محاكمة الرئيس بيل كلينتون بدأت أمس رسمياً في مجلس الشيوخ للمرة الأولى في تاريخ أميركا منذ 131 عاماً عندما واجه رئيس آخر هو اندرو جونسون العملية الدستورية نفسها، وذلك وسط اهتمام اعلامي كبير وشعور جامح من جانب الرأي العام بأن ما يحدث تاريخي وجدي ومؤلم وسيترك آثاراً على منصب الرئاسة وعلى العلاقات بين مختلف سلطات الحكومة الأميركية. في الأولى بعد ظهر أمس افتتح القاضي وليم رينكوست رئيس المحكمة العليا جلسات المحكمة المؤلفة من 100 محلف هم اعضاء مجلس الشيوخ، وأعطى الكلام للادعاء العام الممثل بمندوبي مجلس النواب وعددهم 13 "مديراً" يتقدمهم رئيس اللجنة القضائية النائب هنري هايد. وخصصت ثلاثة أيام للادعاء كي يعرض مرافعته أمام الشيوخ على مدى 24 ساعة عمل يتوقع أن تنتهي بعد ظهر غد السبت، ويفند الأسباب التي دفعت مجلس النواب إلى توجيه اتهامي الكذب تحت القسم وعرقلة مجرى العدالة، وتأكيد ان هاتين الجريمتين تشكلان سبباً لإدانة الرئيس وعزله من منصبه. وكان الرئيس كلينتون أعرب للمرة الأولى منذ إدانته في مجلس النواب عن اعتقاده أن مجلس الشيوخ سيقوم بواجبه في المحاكمة وبأنه بدوره سيقوم بواجباته في خدمة الشعب الأميركي. ولاحظ في معرض تأكيد براءته ان حوالى 900 خبير في الدستور أعربوا عن اعتقادهم بأن القضية لا تستحق الاتهام والإدانة والعزل. وبدأت مظاهر الانقسام تبرز بين أعضاء مجلس الشيوخ على الأساس الحزبي، خصوصاً بعد الكشف عن اجتماعات سرية عقدها عدد من الشيوخ الجمهوريين و"المديرين" الذين يمثلون مجلس النواب، وجميعهم جمهوريون، للتداول في قضية استدعاء الشهود إلى المحاكمة ومن بينهم امكان استدعاء الرئيس كلينتون. وقد اغضب ذلك الديموقراطيين الذين سبق وتوصلوا مع الجمهوريين إلى اتفاق تسوية حول اصول المحاكمة. وأثارت تصريحات رئيس اللجنة القضائية النائب هايد، خصوصاً لجهة الدعوة للاستماع إلى شهادة الرئيس الأميركي، ردود فعل سلبية، خصوصاً من البيت الأبيض. إذ أعلن الناطق جو لوكهارت ان هذا الطلب يأتي متأخراً من هايد ويظهر مرة أخرى ان ما يحدث ليس قضية قانونية وإنما مسألة سياسية حزبية. وأكد ان الرئيس كلينتون لن يقبل ان يشهد بمحض إرادته. ويذكر ان الكونغرس لا يستطيع، بموجب مبدأ الفصل بين السلطات، استدعاء الرئيس للشهادة أمامه. واتضحت أمس استراتيجية كل من الادعاء والدفاع تجاه التهمتين الموجهتين إلى الرئيس كلينتون. فبالنسبة إلى تهمة الكذب تحت القسم في شهادته أمام هيئة المحلفين الكبرى، يقول الادعاء إن كلينتون اعطى رواية غير صحيحة حول طبيعة علاقاته الجنسية مع مونيكا لوينسكي ورفض الاعتراف بأنه اعطى رواية غير صحيحة في شهادته الأخرى أمام محامي بولا جونز، وسمح لمحاميه روبرت بثيت بالادلاء بتصريحات خاطئة وكذب على مساعديه حول علاقاته بلوينسكي. أما الدفاع فيؤكد ان الرئيس اعترف بأنه أقام علاقة حميمة غير سليمة مع لوينسكي وأنه لم يكذب لكنه لم يكشف كل التفاصيل، وبأنه لم يضلل أو يكذب على مساعديه. أما التهمة الأخرى وهي عرقلة مجرى العدالة فيرتكز الادعاء فيها على العناصر الآتية: تشجيع كلينتون للوينسكي على تقديم شهادة غير صحيحة وعلى اخفاء هدايا قدمها إليها ومحاولته ايجاد عمل لها والتأثير على سكرتيرته بتي كوري لتقديم شهادة كاذبة ومحاولته التأثير على شهادات مساعديه. اما الدفاع فيؤكد ان لوينسكي نفسها نفت ان يكون الرئيس طلب منها الكذب، وأنها شرحت في شهادتها ان كلينتون قدم إليها الهدايا، كما أفادت ومعها صديق الرئيس فرنون جوردان بأنهما لم يعقدا أي اتفاق في مقابل سعي جوردان إلى ايجاد عمل لها.