لم يعد الغولف لعبة يهواها ذوو الياقات البيضاء والصفوة ورؤساء الشركات والجمهوريات، ولكنها اتخذت في مصر شكلاً مسايراً لموضة العصر الحديث من حيث ضخامة الاستثمارات المنفقة عليها والعائدات التي تدرها والتي تفوق حجم الاستثمارات الموظفة. والجديد الابرز في مصر هو استغلال مدن الغولف لإنشاء استثمار عقاري من النوع "السوبر"، لكل من لا يرغب في اقتناء فيللا أو قصر خاص يشيده كما يحب ويطل كما تتيحه مدن الغولف على مساحات خضراء لا تقل عن ستة كيلومترات، تتوسطها بحيرات اصطناعية وأشجار ويمتد البصر فيها إلى ما لا نهاية حيث تتطابق السماء مع الأرض الخضراء فلا تصطدم بأي عائق اسمنتي يعكر عليها سحر المنظر. وتشترك مدن الغولف في عوامل محددة وتختلف أيضاً حسب الامكانات الاستثمارية المنفقة عليها، فمثلا جميعها يتوسطها مبنى النادي الذي غالباً ما يكون على الطراز الانكليزي بكل أبهته المعمارية. ويتكون من صالات للعبة البريدج وجيمنازيوم للسيدات وآخر للرجال وحمام صحي. وتبلغ كلفة إنشاء المدينة الواحدة نحو ربع بليون جنيه مصري، إضافة الى كلفة صيانة سنوية تبلغ مليون جنيه حتى يحتفظ النادي بمستواه اللائق بعملائه، وهم غالباً من الأجانب المقيمين في مصر والبالغ عددهم 80 ألف خبير منهم 60 ألفاً من عاشقي رياضة الغولف. ويجب أن يكون ملعب الغولف على مساحة كبيرة مستوية فيها تلال بسيطة وان يضم ما لا يقل عن 18 حفرة، ومساحة الملعب الذي يتمتع بمواصفات دولية يجب ألا تقل عن ستة كيلومترات، وهو المقياس الدولي المتعارف عليه. والجزء الذي يفصل البداية والنهاية والتي يتم اجتيازها في ثلاث أو أربع ضربات يسمى باراً، وتتكون حقيبة اللاعب من 14 مضرباً منها تسعة ذات رؤوس حديد وخمسة ذات رؤوس خشبية ولها مقاسات مختلفة للجنسين، بالإضافة الى قفاز ليد واحدة فقط وعربة نقل. ولأن اللعب يتم على مساحة مكشوفة، فهو بحاجة الى حذاء مخصص للغولف فيه مسامير للحفاظ على نظام تهوية التربة وأيضاً حتى لا ينزلق اللاعب اثناء اللعب. كما يحتاج اللاعب الى تي شيرت، وأحياناً الى حقيبة ثلج للاحتفاظ بالمشروبات مثلجة فترة اللعب. وعادة ما تستمر مباراة الغولف من ساعة الى خمس ساعات. ويراوح سعر الحقيبة بالمحتويات التي سبق ذكرها بين 1500 وأربعة آلاف دولار أميركي. ويعتبر الغولف لعبة صعبة، ويحتاج الى خبرة كبيرة لا تتوافر إلا بالاحتكاك في المباريات والتمرين، ويحتاج الفرد من اربع إلى خمس سنوات ليصير محترفاً. ويوفر الغولف للاعبيه التركيز العقلي والمرونة الجسدية وأيضاً القوة، إذ يمشي اللاعب مسافة كبيرة اثناء اللعب، ولا ترتبط رياضة الغولف بسن معينة، ومن الممكن أن يظل الفرد يمارسها حتى سن متقدمة. وهناك حالياً قرابة 16 مدينة غولف في مصر، منها ما هو تحت الإنشاء مثل "الميراج" التي يملكها رجل الأعمال منير غبور في الطريق الدائري للسويس، ومدينة غولف في مدينة العبور تملكها "شركة درة للمقاولات". أما ما تم الانتهاء منه فهو مدينة "القطامية هايتس" التي يملكها رجل الأعمال خالد أبو طالب رئيس "الاتحاد المصري للغولف"، ويشاركه فيها شقيقه ومعهما أيضا رجل الأعمال محمد ثابت، وتعتبر من اولى مدن الغولف في مصر، وتبعد عن ضاحية المعادي نحو ربع ساعة فقط، ما جعلها منطقة جذب لمعظم السفراء والديبلوماسيين. وتبلغ مساحة المدينة 5.1 مليون متر مربع 150 هكتاراً وتتكون من ملاعب غولف وإسكواش وثلاثة ملاعب تنس وسلة وكرة يد وخمس بحيرات اصطناعية وحمام سباحة، بالإضافة الى مبنى النادي. وتشكل نحو 300 فيللا شكل نصف دائرة حول المدينة، وتبلغ مساحتها نحو ستة في المئة من مساحة المدينة، ويملكها نجوم المجتمع المصري مثل الفنانة فاتن حمامة والفنان حسين فهمي وغيرهما من نجوم الفن والمال. ويناهز إجمالي الاستثمارات في المدينة 500 مليون جنيه مصري، وهناك وسيلتان للاشتراك في المدينة، الأولى تقتضي دفع مبلغ 20 ألف جنيه مصري كرسم اشتراك ثم 2000 جنيه اشتراكاً سنوياً للعائلة، و1250 جنيها للفرد، والوسيلة الثانية لا تقتضي دفع رسم اشتراك، ولكن يتم دفع خمسة آلاف جنيه رسماً سنوياً للعائلات واربعة آلاف جنيه للفرد، وذلك تشجيعاً للأجانب العاملين في السفارات المختلفة، والذين لهم مدد محددة للإقامة. وعلى بعد دقائق من "القطامية هايتس" تقع مدينة "الميراج" على مساحة 135 هكتاراً، ويحاول منير غبور ان يدخل فيها كل ما هو جديد. وتحوي المدينة عشر بحيرات اصطناعية، إحداها ذات موج اصطناعي ومجموعة من النوافير الجميلة يبلغ ارتفاعها تسعة أمتار، ومصممة آلياً لينخفض منسوب مياهها في حالة هبوب هواء شديد حتى لا تفسد النجيلة السندس الاخضر، بالإضافة إلى ملعب للتنس وقاعات للبلياردو. وبلغت كلفة نادي الغولف 100 مليون جنيه مصري. ويقول رئيس "اتحاد الغولف المصري" السابق رئيس مجلس الادارة السيد محمود عرفان: "تختلف ملاعب الغولف عن بعضها البعض، فليس هناك ملعبان متشابهان، ويفضل اللاعبون تغيير ملعبهم، لذا نجدهم ينتقلون من ملعب الى آخر، ومن هنا جاء تفاوضي مع خالد أبو طالب بأن نتبادل العملاء، وبذلك نصبح مكملين لبعضنا البعض وغير متنافسين". وستشيد سلسلة "ماريوت" العالمية فندقاً لها في المدينة، بخلاف الفيللات والقصور، نحو 200 فيللا من المقرر اقامتها حول المدينة على مساحة 60 هكتاراً، وتتراوح مساحتها بين ألف الى ثلاثة آلاف متر مربع، ويصل سعر متر البناء الى 1200 جنيه، وتفصل بينها مساحات خضراء، وهناك نماذج مخططة لهذه القصور، حتى لا يتم انشاؤها بطريقة غير متناسقة وشرط عدم تجاوز طابقين فقط. أما رئيس مجلس ادارة شركة "سما" للاستثمارات الدكتور حسن راتب فاختار الأقصر ليقيم في شمالها وعلى بعد أربعة كيلومترات من مطارها مدينة "غولف لاند" التي افتتحت في مناسبة الاحتفال بأوبرا عايدة في كانون الأول ديسمبر 1997. وتقع المدينة على مساحة 2،2 مليون متر مربع، وبلغت استثماراتها نحو 337.1 بليون جنيه مصري، وتضم ملعب غولف تبلغ كلفته 37 مليون جنيه، بالإضافة الى الفنادق ودور السينما والمسرح والمحلات التجارية. ويعلل راتب اختياره للأقصر بقوله: "نظراً الى ان الأقصر تعتبر مدينة للعابرين -أي للسياح - ولا سيما في فصل الشتاء بفضل جوها الدافئ وآثارها الرائعة فكرت في عدم تمليك الفيللات التي يبلغ عددها 250 فيللا صغيرة الحجم، والتي ينتهي العمل فيها خلال ثلاث سنوات، واخترت نظام الإيجار تماشياً مع طبيعة المدينة الهادئة طوال العام، كما شيدنا اربعة فنادق ضخمة حول المدينة تبلغ كلفة الفندق الواحد منها 100 مليون جنيه، ومركزاًَ تجارياً ضخما"ً. وأخيرا تأتي مدينة "غولف دريم لاند" للدكتور أحمد بهجت والمقامة على مساحة 350 فداناً في مدينة السادس من أكتوبر، وتزيد استثماراتها على 250 مليون جنيه مصري. وافتتح اللعب فيها الرئيس مبارك في شهر حزيران يونيو الماضي، ولكن لم يتم استكمال إنشاء فندقها بعد. وتحوي المدينة ملعباً للتنس على غرار ملعب رولان غاروس، وتبلغ مساحة الملاعب 48 هكتاراً، وتشكل الأهرام خلفية ممتازة للملاعب. وتشرف على الإدارة شركة أجنبية متخصصة في إدارة المشاريع العالمية، ومبنى النادي مكون من غرف لتغيير الملابس وجيمانزيوم وحمام سباحة خاص للسيدات وآخر للرجال. والمبنى مصمم على الطراز الإنكليزي، ونادي الغولف مصمم بأبعاد الهرم الأصغر منقرع، ويتخذ شكل الأهرام في نهايته، ويحوي أيضاً فندقاً مكوناً من 90 جناحاً وصالة حفلات ومطاعم رئيسية وصالة للعبة البريدج. ويتسع الملعب لنحو 300 لاعب غولف في اليوم، ولكن في الغالب لن يقبل المسؤولون عن النادي عضوية اكثر من الفي مشترك ليتاح لهم التمتع بكل المزايا والتسهيلات في المدينة. ويقول العاملون في القطاع ان مدن الغولف لن تكون في وضع تنافسي بل تكاملي. لا بل ربما كانت هناك حاجة الى عدد آخر من المدن، واقيم نحو 2180 فيللا حول ملاعب الغولف بمساحات تبدأ من 700 متر، وتبلغ كلفة الفيللات 140 مليون جنيه، بالإضافة الى انشاء وحدات سكنية في شكل عمارات متدرجة يبلغ عددها نحو 2700 وحدة سكنية تبلغ كلفتها 750 مليون جنيه، وتم حتى الآن بيع المرحلة الاولى. ويؤكد اصحاب المشاريع ان الاستثمار العقاري التابع لمدن الغولف يكفي وحده لتغطية تكاليف الملاعب وجعل المشروع مثمراً من الناحية المادية