دخلت الأزمة المالية الروسية مرحلة جديدة أمس بعدما أوقف البنك المركزي الروسي التعامل في الروبل أمس ولليوم الثاني على التوالي، وسط مخاوف من انهيار النظام المالي في روسيا نتيجة استمرار تدهور الروبل مقابل الدولار والعملات الرئيسية الاخرى ووقف موسكو تسديد الديون المستحقة عليها. ولم تصدر اي تصريحات رسمية عن الرئيس الروسي بوريس يلتسن، الذي لا يزال في اجازة، او من فيكتور تشيرنوميردين القائم بأعمال رئيس الوزراء عن الوضع الاقتصادي الراهن في البلاد، لكن احد كبار معاوني تشيرنوميردين قال ان رئيس الوزراء والبرلمان يبحثان في اتخاذ تدابير متشددة لوقف انهيار الروبل تشمل تقييد الاسعار ووقف التحويلات. وعاد تشيرنوميردين الى موسكو امس بعد محادثات مفاجئة مع ميشيل كامديسو رئيس صندوق النقد الدولي جرت في اوكرانيا في سرية لتجنب المزيد من الاضطرابات الاقتصادية. وقال تشيرنومردين امس انه لم يتطرق الى موضوع منح روسيا اي قروض جديدة خلال لقائه مع كامديسو. واضاف ان ادارة الصندوق مستعدة للتعاون مع الحكومة الروسية ومناقشة كل المسائل في اي وقت. وقال المستشار الالماني هيلموت كول امس ان على روسيا الا تتوقع أي مساعدات مالية سواء من المانيا او من المجتمع الدولي ما لم تطبق اصلاحات حاسمة. وأعرب كول عن قلقه ازاء الازمة الروسية وقال للصحافيين انه ينوي التحدث الى الرئيس الاميركي بيل كلينتون ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير والرئيس الفرنسي جاك شيراك في هذا الشأن. وقال كول: "لن يكون ممكناً تدبير الاموال سواء من المؤسسات الدولية او من المانيا من دون تنفيذ الاصلاحات". وكان كول يتحدث للصحافيين بعد اعلان البنك المركزي الروسي وقف التعامل في بورصة القطع في موسكو. وبدأ التعامل في بورصة العملات بين البنوك في موسكو بسعر 8.2 روبل مقابل الدولار للشراء و9.5 روبل للبيع، اي بتراجع 10.6 في المئة عن السعر الرسمي الذي حدده المصرف المركزي يوم الثلثاء الماضي والبالغ 7.86 روبل للدولار. ووقف التعامل امس بعد خمس دقائق من افتتاح السوق وصدر أمر من البنك المركزي بوقف التعامل في الروبل حتى اشعار اخر. وعرضت المصارف الروسية امس سعر 11.1 روبل للدولار الواحد في السوق الالكترونية، التي تربط المصارف في ما بينها من دون تدخل اي طرف ثالث، ما يشكل تراجعاً للعملة الروسية بنسبة 29 في المئة عن سعرها الرسمي يوم الثلثاء الماضي. كما تم تحديد سعر عقود المستقبل لصفقات اليوم عند 11.6 و11.7 روبل للدولار. وتم تحديد سعر الدولار في سوق القطع في بطرسبرغ عند 9.5 روبل. وفي بعض انحاء البلاد اعلنت مكاتب الصرافة صباح أمس عن بيع التعامل بالدولار مقابل الروبل بفارق يزيد على 15 في المئة بين سعر البيع والشراء، علما ان البنك المركزي حدد نسبة 15 في المئة كحد اقصى. وقدرت مؤسسات مالية دولية حجم خسائر المستثمرين الاجانب في السندات الروسية بنحو 33 بليون دولار نتيجة تخلف الحكومة الروسية عن سداد قيمة السندات المستحقة. ولم يستبعد بعض المؤسسات ارتفاع الخسائر الى 50 بليون دولار. واكد صندوق "كوانتم غروب"، الذي يديره البليونير جورج سوروس، ان خسائر الصندوق من استثماراته في روسيا نتيجة الازمة المالية الحالية تصل الى بليوني دولار. واوقف معظم الفروع المحلية لمصارف الادخار في روسيا امس عمليات السحب من حسابات الزبائن بسبب ارتفاع الطلب الذي ادى الى نقص حاد في الاوراق النقدية لدى المصارف. وقالت مصادر السوق ان اسعار السلع المستوردة ارتفعت بنسبة تراوح بين 30 الى 40 في المئة خلال اليومين الماضيين في منطقة الفولغا وبنسب تراوح بين 15 و25 في المئة في انحاء اخرى من روسيا. وهبط الروبل اكثر من 40 في المئة من قيمته امام المارك الالماني اول من أمس وسط مؤشرات متنامية على ان النظام المالي الروسي يقترب من الانهيار. وقال متعاملون انه لم يقبل احد على بيع الدولار بعد ان اعلن البنك المركزي، وهو البائع الوحيد للعملة الاميركية منذ اسابيع عدة، انه سيكف عن التدخل في السوق لوقف تدهور احتياطاته من العملات الصعبة. وامام الطلب المتزايد من البنوك الخاصة على الدولار فضل البنك المركزي الانسحاب. واعلن البنك المركزي ان احتياطاته من النقد الاجنبي والذهب هبطت الى 13.4 بليون دولار في 21 آب اغسطس الجاري من 15.1 بليون دولار قبل اسبوع. وقال البنك المركزي في وقت سابق انه انفق نحو 8.8 بليون دولار في أسواق العملات من تموز يوليو الى آب أغسطس، مشيراً الى انه يحتاج الى ما تبقى من الاحتياطات لتلبية حاجات الحكومة الملحة والوفاء بأدنى قدر ممكن من التزامات الاستيراد. وحسب صحيفة "كومرسانت" فان احتياط البنك المركزي لا يتجاوز في افضل الاحوال عشرة بلايين دولار. وشهدت سوق الاسهم الروسية انخفاضاً حاداً أمس في معاملات خفيفية للغاية. وانخفض مؤشر "رويترز" المجمع للاسهم الروسية 6.22 في المئة الى 54.63 نقطة صباح امس في موسكو. وهبط مؤشر "آر. تي. اس انترفاكس"، 9.8 نقطة، أي نحو 12 في المئة، الى 66.668 نقطة في الفترة الاخيرة من التعامل، علماً ان اعلى مستوى سجله المؤشر خلال السنة الجارية كان 411.61 نقطة. وقال متعاملون ان اسهم شركات النفط والغاز كانت اقل انخفاضاً من اسهم الشركات الاخرى نظراً الى انها مدعومة الى حد ما بعائدات التصدير