اشتد الزحام في الايام القليلة في سوق الموسكي الشعبي في القاهرة بسبب تهافت المواطنين على شراء ملابس "العيد" الجديدة لهم ولاطفالهم، وتحولت المنطقة الى دائرة مغلقة يصعب السير فيها على الاقدام. وشهرة هذا الشارع ليست وليدة الصدفة، لكنها بدأت منذ ما يزيد على مئة عام، وتحديداً وقت الحملة الفرنسية على مصر عام 1798، إذ اهتم الفرنسيون بهذه المنطقة وأطلقوا كلمة "موسكه" الفرنسية على الشارع الرئيسي فيها ومعناه بالعربية مسجد، ثم تم تحريفها بعد ذلك الى موسكي. لكن قصصاً اخرى تشير الى ان الامير عزالدين موسك - احد الامراء في عهد صلاح الدين الايوبي - هو الذي انشأ المنطقة، وان الفرنسيين اهتموا بها. وكان يوجد في المنطقة قنطرة اطلقوا عليها اسم الموسكي، وكانت تتقاطع وشارع الخليج المصري، لكن تم ردم هذه القنطرة، واطلق على المنطقة بعد ذلك اسم العتبة الخضراء. وفي عهد محمد علي استشار العلماء ليحددوا له عرض شارع الموسكي المناسب لأنه قرر تشييد مبان على جانبيه، فتحدد له ثمانية امتار تكفي لمرور جملين محملين بالبضائع، وهو ما جاء في كتاب "الخطط التوفيقية" لعلي باشا مبارك. وتحول الشارع بعدها الى مركز تجاري يتجمع فيه التجار المصريون والشوام والايرانيون واليونانيون لتبادل البيع والشراء. اما منطقة الموسكي حالياً فقد تحولت - خصوصاً بعد الانفتاح الاقتصادي في منتصف السبعينات الى سوق تجارية كبيرة، وتعتبر من اكبر الاسواق في القاهرة، فتوجد فيها آلاف المحلات التي تبيع كل شيء، من مثل الملابس والاجهزة الكهربائية، لذلك يتجمع فيه آلاف الاشخاص يومياً لشراء الملابس، لا سيما في الايام التي تسبق الاعياد. يقول بائع في سوق الموسكي اسمه خليل محمود سيد 36 سنة "لقد ادى الانفتاح الاقتصادي الى تطور هذه السوق بشكل كبير، فالبضائع الاجنبية موجودة جنباً الى جنب مع البضائع المصرية، وهو ما يؤدي الى التنافس ورخص المعروضات، لا سيما الملابس المستوردة التي تباع باسعار رخيصة جداً، وهذا سر جذب السوق مالا يقل عن مليوني شخص يومياً من مختلف انحاء مصر. يقول محافظ القاهرة الدكتور عبدالرحيم شحاتة ان يد التطوير ستصل الى منطقة الموسكي في الخطة التي وضعها مجلس الوزراء ويشرف عليها الرئيس مبارك بنفسه لتطوير القاهرة، إذ يجري حالياً تشييد نفق الازهر والذي سيؤدي فيما بعد الى تنظيم المرور في المنطقة. وأضاف ان التطوير لن يقف عند نفق الازهر فقط، بل سيمتد الى المنطقة بأكملها لتجميل المباني والشوارع الموجودة فيها دون المساس بتاريخها العريق. وقال شحاتة ان تطوير هذه المنطقة بدأ قبل سنوات بنقل الورش والمحلات التي تسبب ازعاجاً خارج الكتلة السكنية، وسيستمر التطوير خلال السنوات المقبلة، بشكل يحافظ على العبق التاريخي للقاهرة. ويقول مصدر امني ل"الحياة" ان الزحام الشديد في منطقة الموسكي يؤدي الى مشاكل كثيرة فهناك خلافات تنشأ بين البائعين والمشترين بسبب الاسعار وقد تصل الى حد الاعتداء بالضرب، بالاضافة الى انتشار النشالين والحرائق، ما يوجب وجود امني مكثّف.