لم تكسب سياسة "الاحتواء المزدوج" للعراق وإيران، التي رسمها مارتن إنديك، المساعد الخاص آنذاك للرئيس الأميركي للشرق الأوسط، عام 1994، أي أصدقاء يعتد بهم، هذا إذا ضربنا صفحاً عن موقف إسرائيل التي تظل مواقفها ذات شبهة عالية لغالبية الأسرة الدولية. بل الصحيح أنها عدت، حتى في أوساط أميركية كبيرة معتدلة ومتخصصة أو حيادية بمثابة اخلال بالتوازنات وخروج محير على الخط السياسي الأميركي التقليدي بجناحيه الجمهوري والديموقراطي، بل وصفت في أوساط الخبراء الأكاديميين ك "خطأ فادح" كما قال عضو مجلس تحرير ال "فورين افيرز" غريغوري غوس. لكن النقد الغربي لم يكن يتصور أن تكون لهذه السياسة مثل هذه النتائج المثيرة للارتباك والقلق، خصوصاً في ضوء تطبيقاتها العملية التي أفرزت آلية الضربات الجوية والصاروخية المتكررة للعراق. قبل وبعد هذه الضربات كان واضحاً ان هذه السياسة غير المتوازنة فاقمت الخلل الجيو - سياسي بعد أن تبين أنها تجاوزت احتواء العراق إلى اضعافه وتفكيك بنيته الاجتماعية وإفقاره، بينما تعززت البنية الاقتصادية الإيرانية وأعيد ترتيب علاقاتها الدولية والاقليمية ما أفضى إلى خروجها من العزلة والاحتواء المفترضين. ولكن آخر التجليات السلبية لسياسة الاحتواء كانت الضربة الجوية والصاروخية الأخيرة ضد العراق واعتماد مفهوم جديد للاحتواء عبرت عنه واشنطن بمفهوم "الاحتواء المتشدد" أو "الاحتواء مع التغيير". التطورات السياسية التي نجمت عن الضربات الانكلو - أميركية، خصوصاً على صعيد المعارضة العراقية كانت عكس ما توقعته واشنطن، فحتى القوى الليبرالية التي كانت تنظر إلى الدور الغربي ببعض التساهل والتفهم لم يعد بمقدورها أن تقبل النتائج الكارثية للسلوك الأميركي. "الحياة" توجهت إلى أطراف المعارضة العراقية بمختلف توجهاتها السياسية بجملة أسئلة حول الوضع الذي افضت إليه المواقف والممارسات الأميركية والبريطانية. وهي أجمعت على جملة من الاطروحات السياسية التي تشجب وتتبرأ من تلك المواقف. وحددت تلك الجهات السياسية والشخصيات المعارضة صياغاتها للملامح الأساسية للبديل الديموقراطي للعراق. وهو بديل لا يتوافق بأي مقياس من المقاييس السياسية مع ما تعتقده واشنطن ومؤيدوها، وهي أكدت على أن أي مسعى لتجاوز الثوابت الوطنية العربية والاقليمية سوف لن يكون موضع ترحيب أو قبول. على المستوى نفسه، عكست السياسة الأميركية تجاه الأكراد العراقيين تناقضات على القدر نفسه من العمق، ففي محادثات المصالحة التي أجرتها الإدارة الأميركية في واشنطن قبل الضربات الجوية ضد العراق فرض المفاوض الأميركي على الأكراد لاءاته الثلاث المثيرة للحيرة وهي: لا للتفاوض مع بغداد، لا لدعوة العراق مجدداً إلى كردستان العراق، ولا لاستفزاز العراق. هذه اللاءات الثلاث تعكس ارتباك وتفكك الممارسة السياسية الأميركية التي تزداد الشكوك حول صدقيتها وجدواها يوماً بعد آخر. وهي سياسة تطلب باليمين ما ترفضه باليسار. وتهدف في واشنطن إلى ما تستبعده في لندن والشرق الأوسط، ولكن مهما يكن من أمر، فإن احجام الأكراد عن التحرك أو ابداء أي تعاطف مع الضربات الأميركية ليس ناجماً عن التزام باللاءات الثلاث، بقدر ما هو تحصيل حاصل لحقيقة جيو - بولوتيكية، من نتائجها عزل الملف الكردي سياسياً وعضوياً عن الملف العربي - العراقي. وهي حقيقة خطيرة تدشن شكلاً من أشكال الانفصال السياسي واللوجستي للمنطقة الكردية من العراق بحكم الواقع. وستبرز هذه الحقيقة من الآن فصاعداً بوصفها أرقى صورة من صور الخراب المنهجي والبعيد الأمد الذي حصل على الأرض العراقية، ولا بد من التحسب له ومعالجته بما يسمح بتطويق آثاره وعواقبه. الاجابات التي قدمها ممثلو التيارات العراقية المختلفة لا تغطي بالضرورة مجمل المواقف العراقية، فعدى عن تعسر الوصول إلى كثير من الشخصيات والأحزاب لأسباب تقنية بحتة، فهناك شخصيات وأحزاب عديدة عبرت عن رأيها بوضوح ولم نعد إليها. وهنا الأسئلة والردود عليها: أولاً: الموقف من الضربة الجوية الانكلو - أميركية، هل تؤيدونها أم ترفضونها، وما هي أسبابكم؟ ثانياً: المشروع الأميركي - الغربي للتغيير في العراق. ما هو هذا المشروع؟ ملامحه؟ هل تؤيدون الدور والمشروع الأميركي بصدد العراق، أم تعارضونه؟ ولماذا؟ ثالثاً: البديل عن النظام الحالي في العراق. هل بوسع المعارضة العراقية في الخارج اقامة البديل؟ أم هو بديل من الداخل... داخل النظام؟ رابعاً: ثمة حديث عن "مرحلة انتقالية"، ما هو تصوركم لهذه المرحلة. وهل هنالك مخاوف من حصول اصطدامات، مجازر، أو نزوح سكاني وما إلى ذلك مما يتبادر لذهن المراقب السياسي، أم ليس ثمة داعٍ للخوف والقلق؟ خامساً: ما هي شروط المشروع الوطني لعراق المستقبل في نظركم؟ عدنان الباجه جي وزير خارجية وممثل سابق للعراق في الأممالمتحدة - شخصية مستقلة 1- إذا كان الهدف من الضربة الجوية الاطاحة بالنظام الحاكم في العراق، فانها فشلت، ولكنها قتلت المئات من المواطنين العراقيين ودمرت الكثير من المباني والمنشآت العسكرية وزادت من معاناة الشعب العراقي فوق محنته التي طال أمدها. 2- التغيير مطلب أساسي للغالبية الساحقة من العراقيين داخل الوطن وخارجه. والمفروض أن يكون هناك مشروع عراقي للتغيير وليس مشروعاً أميركياً أو غربياً. منذ سنتين ناشدت الاشقاء العرب عبر صحيفة "الحياة" بأن يساعدوا العراقيين لاحداث التغيير المطلوب، ولكن عدم رغبتهم في التدخل أفسحت في المجال للدول الأجنبية بتبني موضوع التغيير والدعوة اليه. اني لا أرى مشروعاً أميركياً - غربياً واضحاً ومتكاملاً في هذا الشأن. فما يسمى ب "قانون تحرير العراق" يحتوي على أفكار وافتراضات بعيدة كل البعد عن الواقع. وأشك كثيراً في امكان تنفيذ هذا القانون المرتجل الذي وزع على عجل من قبل الأغلبية الجمهورية في الكونغرس الأميركي للضغط على الرئيس كلينتون واحراجه. 3- التبديل يأتي من الداخل وكل ما بوسع المعارضة العراقية ان تفعله هو تهيأة الأجواء العربية والاقليمية والدولية لقبول فكرة التغيير ومساندتها باعتبارها السبيل الوحيد لانقاذ العراق واخراجه من محنته. المجهود السياسي والديبلوماسي والإعلامي الذي تقوم به المعارضة في الخارج سيشجع العناصر المؤثرة في الداخل لاحداث التغيير الذي يتطلع اليه لاقامة نظام ديموقراطي يحافظ على حقوق الانسان العراقي وكرامته. وحتى تستطيع المعارضة العراقية في الخارج القيام بواجبها عليها ان توحد صفوفها بانشاء جبهة ذات قاعدة عريضة تمثل فيها مختلف شرائح المجتمع العراقي واتجاهاته السياسية. 4- لا خوف من وقوع اضطرابات ومجازر ونزوح سكاني في ما إذا حصل التغيير. فعلى رغم التفتت الذي أصاب المجتمع العراقي تحت وطأة الحصار الدولي من جهة وتعسف النظام الحاكم من جهة أخرى، فإنه سيبقى مجتمعاً متماسكاً قائماً على التفاهم والتعايش. 5- أوضحت ونشرت، منذ سنتين، الخطوات التي يجب اتخاذها لتحقيق ما نصبو إليه جميعاً في عراق المستقبل وهذه الخطوات هي: 1- تأليف حكومة مؤقتة بأسرع وقت ممكن تمثل فيها كل الاتجاهات السياسية في العراق. 2- اصدار عفو عام يستثنى منه المسؤولون مسؤولية مباشرة عن الجرائم ضد الانسانية ولا يشمل هذا الاستثناء الا عدداً محدوداً من الأشخاص لأنه من أهم واجبات النظام الجديد تحقيق المصالحة الوطنية. 3- اجراء انتخابات عامة على أساس الاقتراع السري المباشر لجميع البالغين رجالاً ونساء لاختيار أعضاء الجمعية التأسيسية ويجب اجراء هذه الانتخابات خلال مدة لا تتجاوز الستة أشهر على أن تديرها وتشرف عليها الأممالمتحدة، ولا يمنع أحد عن الترشيح أو المشاركة فيها. 4- تقوم الجمعية التأسيسية بوضع دستور دائم للبلاد يشتمل على ضمانات غير قابلة للالغاء أو التعديل وذلك لحماية حقوق الانسان العراقي وحرياته الأساسية. 5- يعرض الدستور على الشعب العراقي لإقراره في استفتاء حر تحت اشراف دولي. 6- اجراء انتخابات عامة وفق الدستور لاختيار الحكومة التي ستدير شؤون البلاد بعد انتهاء المرحلة الانتقالية. وبذلك يبدأ العراق عهداً جديداً وفي اعتقادي انه إذا ما تعود الشعب العراقي على ممارسة الديموقراطية فإنه لن يسمح لأي كان فرداً كان أو حزباً أو فئة لو طائفة ان يحكم بالقوة والبطش. أحمد الحبوبي وزير سابق - قومي مستقل مقيم في القاهرة 1- لا اعتقد ان مواطناً عراقياً "صالحاً" يؤيد الضربة الجوية الأنكلو - أميركية، لأنها في اعتقادي تصيب بالأذى والضرر الشعب العراقي وبنيته التحية وقد لا تضر النظام. وبخصوص الضربة الأخيرة، التي أشجبها، استثمرها النظام العراقي لصالحه كما شاهدنا التأييد "الشعبي" الذي حصل له في البلاد العربية والاسلامية وغيرها. فأنا لا اؤيد هذه الضربة، بل ادينها. 2- لا أعرف ابعاد المشروع الأميركي - الغربي للتغيير في العراق. فإذا كان موجوداً لم اطلع عليه وان كنت في الأساس أشك في مثل هذه المشاريع التي لا تصب في صالح العراق بل تستهدف أول ما تستهدف المصالح الأميركية الأساسية، اقتصاداً وأمناً ولصالح اسرائيل كما هو معروف وجار. 3- المعارضة في الخارج انما هي عامل مساعد وفاعل في سبيل انشاء البديل الديموقراطي الذي تتطلع اليه وفي تفعيل المعارضة الوطنية في الداخل. ونحن بحاجة الى مشروع موحد بدلاً من بعثرة الجهود، وأنا اؤمن ان الذي يقوم بالتغيير هو الداخل الوطني. 4- قد يكون من المطلوب توفر مرحلة انتقالية، وحسبما تمليه ظروف التغيير لضبط الوضع الداخلي من الانفلات، وربما كانت هذه الفترة قصيرة، ومحدودة، يصار بعدها الى الشعب العراقي يمسك بالأمور، كان ذلك أفضل لمستقبل العراق. ويتوقف حصول اصطدامات مجازر على القائمين على التغيير ومدى فهمهم ووعيهم للأمور والمخاطر وامكان سيطرتهم على الأوضاع الداخلية. وهذا لا يتم إلا من خلال قيادة واعية ووطنية ومخلصة. ان القلق والتخوف من اصطدامات ومجازر أمر مشروع ولكن قيادة معروفة المواقف الوطنية قادرة على تلافي ذلك وتكون عنصر تطمين للشعب. 5- عراق المستقبل هو العراق الموحد والمتآخي، الديموقراطي، وهو ما يسعى له أي مشروع وطني. وليس صعباً على القوى الوطنية اقامة مشروع للتغيير يضم كل التيارات والأحزاب والفئات والاثنيات، ينبذ الخلافات والعصبيات والأفضليات وحبذا لو قامت جبهة وطنية تتصدى لتحقيق هذا المشروع. عبدالرزاق الصافي الحزب الشيوعي العراقي 1- سبق رفضنا للضربة الجوية الأنكلو - أميركية وقوعها. وأكدنا ان: لا للخيار العسكري، لا للحصار الاقتصادي على الشعب العراقي، لا للديكتاتورية. وكان هذا موقفنا في شباط الماضي عندما خيم شبح مماثل على شعبنا ووطننا. واسبابنا في هذا الموقف هي: ان هذه الضربات ليس من شأنها سوى الاضرار بشعبنا ووطننا وتعريض حياة مواطنين أبرياء الى الهدر. وهي بالتالي ضربات لا تمس قدرة النظام على البقاء رغماً عن إرادة الشعب، ان لم تكن تمده بما يعزز ادعاءاته الكاذبة ب "معاداة الامبريالية" و"الدفاع عن السيادة الوطنية" التي مرغها بالوحل وفرط بها منذ "خيمة صفوان". وكذلك لأن هذه الضربات تشوش نظر أوساط واسعة من الجماهير العربية والاسلامية التي تتضامن مع شعبنا ضد الحصار الجائر والعسف والغطرسة الأميركيتين وليس مع الديكتاتورية وارهابها وحصارها القاسي على الشعب. 2- ان المشروع الذي جسده ما يسمى "قانون تحرير العراق" هو محاولة أميركية لفرض الهيمنة على المعارضة العراقية والتحكم بمستقبل العراق. وخدمة المصالح الأميركية بالأساس. ونحن نرى ان تغيير النظام القائم هو شأن داخلي وحق وصلاحية شعبنا. لذلك فاننا لا نؤيد مثل هذا المشروع، مع أهمية وضرورة وشرعية التضامن العالمي مع شعبنا للخلاص من الديكتاتورية. وتقديم أية مساعدة نزيهة، معنوية أو سياسية دون التدخل في شؤونه الداخلية. وهنا نريد التأكيد على أن انتقال الادارة الأميركية الى ما يسمى "الاحتواء زائداً التغيير" يتطلب على المديين القريب والمتوسط ادامة العقوبات الاقتصادية ومواصلة استخدام القوة العسكرية لضمان ابقاء النظام داخل "الصندوق" المزعوم. 3- ان فصل المعارضة في الداخل - داخل الشعب وليس داخل النظام فقط، عن المعارضة في الخارج أمر غير صحيح. فإقامة البديل الذي ينشده الشعب على يد معارضة في الخارج ولا علاقة لها بالداخل، أمر مستحيل ولا يستوي مع حقيقة الأمور. كما ان القوى والأحزاب الوطنية من شيوعيين واسلاميين وقوميين وقوى ديموقراطية أخرى موجودة وتمارس نشاطها في الداخل في ظروف صعبة جداً وهي تتفاوت من حيث النفوذ والتأثير. اما عن البديل من داخل النظام فنحن لا نشك بوجود عناصر وطنية في القوات المسلحة وخارجها تتحسس عظيم الكارثة التي سببها النظام وتتحين الفرص للخلاص منه. ونحن سندعم بكل ما نملك من قوة أي بديل يأتي منها إذا كان يستهدف تخليص شعبنا من الديكتاتورية ويستجيب لمطلبه بنظام ديموقراطي يستند الى إرادة الشعب. 4- ان أطروحة المجازر والاصطدامات والنزوح السكاني هي مما يروج له النظام وأعوانه. وترجمتها العملية: أيها الوطنيون اتركوا النضال للخلاص من الديكتاتورية لأن هناك أخطاراً. ان ما يبدد المخاوف من هذه المخاطر ليس بالقليل. فقوى المعارضة حرصت في كل مواثيقها منذ عشرين عاماً على الالتزام بالبديل الديموقراطي المستند الى ارادة شعبية حرة معبر عنها بانتخابات نزيهة، وباقامة مجلس تأسيسي يشرع دستوراً دائماً للبلاد يضمن الحريات والحقوق الديموقراطية والقومية للشعب الكردي وبقية القوميات ويحرص على وحدة العراق وسيادته الوطنية الكاملة. ولا شك ان تحقيق كل ذلك يحتاج الى فترة انتقالية تتولاها حكومة ائتلافية مؤقتة. وهي فترة لا يجب أن تطول ليصار بعدها الى الاحتكام للشعب لتشكيل حكومة تقوم بإدارة دفة الحكم وفقاً للدستور. 5- ان بعض ما ورد في اجاباتنا السابقة يوضح أي بديل يطرحه حزبنا. وهو بديل ينطلق من مصالح شعبنا العليا وحقه الذي لا ينازع في تقرير مصيره. وسبق لنا أن قدمنا في برنامجنا المتكامل لحل الأزمة الوطنية المستعصية في المشروع الذي أقره مؤتمرنا الوطني المنعقد عام 1997. سامي العسكري المكتب السياسي لحزب الدعوة الاسلامية في العراق 1- رفضنا دوماً أية ضربة عسكرية توجه الى العراق سواء أكانت أميركية أم غيرها. واعتبرناها عدواناً وانتهاكاً صارخاً لحقوق الشعب العراقي. وبخصوص الضربة الأخيرة أكدنا شجب هذا العمل العدواني الذي يفتقد الى أية مبررات واقعية على رغم كثرة التبريرات التي قدمتها الحكومتان الأميركية والبريطانية. نحن نعتقد ان الشعب العراقي هو الضحية الأولى والمباشرة لأي عمل عسكري من هذا القبيل الذي يأتي على ما تبقى من ثرواته الاقتصادية، وأن صدام هو المستفيد منه، خصوصاً انه لا يطاله شخصياً أو أي فرد من أفراد أسرته التي تمسك بمقاليد الحكم في العراق. فضلاً عن ان الضربة تكسبه تعاطفاً شعبياً واسعاً في الساحتين العربية والاسلامية. ان الأهداف المعلنة للهجمات الجوية تستهدف اضعاف قدرات العراق العسكرية والاقتصادية من دون النظام العراقي وهذا ما يلقى رفضاً واستنكاراً واسعين من قبل شعبنا العراقي وقواه السياسية المعارضة. 2- أي حديث عن تغيير من الخارج هو حديث غير واقعي. ومنذ تصديق الكونغرس الأميركي على "قانون تحرير العراق" ونحن نسمع تصريحات عديدة يدلي بها سياسيون أميركيون وبريطانيون لم تتجاوز الأقوال العامة والشعارات ولم تتجسد في مشروع واضح المعالم حتى يمكننا التحدث عن مشروع اميركي أو بريطاني. نحن نعتقد أن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية اخلاقية في الوقوف مع الشعب العراقي في محنته التي يعيشها في ظل القمع والاضطهاد وفي ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة على العراق منذ أكثر من ثماني سنوات. 3- ان مهمة اقامة البديل والتغيير السياسي في العراق هي قضية عراقية يتحمل مسؤوليتها الشعب العراقي وقواه المعارضة، داخل العراق وخارجه. والمعارضة العراقية في الخارج ليست بديلاً عن المعارضة في الداخل بل هي رديف وامتداد لها. وكلاهما له دور مهم في احداث التغيير المنشود، ولكن الصياغة النهائية لشكل الحكم هي من حق الشعب العراقي بكل قومياته ومذاهبه وطوائفه الدينية وبمشاركة كل قواه السياسية دونما استبعاد لتيار فكري أو اتجاه سياسي. 4-أكد حزب الدعوة انه في المرحلة التي تعقب سقوط النظام مباشرة لا بد أن تتولى ادارة البلاد حكومة انتقالية مؤقتة تتشكل من القوى السياسية الممثلة لمختلف شرائح المجتمع. وتقوم هذه الحكومة بتهيئة المناخ المناسب لصياغة دستور دائم لبلاد تتشكل في ضوئه الحكومة الدائمة. وفي مقدمة تلك التهيئة الغاء المؤسسات القمعية التي انشأها النظام والغاء القوانين الاستثنائية والشاذة التي تتنافى مع حقوق الانسان، واتخاذ الاجراءات اللازمة لتنظيم عودة العراقيين المهاجرين والمهجرين، وتأمين ممارسة الحرية السياسية والنقابية والاجتماعية وحرية الصحافة وغيرها مما يؤمن اجراء الانتخابات الحرة والمباشرة وانتخاب أعضاء المجلس التشريعي الذي يتولى إعداد دستور دائم لبلاد يعرض للتصويت عليه من قبل الشعب. أما بخصوص المخاوف فهذا - في تقديرنا جزء من الحملة الإعلامية التي يقف وراءها النظام العراقي لزرع الخوف في الأوساط السياسية الاقليمية والدولية وتصوير بقاء صدام كضمانة وحيدة لوحدة العراق واستقراره. 5- ان المشروع الوطني لعراق المستقبل لا بد من ان تتوافر فيه جملة من الشروط: 1- ان يجسد هذا المشروع إرادة الشعب العراقي وتطلعاته المشروعة في حياة حرة كريمة تزول فيها عوامل القهرو الإذلال، يأمن الانسان فيها على حياته وماله وعرضه وكرامته، ويمارس دوره الايجابي في بناء الوطن ورفعته. 2- ان يضمن المشروع وحدة العراق ارضاً وشعباً ويعيد اليه سيادته الوطنية المستباحة بفعل سياسات النظام وحروبه العدوانية. 3- ان يقوم هذا المشروع على أساس المشاركة الطوعية والحرة لكل فئات الشعب العراقي ومكوناته السياسية والاجتماعية، دونما استبعاد لأية قوة سياسية أو شريحة اجتماعية من شرائح المجتمع العراقي في الحياة السياسية العامة. 4- ان يكون رأي الأمة ومن خلال صناديق الاقتراع هو الأساس في صياغة سياسات البلاد الداخلية والخارجية، وان يضمن المشروع تداول السلطة سلمياً بين مختلف القوى السياسية العراقية. 5- ان يعمل المشروع على ازالة كل عوامل التمييز العرقي والطائفي التي زرعها النظام في مختلف مرافق الحياة العامة، وان يتيح لكل العراقيين الفرصة في المساهمة في بناء وطنهم على أساس الكفاءة والاستعداد فقط. 6- ان يشكل المشروع الوطني خطوة أولى وأساسية في إعادة صياغة علاقات العراق مع جيرانه وأشقائه ودول العالم بالشكل الذي يزيل فيه المخاوف التي أوجدتها سياسات النظام البعثي، وان يتخذ الخطوات الضرورية لإعادة التضامن العربي والاسلامي، وبناء علاقات مع دول العراق على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. 7- ان ينطلق المشروع في تحقيق ذلك كله من مصلحة الشعب العراقي وحقه في العيش آمناً في بلاده، وممارسة دوره الحضاري والانساني اسوة ببقية الشعوب والأمم.