أغلقت صحيفة "شلمجة" الناطقة باسم مجموعة "أنصار حزب الله" وألغي امتيازها بعدما جرّمتها اللجنة المشرفة على مراقبة المطبوعات التابعة لوزارة الإرشاد بارتكاب مخالفة بإهانتها أحد كبار المراجع في أحد أعدادها قبل أربعة أشهر، وهو ما أثار تساؤلات عن الدوافع الحقيقية وراء هذا القرار، هل هو مجرد قرار إداري عادي يتخذ ضد أي صحيفة بصرف النظر عن توجهها أم ان خلفية القرار سياسية قد تكون بداية هجوم معاكس ضد "أنصار حزب الله" والجماعات التي توصف بأنها "متشددة ومتطرفة"، وما إذا كان له علاقة بحوادث الاغتيال الأخيرة، خصوصاً ان مصادر موثوقاً بها أكدت لپ"الحياة" ان السلطات الأمنية كشفت ملابسات الحوادث وحددت الجهات المتورطة. ولا ينظر الى "شلمجة" على أنها صحيفة عادية بما أنها تابعة لجماعة "الأنصار" التي يتردد انها تحظى بدعم من جهات "متنفذة". كذلك قررت اللجنة المشرفة على مراقبة الصحف أو "محكمة المطبوعات" وقف مجلة "فكور" عن الصدور، لكن القرار خضع لاجراءات ادارية، اذ ان هذه المجلة الأدبية التي يصدرها بعض المثقفين تعثرت مرات في الصدور المنتظم وهو ما يخالف القانون، ولم يثر قرار وقفها ردود أفعال، لكن الغاء امتياز "شملجة" اتخذ طابعاً مثيراً، ولم تستبعد الأوساط المهتمة دوافع سياسية وراء القرار. و"شلمجة" الاسبوعية اختير اسمها تيمناً بمدينة شلمجة الحدودية مع العراق، التي شهدت معارك ضارية أثناء الحرب الايرانية - العراقية 1980 - 1988 وقصفت بالأسلحة الكيماوية، الأمر الذي "أدخلها التاريخ". وتتميز الصحيفة بجرأتها، ولا تجد أي نوع من أنواع الحرج في توجيه انتقادات لاذعة وحادة للأوساط الثقافية "الليبرالية" و"المتغربة" والجماعات السياسية المؤيدة للحكومة والموالية للتيار الاصلاحي. وليس خافياً ما يتردد في طهران من ان جماعة "أنصار حزب الله" تحظى بدعم "خفي" وتغطية من جهات دينية وغير مدنية عليا في النظام، وتتهم أوساط سياسية عدة اليمين المحافظ بأنه يغذي "الأنصار" بامكانات الدعم المالي والسياسي والمعنوي، وهو ما ينفيه المحافظون باستمرار. والملفت ان سبب اغلاق "شلمجة" ما تضمنه عددها الأربعون الذي صدر قبل أربعة أشهر من موقف اعتبر "إهانة" للمرجع الخوئي، اذ كانت الصحيفة دخلت في سجال مع مجلة "راه نو" الطريق الجديد الاسبوعية المعتدلة في شأن ما تضمنته المجلة من نصوص وآراء حول نظرية ولاية الفقيه، وأشارت "راه نور" الى ان الخوئي "أكد ان الولاية لم تثبت لأي شخص كان في عصر الغيبة" أي في عصر غياب "المهدي المنتظر"، في اشارة واضحة الى آية الله الخميني، ما دفع "شلمجة" الى الرد، فاتهمت الخوئي من دون ان تذكره بالإسم بأنه كان "من رجال السافاك" البوليس السري في عهد الشاه. وقال المدير العام للصحافة في وزارة الارشاد السيد عيسى سحر خير ان "شلمجة" وجهت "إهانة مباشرة لأية الله العظمى السيد الخوئي، وطبقاً للمادة 27 من قانون المطبوعات فإن أي صحيفة أو مجلة توجه إهانة الى القائد المرشد أو مجلس القيادة أو مراجع الدين الذين لا يجادل أحد في مرجعيتهم، فإنها تغلق ويحال مديرها المسؤول وكاتب المقابل الى المحاكم المختصة". ورد مسؤول "شلمجة" بسرعة على هذا القرار فاعتبر قرار الإغلاق بأنه "صفعة لدعاة المجتمع المدني"، وبدا على ثقة من ان خلفية القرار لا تعود الى الموقف من الخوئي "بل أنهم كانوا يبحثون عن ذريعة ما وهم يكذبون ولا يتحملون فكرنا ويخادعون عندما يقدمون أنفسهم كأصحاب فكر وثقافة". وأكد انه لن يعترض على قرار الاغلاق "وسأرسل باقة ورد الى الوزير مهاجراني، لكني سأقدم شكوى ضد وزارة الإرشاد الى المحكمة الإدارية". وتلقى دهنمكي دعم رئيس تحرير صحيفة "توس" المحظورة، ما شاء الله شمس الواعظين، واكد معارضة سياسة اغلاق الصحف، واعتبر ان "هذه السياسة التي تلجأ اليها وزارة الإرشاد باتت بدعة وأخطارها المستقبلية أشد من سلبياتها الآنية". ولم يجد شمس الواعظين حرجاً وهو من وجوه التيار الاصلاحي في تقديم "التعازي لهذه الحكومة على سياستها لأنها كانت وعدت في بداية عهدها بأنها لن تفرض هيمنتها على الثقافة لكنها نكثت بوعدها". لكن أوساطاً سياسية ترى ان قرار اغلاق "شلمجة" يتجاوز الإطار الضيق لمخالفة صحافية وهو يعبر عن رسالة سياسية "واضحة وصارمة" لجماعات "التشدد والتطرف". كما وصفه بعض المراجع بأنه "بداية الهجوم المعاكس لخاتمي وحكومته".