لم تكن بورصة بيروت في منأى عن انعكاسات الأزمات المالية التي ضربت الأسواق الناشئة في 1998. لكن التأثيرات ظلّت أقل من تلك التي واجهت البورصات في بعض الدول العربية والأسواق الناشئة. وقال رئيس لجنة إدارة بورصة بيروت، غبريال صحناوي، في حديث الى "الحياة" ان اجمالي حركة التداول في البورصة في 1998 الماضي بلغ 22،24 مليون سهم، بتراجع نسبته 28 في المئة عن عام 1997 تبلغ قيمتها الإجمالية 46،330 مليون دولار أميركي، بتراجع نسبته 48 في المئة. ولفت الى ان "المؤشر غير الرسمي لنشاط البورصة سجل تراجعاً نسبته 18 في المئة" في 98. وعزا صحناوي هذا التراجع الذي "بقي أدنى من التراجع الذي سجّلته بعض البورصات العربية والبورصات في الأسواق الناشئة الأخرى" الى عوامل عدة. وقال ان "أول الأسباب، الأزمات التي عصفت بأسواق جنوب شرق آسيا وروسيا وأسواق أميركا اللاتينية، ما أدى الى تراجع تدفّق الاستثمارات اليها بما فيها بيروت". وأضاف ان عوامل سياسية محلية انعكست على أداء البورصة، مشيراً الى ان "عام 1998 كان عام الاستحقاقات كالانتخابات البلدية والانتخاب الرئاسي ما دفع بالمستثمرين الى التريّث في التوظيف في أسهم البورصة، مفضّلين التوجّه الى سندات الخزينة اللبنانية بسبب ارتفاع معدلات الفوائد عليها". ولفت الى "عامل إيجابي شهدته البورصة على رغم التراجع في نشاطها، هو ادراج ثلاث شركات جديدة العام الماضي بلغت قيمتها الترسملية نحو 80 مليون دولار أميركي"، مشيراً الى "ادراج مصرف جديد في مطلع السنة الجارية، ودخول قطاع اقتصادي جديد الى البورصة هو قطاع التأمين. إذ وافقت البورصة على ادراج أسهم شركة سنا ليبدأ التداول بها مطلع شباط فبراير المقبل. وهكذا، أصبحت ردهة بورصة بيروت تضم كل القطاعات الاقتصادية من عقارية وصناعية ومصرفية واستثمارية وتجارية وتأمين". وعن أداء أسهم المصارف، قال صحناوي ان "القطاع المصرفي اللبناني هو الأنشط كما هو الوضع في البورصات الناشئة، كونه مربحاً. لكن الأسعار تأثرت بالأزمات العالمية خصوصاً أن لمعظمها أدوات مالية مسجلة في أسواق خارجية، مثل لندن ولوكسمبورغ وغيرها، ومن الطبيعي أن تتأثر أسعارها بالأداء العالمي، ما ينعكس تلقائياً على أسعارها محلياً". وذكر ان "أسعار أسهم المصارف في 1997 سجلت ارتفاعات راوحت بين 100 و110 في المئة". وبالنسبة الى أسعار شركة أسهم "سوليدير" التي تشكّل 70 في المئة من رسملة البورصة، وسجّلت أسعارها قبل شهر تقريباً تراجعاً الى سعر أدنى من السعر الأساسي. قال صحناوي: "لا شك أن سوليدير هي أكبر شركة في لبنان، ومن الشركات العشر الأولى في الدول العربية. وكان لتقلّص حجم السيولة في العالم وجمود الحركة في القطاع العقاري اللبناني تأثير مباشر على الأسعار. فقبل وقوع أزمة آسيا كانت قيمة حجم التداول اليومي بسوليدير 6 ملايين دولار". ولخّص أسباب انخفاض سعر سهم "سوليدير" بأنها "عرض وطلب"، لافتاً الى أن "عام 1998 كان عام عرض في حين كان الطلب مسيطراً في 1997، فضلاً عن أن السوق اللبنانية لا تزال غير ناضجة، إذ أن المستثمرين إمَّا يبيعون وأما يشترون". وعن التوقعات لنشاط البورصة في 1999، ربط صحناوي "تحسن أدائها بتحسّن الأوضاع في الأسواق الناشئة والوضع الاقتصادي الداخلي". وقال: "إذا تراجعت حدّة الأزمات العالمية ورأى المستثمرون أن خطة الحكومة جادّة في تقليص العجز في الموازنة، فإن نشاط البورصة سيتحسّن". وعن الاتجاه الى التسعير باليورو الى جانب الدولار الأميركي، قال صحناوي "اننا سنترقّب التطورات واتجاه سعر اليورو"، معتبراً ان "العملة الأوروبية الموحّدة مهمة للسوق اللبنانية كون نسبة كبيرة من اجمالي المبادلات مع الخارج تتم مع أوروبا". واضاف "اننا سننتظر سنة لترقّب أدائه، وإذا وجدنا أن معظم المستثمرين اللبنانيين غيرالمقيمين الذين يتعاملون مع البورصة ونسبتهم نحو 40 في المئة يقيمون في أوروبا، عندئذ فاننا سنعتمد التسعير باليورو الى جانب الدولار". وعن احياء مشروع القانون الخاص بتأسيس هيئة الرقابة على الأسواق المالية، قال صحناوي ان "قيام هذه الهيئة ضروري جداً لتنظيم الأسواق المالية، وهي قياساً الى حركتها وحجمها مهمّة جداً. ونحن مستعدون لمناقشة المشروع الذي أحلناه على وزارة المال في عهد الحكومة السابقة للإسراع في اقراره في المجلس النيابي".