لاقى فيلم "جمال عبدالناصر" فشلاً لم يكن يتوقعه مخرجه أنور قوادري ولا منتجه ايضا بشير غيه - بعدما انفق الاخير على الفيلم نحو مليوني جنيه مصري - ولا حتى الجمهور الذي انتظر عرضه بشغف شديد، خصوصاً ان الفيلم حظي بدعاية مجانية لم يحظ بها فيلم مصري في الآونة الاخيرة. فمنذ بدء تصوير الفيلم اشتعل جدل لم ينته الى الآن بين المخرج وأسرتي الراحلين الرئيس جمال عبدالناصر والمشير عبدالحكيم عامر، ظل صداه يتردد في الصحافة المصرية طوال فترة التصوير وحتى الآن. أسرة عبدالناصر اقامت دعوى قضائية لايقاف عرض الفيلم وستنظر فيها المحكمة في تشرين الاول اكتوبر المقبل، كذلك اسرة المشير التي اقامت دعوى اخرى ضد مدير الرقابة على المصنفات الفنية علي ابو شادي لإجازته عرض الفيلم وضد المنتج والمخرج وطالبتهم بتعويض مقداره عشرة ملايين جنيه مع ايقاف عرض الفيلم باعتباره يسيء الى المشير ويقدم حادثة موته على انها انتحار وليس اغتيالاً، كما تعتقد الاسرة التي اعتبرت ذلك بمثابة تزييف للتاريخ. وستنظر محكمة الجيزة الابتدائية في هذه الدعوى خلال الشهر الجاري لتمكين دفاع مخرج الفيلم من تقديم اصل السيناريو الى المحكمة. وكان تم عرض الفيلم - برغم هذا الضجيج - وسط توافر عناصر النجاح من خلال 26 دار عرض دفعة واحدة عدد لا تحظى به افلام عادل امام. وتزامن عرضه مع احتفالات مصر بذكرى ثورة 23 تموز يوليو 1952، غير ان المفاجأة غير السارة هي ان الجمهور عزف عن صالات العرض بعد ثلاثة اسابيع وبدأ سحب الفيلم تدريجياً من الصالات ليختفي يوم الاثنين 24 آب أغسطس بعدما حقق ايرادات بلغت نحو المليون جنيه، اي أقل من نصف كلفة الانتاج. وعزا احد المسؤولين في الشركة الموزعة فشل الفيلم الى ما وصفه بپ"التعتيم الاعلامي المتعمد" خصوصاً رفض التلفزيون المصري بث إعلانات عنه في قنواته المختلفة. الا ان معظم النقاد عزا الفشل الى كونه "فيلماً باهتاً" يغلب عليه العنصر التاريخي على العنصر الدرامي، وكأنه حصة مدرسية. فالمخرج اراد ان يقدم 35 عاماً من حياة عبدالناصر ومصر والعالم العربي بما تخللها من احداث جسام في نحو ساعتين فقط ما جعل المشاهد يلهث وراء أحداث متلاحقة، وما دفع البعض الى عقد مقارنات بينه وبين فيلم "ناصر 56" قبل عامين، وقد تناول فيه المخرج محمد فاضل مئة يوم من حياة عبدالناصر تتعلق بمعركة تأميم قناة السويس، وحقق فيلمه نجاحاً كبيراً مادياً وجماهيرياً. واعتبر المهتمون ان فشل فيلم القوادري يدحض النظرية التي أطلقها بعضهم بأن نجاح "ناصر 56" جاء من كونه يتحدث عن اكثر الزعماء العرب شعبية عند الجماهير العربية خلال هذا القرن، علاوة على كونها المرة الاولى التي يطالع فيها الجمهور عبدالناصر سينمائياً. ودافع القوادري عن فيلمه امام هجوم النقاد عليه، خصوصاً ازاء اتهامه بحشر الفيلم بالمغالطات التاريخية، وقال: "الذين هاجموا فيلمي هم أعداء عبدالناصر او أصدقاء للمثل أحمد زكي" الذي لعب دور ناصر في فيلم محمد فاضل. وسط التراشق بين القوادري والنقاد اعلن فاضل نيته تقديم فيلم جديد عن ناصر بعنوان "ناصر 67" مع فريق العمل نفسه في الفيلم السابق الكاتب محفوظ عبدالرحمن والممثلان احمد زكي وفردوس عبدالحميد غير ان الانتاج لن يكون للتلفزيون المصري هذه المرة بل لشركة انتاج خاصة