قرر الحزب الشيوعي الروسي امس الخميس عدم الموافقة على تعيين سيرغي كيريينكو رئيساً للوزراء في الجلسة المقررة لذلك اليوم. وطالب الحزب بأن يكون التصويت علنياً لتفادي ان يخرج بعض نواب المعارضة التي تتمتع بالاغلبية عن اجماع الحزب. وجاء ذلك رغم اتصال الرئيس بوريس يلتسن امس للمرة الأولى بالزعيم الشيوعي غينادي زيوغانوف لاقناعه باتخاذ قرار لمصلحة "الاستقرار" في روسيا. وكان يلتسن اجتمع امس الى رئيسي مجلسي الدوما غينادي سيليزنيوف والفيديرالية يغور سكرويف وسألهما امام الكاميرات "هل سيكون يوم الجمعة غائماً أم صحواً"، وذلك في محاولة لتفادي المواجهة مع البرلمان. واثر اللقاء أكد سكرويف ان "البرلمان سيبقى وكيريينكو سيعين من دون ان يوضح اذا كان يلتسن قدم تنازلات الى المعارضة. لكن المراقبين رجحوا ان يتجه الوضع نحو ازمة كبرى والا يتراجع يلتسن عن قراره وان يعمد الى حل البرلمان حفاظاً على ماء الوجه، علماً ان الرئيس الروسي تفادى مواجهة المجلس النيابي شخصياً واكتفى بتوجيه رسالة الى أحد اعضائه مطالباً باتخاذ "موقف شجاع" وتأييد كيريينكو. واشار المراقبون الى ان الازمات السياسية الكبرى في موسكو منذ مطلع القرن، جاءت جميعها نتيجة حل البرلمانات. وكشف يلتسن عند استقباله المرشح الى رئاسة الحكومة انه اجرى اتصالات هاتفية مع قادة الكتل البرلمانية وقال "ارغمت نفسي" واتصلت بزيوغانوف "وقد دُهشوا في مقر الحزب الشيوعي واعتقدوا ان هذا مستحيل". واوضح انه طلب من الشيوعيين الذين عقدت قيادتهم اجتماعاً موسعاً لاتخاذ موقف موحد "ان يفكروا بالدولة والاستقرار وليس بالحزب". وكشف يلتسن ان قادة عدد من الدول اتصلوا به واعربوا عن قلقهم لما يمكن ان يسفر عنه الاقتراع في البرلمان وقال انه اكد لهم "ان كل شيء سيكون طبيعياً". واثر لقائه رئيس الدولة توجه سييلزنيوف الى اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الذي ينتمي اليه وذكر لاحقاً ان "قراراً متزناً" سيتخذ وقال ان الشيوعيين "سيصوتون ضد كيريينكو ولكن مع بقاء البرلمان". ولم يقدم رئيس الدوما اي تفسير لهذه المعادلة المستحيلة اذ ان المادة 111 من الدستور تقضي بحل البرلمان في حال رفضه تعيين رئيس الوزراء ثلاث مرات واجراء انتخابات جديدة. وفي ما يبدو محاولة للضغط على النواب أعلن رئيس لجنة الاقتراع المركزية الكسندر ايفانتشينكو ان الاحزاب والكتل الحالية لن يحق لها المشاركة في الانتخابات المقبلة لانها لم تغير انظمتها الداخلية بموجب قانون سنة مجلس الدوما اخيراً، والمح الى ان الانتخاب سيجري في دوائر فردية. واعتبرت كتلة "يابلوكو" الاصلاحية هذا التصريح "ضغطاً سافراً وامعاناً في زعزعة الاوضاع" وانضمت اليها سائر الكتل والاحزاب البرلمانية. وحتى امس اعلنت التأييد الكامل لكيريينكو كتلة "روسيا بيتنا" التي يقودها رئيس الوزراء السابق فيكتور تشيرنوميردين 67 نائباً وكتلة "الاقاليم الروسية" التي تضم 42 نائباً وكتلة فلاديمير جيرينوفسكي 50. وسيحظى المرشح بتأييد ما لا يقل عن 20 من 28 نائباً مستقلاً. وحدث صدع في الكتلتين اليساريتين "الزراعية" و"سلطة الشعب" وأعلن قادتهما انهما انقسمتا بين مؤيد ومعارض. وتضم الكتلتان 89 نائباً منهم زهاء 40 شيوعياً "تنازل" عنهم حزبهم لدعم حلفائه. وكانت التقديرات الاولية افادت ان هناك بين 210 و220 صوتاً مضموناً لكيريينكو فيما يحتاج الى 226 صوتاً نصف النصاب لذا فان كتلة الشيوعيين التي تضم 135 نائباً سيكون موقفها حاسماً. ويجمع المراقبون على ان المطالبة باجراء الاقتراع في صورة علنية يجنب الحزب امكان ان تذهب اصوات عدد من نوابه الى كيريينكو في وقت اعلن الحزب رسمياً رفضه تعيين الاخير. وكان زيوغانوف أكد ان قيادة الحزب مستعدة لخوض انتخابات جديدة.