أصدر صندوق النقد أمس توقعاته الأكثر تشاؤماً بآفاق الاقتصاد العالمي في العامين، الحالي والمقبل، منذ الأزمة المالية الاقتصادية العالمية، إذ خفّض تقديراته للنمو في كل الدول والمناطق الاقتصادية (منها العربية)، وإن بنسب شديدة التباين، متوقعاً تعرض حركة التجارة العالمية لتراجع يصاحبه انكماش في أسعار السلع الأولية والنفط عام 2012. وعدّل خبراء الصندوق توقعاتهم في شأن سرعة نمو الناتج العالمي هبوطاً، مقتطعين نحو نقطة مئوية من نسبة النمو المتوقعة سابقاً لعامي 2011 و2012، لتصبح نسبة النمو المرجحة أربعة في المئة نزولاً من 5.1 في المئة في عام 2010، ما عبرت عنه لاغارد بالقول ان «النمو العالمي مستمر، لكن بوتيرة أبطأ». وحتى النسبة المعدّلة لنمو الناتج العالمي «ليست مضمونة»، كما حذر خبراء الصندوق، وتتطلب تحقيق الكثير من الشروط، أبرزها نجاح مقرري السياسة الأوروبيين في احتواء أزمة الديون السيادية المتفاقمة في دول ثانوية في منطقة اليورو، وتوصّل صانعي السياسة على الساحل الغربي للمحيط الأطلسي إلى توازن حكيم بين متطلبات النمو الاقتصادي وضبط الأوضاع المالية، إضافة إلى عودة الاستقرار إلى أسواق المال العالمية. ولم يتردد خبراء الصندوق في رسم «صورة قاتمة» لما يمكن أن ينجم عن عدم تحقيق هذه الشروط، لا سيما الشرطين الأولين منهما، من تداعيات على الاقتصاد العالمي، تتمثل في حدوث مزيد من الضعف في أسواق الاقتصادات المتقدمة ومؤسساتها المالية الهشّة، وتراجع مفاجئ في أسعار السلع وحركة التجارة العالمية والتدفقات الرأسمالية، ما قد ينعكس سلباً على النمو في الاقتصادات الصاعدة والنامية، خصوصاً في الدول الأكثر فقراً. ولخصت المؤسسة الدولية مخاوفها بالاعتراف بأن «أخطر التحديات التي تهدد النمو العالمي في حال فشل جهود احتواء أزمة الديون السيادية الأوروبية واستمرار المأزق السياسي الأميركي من دون انفراج قريب، هي عودة اقتصادات منطقة اليورو واميركا إلى الركود، وضياع ما يصل إلى ثلاث نقاط مئوية من آفاقها المتوقعة، حتى بعد التعديلات الحالية». وتسير الاقتصادات الأوروبية والأميركية المأزومة سياسياً على حافة الركود. ويتوقع ألا تزيد نسبة النمو في «منطقة اليورو» عن 1.6 في المئة العام الجاري و1.1 في المئة عام 2012، منخفضة من 1.8 في المئة العام الماضي، ويتوقع أن ينخفض النمو الأميركي بحدّة أكبر، من ثلاثة في المئة عام 2010 إلى 1.5 في المئة العام الجاري، مع توقع صعود طفيف إلى 1,8 في المئة عام 2012. وطاولت التعديلات السلبية الاقتصادات الصاعدة والنامية التي يتوقع ان يتباطأ نموها من 7.3 في المئة في عام 2010 إلى 6.4 العام الجاري و6.1 في المئة عام 2012، مستفيدة من قوة الاقتصاد الصيني، على رغم تراخي وتيرة نموه تدريجاً متراجعة إلى 9 في المئة عام 2012، وقوة الاقتصاد الهندي الذي يتوقع أن يتباطأ بحدّة أكبر، وصولاً إلى 7.5 في المئة في العام ذاته. وخفض خبراء صندوق النقد توقعات نمو الاقتصادات العربية 0.4 نقطة مئوية، إلى 3.6 في المئة في العام المقبل، بعد تراجعها من 4.4 في المئة في 2010 إلى أربعة في المئة العام الحالي.