تكبدت اندية كرة القدم السعودية خلال الموسم الحالي خسائر مالية طائلة بعدما تعاقدت مع لاعبين اجانب عجزوا عن تحقيق طموحاتها لان مهاراتهم كانت محدودة... عددهم كبير في الأندية الكبيرة والصغيرة، إلا أن البارزين منهم كانوا قلة، ولم يقدم معظمهم ما يوازي المبالغ الكبيرة التي دفعت لهم. ويعتبر الدوري السعودي من أقوى البطولات العربية وتتابعه الملايين بحماس، وتخوضه أعداد كبيرة من اللاعبين المحليين من ذوي المهارات العالية التي تفترض مستوى مماثلاً من الأجانب حتى تكتمل الفائدة. وتكفل المصادر المالية الجيدة للأندية السعودية تأمين المبالغ اللازمة لضم لاعبين مهرة من خارج البلاد، وتقدم الدولة أعانات مستمرة للأندية، ويساهم إتحاد كرة القدم في دفع نصف رواتب اللاعبين المحترفين فضلاً عن معونات تسهم في استقرار اللعبة داخل الأندية. الى ذلك يقدم رجال الأعمال والأثرياء أعضاء الشرف مبالغ ضخمة لتسهيل مهمة أدارات الأندية، وتقوم شركات الدعاية والاعلان بضخ الملايين من الريالات سنوياً داخل المسابقات المحلية ما يسهم في ارتفاع مداخيل الأندية وتعبئة خزائنها... الذنب ذنب الوسطاء... وهذه امثلة لكن، برغم كل ذلك، اي برغم البحبوحة الاقتصادية للأندية، إلا أنها غالباً ما تخفق في اختيار اللاعبين المناسبين ويكون نصيبها لاعبين متواضعين تنفق عليهم ملايين الريالات في صفقات فاشلة. ويؤكد مراقبون أن ذلك يعود الى سوء تصرف من الأندية واعتمادها على مكاتب الوسطاء في التعاقد مع اللاعبين من دون التفاوض معهم مباشرة، واستشهدوا بأكثر من حادثة تدل على عدم جدوى الاعتماد على الوسطاء، فذكَّروا بتعاقد الأهلي مع اللاعب الأفريقي عيسى جاتو عام 1994 عن طريق وسيط واتضح عند وصول اللاعب الى جدة انه معوق نتيجة اصابته بمرض شلل الأطفال في صغره، وأيضاً بتعاقد الهلال مع البرازيلي زينيو في العام الماضي الى ان فوجيء الجميع بأن المكتب الوسيط أرسل لاعباً آخر يحمل الاسم ذاته... ويرى البعض أن استعجال التعاقد مع الاجانب سبب رئيسي في الوقوع تحت مطرقة مكاتب الوسطاء وارسالها ما يتوفر عندها من لاعبين متهالكين. وفي هذا الموسم ترجمت الأندية السعودية اخفاقها في اختيار اللاعبين المناسبين بالعينات السلبية التي ظهرت منذ بداية مباريات كأس الإتحاد السعودي، فراحت تندب ضياع أموالها. نماذج جديدة ابرز الاندية النادبة كان الإتحاد الذي دفع خمسة ملايين ريال نظير التعاقد مع مهاجم أستون فيلا السابق الانكليزي روبرت داليان والدولي الهولندي السابق روب فيتشغه اللذين لم يقدما شيئاً يبرر ما صرف عليهما والهالة الاعلامية التي سبقت حضورهما الى جدة، ما جعل إدارة النادي تخطط للاستغناء عنهما والبحث عن بديل أفضل. وخلّف فشل داليان وفيتشغه علامات استفهام كثيرة في الاوساط الرياضية كونهما لاعبين معروفين ولامجال للتشكيك بقدراتهما. وفسر المتابعون ذلك بعدم جدية اللاعبين بعد توقيعهما العقدين، واستشهدوا بالتعالي الذي ظهر به فيتشغه، الامر الذي جعل المراقبين يشككون في نجاح المشاهير الاوروبيين وتأقلمهم اذا ما قدم احدهم مستقبلاً الى المملكة. ولم يكن الهلال افضل حالاً من الإتحاد، حيث تكبد خسائر مالية اثر تعاقده مع النيجيري موني الذي يعاني اصابة مزمنه برغم المستوى الجيد الذي يتمتع به. وفقد الهلال الكثير بعدما تأكد ان موني غير مؤهل للعب بصفة مستمرة بسبب الأصابة التي أخفاها اللاعب عن النادي قبل توقيع العقد. وفشل الهلال في صفقة التعاقد مع المهاجم ادواردو بايز وهو من البيرو بعدما تبين له انه اقل مستوى من اي لاعب محلي. وخسر النصر أيضاً الكثير لتعاقده مع لاعبين مغمورين بأسعار باهظة وبمباركة من مكاتب الوسطاء، فلم يكن، مثلاً، لدى الغاني جو ما يمكن أن يقدمه وكذلك زميله النيجيري اوتشيه ولفتا الانظار بمستواهما السيء. ولم يكن حظ الأهلي احسن لانه خسر كثيراً بتعاقده مع البرازيلي كيروس والانغولي سيلفا والسنغالي عبدول الذي يعالج على حساب النادي منذ عامين على أمل اعادة تأهيله والاستفادة من خدماته مجدداً! وحتى نادي الشباب صاحب الأختيارات المميزة، عموماً، للاعبين الأجانب لم يحالفه الحظ هذه المرة ولم يحسن استثمار ما انفقه عندما ضم البرازيلي اليساندرو بيدرو والانغولي أكوا. ونالت أندية أخرى كالوحدة والنجمة والأنصار والطائي نصيبها من الخسائر المالية بعدما فشلت في استقدام لاعب واحد مميز. وبقي الاجانب القدامى ابرز من الذين انضموا حديثاً، ولا ينكر المراقبون براعة المغربي احمد بهجا مع الإتحاد والزامبي اليجا ليتانا مع الهلال والسنغالي فيكتور انج مع النصر والاكوادوري سوزا مع الأهلي والسوداني عاكف عطا مع الوحدة والسنغالي داين فاييه مع الرياض والنيجيرى أسحق كواكي مع النجمة... ويكاد يكون هولاء وحدهم الحسنة الاجنبية داخل الأندية السعودية . مشاهير اللعبة خارج متناولنا وتطالب جماهير اللعبة أنديتها بضرورة التعاقد مع لاعبين يتمتعون بمستوى يفوق مستوى اللاعب السعودي لتحقيق الفائدة المرجوة، وتأتي هذه المطالبة قبل بدء الفترة الثانية لتسجيل اللاعبين والأجانب التي أقرها الإتحاد السعودي أخيراً والتي تبدأ من يوم غد. ويدافع مسؤولون في الأندية عن تعاقداتهم مع الاجانب ويؤكدون أنهم يستقدمون سنوياً عدداً من اللاعبين المميزين لكنهم يظهرون بمستوى لا يفيد نتيجة ارتفاع مستوى اللاعب السعودي وليس لسوء اختيارهم، وذكَّروا بعدد من اللاعبين الذين فشلوا في الدوري لكنهم حققوا نجاحات جيدة في الدوري القطري والاماراتي والكويتي. وناشد هولاء جماهيرهم بالتروي وعدم المطالبة بلاعبين مؤثرين نظراً لان التعاقد مع لاعبين عالميين اعلى من المحليين يتطلب دفع مبالغ ضخمة لا تقدر الاندية العربية عموماً عليها. ويرى البعض أن أرتفاع مستوى البطولات السعودية أصبح يتطلب لاعبين أجانب يمتلكون مهارات عالية جداً. ففي العام 1980 مثلاً، كان بمقدور لاعب عربي كطارق ذياب أو نجيب الأمام أن يكون مؤثراً في فريقه لضعف مستوى اللاعب السعودي لكن الأمر يختلف كثيراً حالياً وبات صعبا ان يؤثرلاعب عربي بالدرجة ذاتها في ظل تقارب مستويات اللاعبين العرب ونظرائهم السعوديين، وهذا ما يقتنع به تماماً مسؤولو نادي الأنفاق الذين أحجموا عن التعاقد مع لاعبين اجانب هذا الموسم، مؤكدين أنهم لا يملكون ما يكفي من المال لشراء لاعب من قماشة غير عادية.