. والتصوير سيبدأ خلال الأيام القليلة المقبلة. يقول احمد زكي هذا، على الهاتف، ويبدو شيء من السعادة في رنة صوته، ولكن في ثنايا ذلك الصوت نفسه، ثمة شيئاً من القلق عرف كيف يتسرب، عبر الهاتف من القاهرة الى لندن. طبعاً، ليس هناك مجال لسؤال احمد زكي عن دواعي ذلك القلق. ففي النهاية، كل فنان يكون قلقاً حين يقدم على عمل جديد. الحال ان التحدي امام احمد زكي، كبير. بل اكبر كثيراً مما كان يوم جرى اختياره ليلعب دور جمال عبدالناصر في فيلم "ناصر 56" التلفزيوني. اذ على الرغم مما قيل ويقال دائماً انه من الصعب جدا على احد ان يتقمص، على الشاشة، شخصية الزعيم العربي الكبير، بنظراته الفولاذية وطيبة ابتسامته، وحركاته العفوية وصوته الذي لم يبرح الذاكرة بعد، كان ثمة ألف سبب وسبب يدفع المتفرج الى قبول صورة عبدالناصر، كما رسمتها ملامح احمد زكي. هنا قد يقول البعض ان خالد الصاوي، الذي لعب الدور نفسه في فيلم "جمال عبدالناصر"، كان اكثر اقناعاً من ناحية الشبه الخارجي بجمال عبدالناصر. ولكن المقارنة هنا تبدو ذات معيارين، فمن ناحية الشكل كان الصاوي أقرب بالتأكيد، اما من ناحية الروح، وما وراء الملامح الخارجية، كان القبول بأحمد زكي اكبر. مع انور السادات، الأمر سكيون مختلفاً بالتأكيد. فأحمد زكي "اقنع" في "ناصر 56" لأنه بدا في الأوقات كلها مقتنعاً هو نفسه بتاريخ عبدالناصر وانجازاته - على الاقل خلال المرحلة التي تحدث عنها الفيلم -، والاقتناع في مثل هذه الحالات عنصر ضروري من عناصر الأداء. دون ان يعني هذا ان على كل ممثل ان يقتنع بكل حيثيات كل دور يمثله بالطبع. والسؤال هل يمكن لأحمد زكي ان يكون مقتنعاً بتاريخ الرئيس الراحل انور السادات كله؟ نطرح هذا السؤال لأنه من الصعب ان نتصور ان مثل هذا الفيلم سوف يحمل نقداً لأنور السادات، ولبعض ممارساته، ان لم يكن كلها. فنحن، في سينمانا العربية، لم نعتد، للأسف، ان نحقق افلاماً تاريخية توجه اي نقد ل"ابطالها". من هنا ما نفترضه من ان الفيلم سوف يعيد الاعتبار الى تاريخ انور السادات، عبر تبرير العديد من تصرفاته او عبر تفهّم العديد من دوافعه. والسؤال هو: هل ان احمد زكي مستعد لتحمل مثل هذه المسؤولية، دون ان يقع بينه وبين نفسه في تناقض كبير، عنوانه الأساسي: كيف يمكنه ان يقتنع بعبدالناصر وبالسادات معاً. صحيح ان ثمة وجوه تقارب كثيرة بين الاثنين، وثمة تاريخاً مشتركاً وصداقة بينهما. ولكن من الصحيح ايضاً - وهنا نتحدث عن سمات الشخصيتين بقدر ما نتحدث عن ردود فعلهما عن الاحداث وتفسيرهما لها - ان ثمة هوة واسعة بينهما. واذ نقول هذا، نفترض فقط ان الامر بحاجة - من الناحية الفنية - الى معجزة ما. "عين"