يبدو ان قدر الشعب السوداني أن يعيش بين المطرقة والسندان. أو هكذا يعيش هذا الشعب الصبور كسيحاً أو على عكازين قوامهما حلم غائب وواقع خائب. ففي وقت يبحث فيه السودانيون عن ديموقراطية سودانية صرفة يتعايش تحت سقفها الكل في ود وسلام، نرى على الجانب الآخر من المعادلة حكومة ومعارضة. أما بخصوص الحكومة، فهي مجموعة انقلابية تعتقد أنها بالتقادم عشر سنوات الآن اكتسبت شرعية بعد ان عبرت - على حد قولها - من شط الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية. لكن أي شرعية في هذا العالم تلك التي يمكن ان تنشأ يوماً على ظهر دبابة؟ ويمكن أن نبيّن الحقائق الآتية: جبهات قتال مفتوحة بين أبناء الوطن الواحد، وغياب حد أدنى من وفاق وطني، ومعاناة معيشية مضنية وتداعيات أليمة لما يسمى بالاقتصاد الحر، وعزلة مرة يعانيها النظام الحاكم داخلياً واقليمياً ودولياً. وفي ظل صراع يتوزع "جنوده" بين المجلس الوطني البرلمان والمؤتمر الوطني حزب الجبهة الحاكم وبينهما شيخ النظام حسن الترابي. هذا ما يتعلق بالوضع الداخلي. فماذا عن "التجمع الوطني الديموقراطي" المعارض الذي يتخذ قادته من أسمرا والقاهرة مقراً؟ وهل لهذا "التجمع" من وجود حقيقي في الشارع السوداني اليوم؟ الشاهد ان الكثيرين لا زالوا يرون في هذا "التجمع" مخلوقاً غريباً وبعيداً عن تحقيق - ولو النذر اليسير - من بعض طموحات الشعب السوداني الذي انهكه اللهث خلف السراب. فأين "التجمع الوطني الديموقراطي" من وطن يتلاشى؟ أين "التجمع الوطني الديموقراطي" من شعب يتعذب عجز من بالداخل من أفراده عن توفير حتى لقمة الخبز اليومية. وضرب الهاربون منهم في بيداء الوجود بلا هدى؟ سؤالان ضمن سلسلة من أسئلة لا حصر لها تمسك برقاب بعضها بعضاً وتلح على الخاطر إلحاحاً. لا رجاء - بالطبع - في إجابة تنتظرها لكنها خيبة مذلة ازاء هذا "التجمع" الذي علق عليه الكثيرون امالاً عريضة. كوبنهاغن - خضر عطا المنان الأمين العام لرابطة الاعلاميين العرب في الدنمارك