عقد المسؤولون عن منظمات أهلية معنية في شؤون الضواحي والمديرون العامون لأجهزة الأمن الفرنسية أمس، لقاء حول طاولة مستديرة دعا إليه وزير الداخلية الفرنسي بريس هورتيفو، في بادرة تهدف الى تهدئة التوتر وأعمال الشغب المتصاعدة في الضواحي. وضم اللقاء ممثلين عن 17 جمعية أهلية والمديرين العامين لأجهزة الشرطة والجندرمة وشرطة مكافحة الشغب، وأجهزة أخرى معنية بالأمن، إضافة الى سكرتيرة الدولة لشؤون المدينة فاضلة عمارة والمفوض الحكومي الأعلى للتضامن الاجتماعي ومكافحة الفقر مارتان هيرش. ودعا وزير الداخلية الفرنسي الى عقد اللقاء في أعقاب وفاة شاب في ال18 من العمر في بانييوليه (ضاحية سان ساندونيه) نتيجة اصطدام دراجته النارية بجدار من الإسمنت أثناء محاولته الفرار من حاجز للشرطة في 19 آب (أغسطس) الماضي. ويهدف اللقاء، وفقاً لأقوال هورتيفو، الى تأسيس «حوار هادئ ودائم» بين مسؤولي الجمعيات الأهلية وسكان الضواحي من جهة، والشرطة من جهة أخرى. ويعكس الشعور السائد حالياً لدى كلا الطرفين وجود تباين عميق يؤجج التوترات والمناوشات المتكررة في الضواحي الفرنسية. ويعتبر أهل الضواحي أن الشرطة تعتمد حيالهم سلوكاً استفزازياً، وتتصرف معهم بأساليب غير لائقة، في حين يتعامل رجال الشرطة مع شباب الضواحي باعتبارهم مصدر عنف وتهديد لهم. وعلى رغم ترحيب الطرفين باللقاء وتأكيد استعدادهما للتعاون وإنشاء مجموعات عمل مشتركة تضم عاملين في جمعيات أهلية ونقابيين من رجال الشرطة، فهم لا يعلقون أوهاماً كبيرة على ما سيسفر عنه نشاط مجموعات العمل هذه. وسيخفض التعاون في إطار هذه المجموعات الخوف المتبادل بين سكان الضواحي وقوات الأمن، لكنه لا يكفل تسوية المشاكل المتراكمة في هذه المناطق والتي تولد العنف لدى شبابها. ويرى مراقبون أن الشعور بالتهميش والعزل والاستبعاد، إضافة الى الفشل الدراسي والبطالة التي تطال نسبة 35 في المئة من شباب الضواحي الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 سنة، كلها مشكلات لن تعالج إلا عبر مزيد من التعارف والتقارب مع رجال الشرطة. لكن هذا الواقع لا يمنع من محاولة العمل على إحلال قدر من الانسجام بين أهل الضواحي وعناصر أجهزة الأمن التي باتت أكثر استهدافاً من السابق، وتتعرض لهجمات أكثر عنفاً من السابق، خصوصاً مع بدء ظهور أسلحة نارية في أيدي بعض الشباب. وتفيد الأرقام المتوافرة في هذا الإطار أن الاعتداءات على عناصر الأمن سجلت ارتفاعاً قياسياً بلغ 26177 اعتداء، أي بنسبة 12 في المئة مقارنة بسنة 2005 التي اعتبرت سنة عنف استثنائية حيث شهدت انتفاضة الضواحي التي استمرت على مدى ثلاثة أسابيع.