الخميس 7 كانون الثاني يناير الحالي كان يوماً تاريخياً شهد بدء محاكمة الرئيس بيل كلينتون، وهي المرة الأولى يحاكم فيها رئيس منذ 130 عاماً، بعد آخر محاكمة جرت لرئيس هو اندرو جونسون، تمهيداً لعزله. فقد دانه المحلفون اعضاء مجلس الشيوخ المئة بالتهمتين اللتين وجههما اليه مجلس النواب وهما عرقلة مجرى العدالة والكذب تحت القسم في فضيحة مونيكا غيت. وفي العاشرة قبل الظهر إلتأم مجلس الشيوخ برئاسة رئيس السن السيناتور ستروم فورموند 96 عاماً. وذَكَّر كبير الموظفين في المجلس الاعضاء بضرورة الاحتفاظ بالصمت، بموجب التقاليد الدستورية او مواجهة السجن. وهو ما نصت عليه اصول المحاكمات البرلمانية. وتبع ذلك وصول هيئة الاتهام المؤلفة من "المديرين" وعددهم 13 نائبا، وكلهم جمهوريون، برئاسة رئيس اللجنة القضائية النائب هنري هايد واصطفوا في صحن القاعة الكبيرة التي لم تكن مكتظة بالشيوخ... لكن ظلالاً من الهيبة والشعور بالاستحقاق كانت ظاهرة. وقدم رئيس المديرين النائب هايد الى اعضاء مجلس الشيوخ الاتهامين الموجهين الى الرئيس وقرأ نصيهما الداعيين الى محاكمته وادانته وعزله لاعتقاد مجلس النواب بأنه أخل بالدستور عندما ارتكب جريمتين كبيرتين ادتا الى تقويض هيبة المنصب وأساءتا الى سمعة الرئاسة. الامر الذي افقده الثقة وتصرف بطريقة متناقضة مع حكم القانون والعدالة، وأضر بمصلحة شعب الولاياتالمتحدة. ودعا النائب هايد مجلس الشيوخ الى وضع يده على القضية والبدء بالمحاكمة. وأكد رئيس السن ان مجلس الشيوخ سيبلغ النواب موعد بدئه بالمحاكمة. وخرج "المديرون" من القاعة مثلما دخلوها. وتقدم زعيم الغالبية الجمهورية السيناتور ترنت لوت من رئيس السن بطلب اختيار 6 شيوخ نصفهم جمهوريون ونصفهم الآخر ديموقراطيون لمرافقة رئيس المحكمة العليا القاضي وليم رنكوست الى القاعة. وعلقت الجلسة حتى الأولى بعد الظهر. وتوجه الشيوخ الستة الى المحكمة العليا واصطحبوا وسط مراسم بروتوكولية، رئيسها رنكوست الى مجلس الشيوخ المقابل مبناه لمبنى المحكمة، وهناك اقسم القاضي امام رئيس السن اليمين الدستورية فثبته رئيساً للمحكمة الدستورية الجديدة. وبدوره شهد القاضي قسم مئة شيخ تحولوا فوراً الى هيئة محلفين قانونية. وانتقل مجلس الشيوخ من الدور السياسي التشريعي الى الدور القانوني القضائي لمحاكمة وليم جفيرسون كلينتون. ومع بدء المحاكمة استمر امس الجدل في اصولها وطريقة عملها. وكان اشبه بحرب ليس بين المعتدلين والمتطرفين في مجلسي الشيوخ والنواب فحسب، بل بين البيت الأبيض و"المديرين" من النواب الجمهوريين وغلاة الشيوخ المحافظين الذين كانوا لا يزالون يصرون على فتح محاكمة شاملة وواسعة واحضار شهود والاستماع الى افادات. وتبخرت الافكار والاقتراحات الداعية الى محاكمة سريعة او الى قرار توبيخ. وبات في حكم المؤكد ان المحاكمة لن تكون مجرد "نزهة" وقد تستغرق على الأقل بضعة اسابيع. وستشمل غالباً دعوة شهود ابرزهم مونيكا لوينسكي بطلة الفضيحة. وأعلن الناطق باسم البيت الأبيض جو لوكهارت ان مجلس الشيوخ اذا وافق على طلب "المديرين" من النواب اي الادعاء لدعوة شهود الى الادلاء بافاداتهم في القضية، فان البيت الأبيض سيضطر الى طلب تأخير المحاكمة لكي يكون مستعداً لمواجهة الشهود ولتقديم لائحة بشهود الدفاع. الامر الذي يعني محاكمة طويلة قد تمتد ثمانية اسابيع وربما 6 - 7 اشهر. وقال لوكهارت: "اذا اصروا المديرون على دعوة الشهود فقد يؤدي ذلك الى مد وتأخير للعملية... ولا نعتقد بأنهم النواب قد قدموا حججاً مقنعة بعزل الرئيس". ويذكر ان زعيم الغالبية السيناتور لوت كان اعلن ان المحادثات للتوصل الى تسوية لأصول المحاكمة قد تثمر قريباً. وتوقع ان تستمر المحاكمة حتى الشهر المقبل شباط، وتجري في نهايتها عملية التصويت على الاتهامين. والمعروف ان المطلوب لادانة الرئيس ثلثي اصوات الشيوخ اي 67 صوتاً. وشدد على ان كل طلب يتقدم به المديرون او البيت الأبيض لدعوة الشهود يجب ان توافق عليه الغالبية من الاعضاء.