خسرت دول الخليج العربية نحو 15 بليون دولار في الأشهر السبعة الاولى من السنة الجارية نتيجة انخفاض أسعار النفط، ويتوقع ان تصل الايرادات نهاية السنة إلى أدنى مستوى لها منذ نحو عشرة أعوام. وقدر مصرفيون دخل دول مجلس التعاون الخليجي من صادرات النفط بنحو 36 بليون دولار في الأشهر السبعة الاولى من السنة على أساس معدل انتاج يبلغ 13.5 مليون برميل يوميا ومتوسط سعر 13 دولاراً للبرميل في مقابل نحو 51 بليون دولار بمتوسط سعر 18 دولاراً للبرميل في الفترة نفسها من عام 1997. وقال المصرفيون إن الخسارة تعتبر اقل اذا ما قورن هذا الدخل بمعدل السعر المقدر في موازنات دول المجلس. إذ أن معظمها افترض اسعارا متدنية تحسبا لتذبذب الاسعار في سوق النفط العالمية. وأشار مصرفي الى ان "هامش الفرق بين السعر المفترض في الموازنات ومتوسط السعر الحقيقي حتى الان ليس كبيرا ما يعني ان تلك الخسارة لا تتجاوز خمسة بلايين دولار". لكنه اضاف "ان هذا الانخفاض ليس سهلاً على دول الخليج بسبب وضع موازناتها، إذ أن جميعها تعاني عجوزات، ما يعني انها قد تتفاقم في غياب اجراءات تقشف فعلية". وكانت دول مجلس التعاون الخليجي قدرت العجز في موازناتها للسنة المالية الجارية بنحو 12 بليون دولار بايرادات قدرت ب 74 بليون دولار ونفقات بنحو 86 بليون دولار. لكن أسعار النفط لم تطابق التوقعات. إذ وصلت السنة الجارية إلى أدنى مستوياتها منذ انهيار سوق النفط عام 1988 ولا تزال تراوح عند 13 دولارا للبرميل على رغم قرار منظمة "اوبك" خفض الانتاج. وتوقعت دراسة لدار الوساطة "درسدنر كلينوورت بنسون" في لندن الشهر الماضي ان يبلغ متوسط سعر خام برنت نحو 15 دولارا للبرميل نهاية السنة، إلا أن الخبير في هذا المركز بول سبدلن اوضح ل "الحياة" ان هذه التوقعات تعتمد على مدى التزام "اوبك" اتفاق الخفض. واعتبر اقتصادي خليجي ان "بقاء أسعار النفط ضعيفة يعكس ليس ضعف الطلب العالمي فحسب، بل عدم التزام أوبك كلياً قرار الخفض". واضاف "نظراً الى التقديرات الدولية في شأن الطلب، لا أجد الوضع مشجعاً أبداً وربما لن تزيد أسعار سلة اوبك عن 14 دولاراً للبرميل، ما يعني ان دخل دول المجلس السنة الجارية ربما وصلت إلى أدنى مستوى منذ 1988". واضطر عدد من دول المجلس الى اتخاذ اجراءات السنة الجارية لخفض النفقات بهدف السيطرة على العجز في الموازنات ما سيؤثر في معدلات النمو الاقتصادي ومستوى الخدمات المقدمة للمواطنين. وإضافة إلى احتمال ارتفاع العجوزات، توقع اقتصاديون ان يؤدي ضعف اسعار النفط الى انخفاض الفائض التجاري في دول المجلس وتحول الفائض في ميزان المدفوعات الى عجز في بعض الدول الاعضاء. لكنهم أشاروا الى ان انخفاض الدخل لن يشكل مشكلة مالية خطيرة لتلك الدول لأنها لا تعاني من ديون خارجية كبيرة، وتمكنت من زيادة احتياطها الخارجي وتقليص العجوزات بنسبة كبيرة العام الماضي بسبب الفوائض المالية الكبيرة التي حققتها من ارتفاع اسعار النفط في العامين الماضيين. وقال محلل اقتصادي "لا شك في ان الوضع ليس جيدا لدول الخليج هذه السنة لكنه ليس سيئاً بدرجة كبيرة لأنها لا تعاني من أية تراكمات مالية من العام الماضي اذ ان العجز في الموازنات وصل الى ادنى مستوياته". وحسب دراسة للخبير الاقتصادي هنري عزام، فإن العجز الفعلي في موازنات دول المجلس العام الماضي بلغ 309 ملايين دولار فقط في مقابل عجز مفترض قدر بنحو 7.8 بليون دولار.