قتل شاب يدعى ستيفان كوليبالي 22 عاماً في إحدى ضواحي باريس الخميس بعد تعرضّه لطعنات عدّة بسكين، خلال مشادة وقعت بين مجموعات متنافسة من الشبان. ويأتي هذا الحادث الذي وقع في منطقة بوفيمون في سياق العنف المتصاعد في ضواحي مختلف المدن الفرنسية. وعمدت الشرطة على اثره إلى اعتقال 13 شاباً للتحقيق معهم. ولا يكاد يمر يوم إلا وتشهد إحدى الضواحي أعمال عنف وشغب وتخريب للمتلكات العامة والخاصة، ما حمل بعض سكانها على التفكير في تنظيم أنفسهم في ما يشبه الميليشيات المدنية، للمحافظة على حد أدنى من الأمن. وكان سائقو حافلات النقل العام في الضواحي الساخنة نفذّوا اضرابا عن العمل مطالبين بإجراءات لوقف الاعتداءات الكلامية والجسدية التي يتعرضون لها خلال ادائهم وظيفتهم. ونفذّ الأساتذة الثانويون في عدد من المناطق اضرابات مماثلة، تعبيراً عن استنفاذهم القدرة على مزاولة عملهم في ظل ما يتعرضّون له على أيدي التلاميذ من اهانات وعنف. هذا الواقع عكسه تقرير صادر عن الشرطة الفرنسية أفاد ان نسبة المخلّين بالأمن في صفوف الشباب، سجّلت خلال سنة 1998 الماضية ارتفاعا بلغت نسبته 8،12 في المئة، وعكسته تصريحات رئيس الحكومة ليونيل جوسبان ووزير الداخلية جان بيار شوفنمان. ففي إطار حديثه عن التوجهات الرئيسية لحكومته لمناسبة السنة الجديدة، أكدّ جوسبان أن الأولوية ستكون لمعالجة التردّي الأمني، الذي يحل، بالنسبة اليه، في المرتبة الثانية بعد معالجة البطالة. أما شوفنمان، فأكدّ من جهته أن الأولوية في اطار عمل وزارته ستكون لإعادة سيطرة الدولة على الضواحي. وأتبع هذه التصريحات، تفصيلا لسبل المعالجة، فرأى شوفنمان أنه لا بدّ من التعامل بحزم مع المخلين بالأمن وإنشاء مراكز خاصة لاحتجازهم وإبعادهم عن مناطق اقامتهم. واعتبر شوفنمان ان مثل هذا الأبعاد بات ضرورياً، بعد فشل الأساليب التي اعتمدت حتى الآن وقضت بإرغام المخلّين بالأمن على القيام بأعمال ذات منفعة عامة لفترات تتفاوت من خطورة ما ارتكبوه من أعمال. ورأى أن حالة "البؤس الاجتماعي" لم تعد عذرا كافيا للتخفيف من شأن أعمال هؤلاء الشبّان وإبداء قدر من التسامح معهم. ووافق جوسبان وزير داخليته إبعاد الشبان المخلين بالأمن عن مناطق اقامتهم، للحد من قدرتهم على الايذاء، لكنه بخلافه، رفض إنكار أهمية العامل الاجتماعي والاقتصادي في حالتهم. فشدّد على أن جذور التردّي الأمني تكمن في واقع التدهور الاقتصادي والاجتماعي القائم في الضواحي، مؤكدا ضرورة التعامل المتوازن مع هذه القضية. ومن المرتقب في هذا الاطار ان ينعقد "مجلس الامن الوطني" الذي يضم وزراء الداخلية والدفاع والعدل والشؤون الاجتماعية، قبيل نهاية الشهر الحالي، لتحديد خطة متكاملة للتعامل مع أوضاع الضواحي.