عقد مجلس العموم البريطاني أمس جلسة طارئة لمناقشة مشروع قانون جديد لمكافحة الارهاب. وجاء تقديم مشروع القانون إثر الهجوم الارهابي الشهر الماضي على بلدة أوماه في ايرلندا الشمالية الذي قتل فيه 28 شخصا. ويستهدف القانون، إضافة الى "الارهاب الايرلندي" الناشطين الاجانب، خصوصا من الشرق الأوسط، المقيمين في بريطانيا. وقال رويترز رئيس الحكومة البريطانية توني بلير أمام مجلس العموم أمس ان التشريع الجديد "رد فعل متناسب وموجّه لهدف محدد ... للتعامل مع جماعات صغيرة وشريرة من الرجال العنيفين الذي يسعون الى تدمير الامال بالسلام الذي تتوق اليه الغالبية العظمى وصوتت له". لكن نواباً من مختلف الاحزاب البريطانية ردوا بانتقاد التشريع الجديد. وطالب دونالد اندرسون، رئيس لجنة الشؤون الخارجية من حزب العمال الحاكم، باسقاط المواد التي لا تتعلق بايرلندا من التشريع المزمع تبنيه. أما النائب المحافظ ريتشارد شيبارد فقال ان القانون الجديد يقيّد الحريات العامة، معتبراً ان مجلس العموم يُدفع دفعاً الى تبنيه، في إشارة الى الوقت القصير الذي سيعطى الى البرلمان ست ساعات لاقرار تشريع مُعقّد مثل التشريع الجديد لمكافحة الارهاب. وقالت غوينيث دنوودي من حزب العمال ان لديها "تحفظات كبيرة" عن القانون، فيما قال النائب العمالي القديم توني بن ان تقديم التشريع الى البرلمان يُشبه "دعوة مجلس السوفيات الأعلى الى تنفيذ تعليمات اللجنة المركزية" في الاتحاد السوفياتي السابق. ويواجه التشريع المزمع تبنيه انتقادات حادة من هيئات حقوق الانسان والدوائر الاسلامية في لندن. وأصدر المجلس الاسلامي لبريطانيا بياناً حذر فيه من ان القانون سيزيد من شعور العزلة لدى أبناء الجالية المسلمة، كما قد يفتح المجال أمام استعمالات خاطئة لمواده. ووجهت "هيئة حقوق الانسان الاسلامية" رسالة الى النواب البريطانيين تحضهم فيها على التصويت ضد التشريع. ومن الاهداف الرئيسية للقانون تسهيل ادانة المتهمين بالانتماء الى منظمات ارهابية، من ضمنها المنظمات المناهضة لعملية السلام في ايرلندا الشمالية. ويعتبر القانون ان شهادة من ضابط كبير في الشرطة عن انتماء شخص ما الى منظمة من هذا النوع تشكل دليلاً مقبولاً لدى المحاكم. فيما يسمح القانون للمحكمة ان تعتبر رفض الاجابة على اسئلة معينة دليلاً ضده، وهو ما يخالف حق المشتبه بهم في الصمت المعمول به في القضاء البريطاني. ويحظر التشريع التآمر في بريطانيا لارتكاب عمل ارهابي "أو غير ذلك من المخالفات الخطيرة" في بلد آخر، شرط ان تكون "الجريمة الخطيرة" مخالفة في الوقت نفسه لقانون بريطانيا وقانون البلد المعني. وعلى الادعاء، في هذه الحال، ان يطلب موافقة رأس الجهاز القضائي البريطاني، ويمكن لوزير تجاوز قرار رأس الجهاز القضائي. كذلك يسمح التشريع للمحكمة بمصادرة ممتلكات المدانين بالانتماء الى منظمة ارهابية اذا ثبت استعمال هذه الممتلكات لدعم المنظمة. وقال لپ"الحياة" المحامي صباح المختار، رئيس اتحاد المحامين العرب في المملكة المتحدة، ان القانون "بالغ الخطر" ويهدد كل العاملين في السياسة مهما كانت نوعية نشاطهم. وأشار الى عدم وجود تعريف قانوني لتعبير "ارهاب"، ما يزيد ايضا من صعوبة من تعريف "المخالفات الخطيرة". وحذر من أن القانون قد يستعمل لاغراض سياسية مثل محاباة الحكومات الصديقة. من جهتها اثارت المحامية المختصة في مجال حقوق الانسان غاريث بيرس احتمال تضارب القوانين مع ميثاق الأممالمتحدة الذي يؤكد حق تقرير المصير ويجيز استعمال القوة ضد الاحتلال اللاقانوني.