أكدت الولاياتالمتحدةوبريطانيا أمس تمسكهما بمحاكمة المتهمين الليبيين في قضية لوكربي أمام القضاء الاسكوتلندي أو الأميركي. لكن شكوكاً كبيرة ظلّت تحيط أمس بحقيقة موقفهما في ظل معلومات عن "تحوّل جذري" في سياستهما الرافضة إقتراح محاكمة المتهمين أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي. إذ أوردت صحيفة "الغارديان" البريطانية امس ان إعلاناً مشتركاً سيصدر في لندنوواشنطن "خلال أيام" يتضمن تراجع الدولتين عن رفضهما محاكمة المتهمين في لاهاي. وقالت ان البلدين سيقبلان إجراء المحاكمة في لاهاي بحسب القانون الجزائي الخاص باسكوتلندا وأمام محكمة يرأسها قاض اسكوتلندي تسميه لندن. ويُعتبر هذا التراجع، في حال تأكده، إنتصاراً لوجهة نظر ليبيا التي اعلنت مراراً قبولها محاكمة مواطنيها، عبدالباسط المقرحي والأمين فحيمة، في دولة "محايدة" غير بريطانياوالولاياتالمتحدة. كذلك فإنه يأتي بعد ظهور شرخ كبير في التزام العقوبات التي تفرضها الأممالمتحدة على ليبيا منذ 1992، بعد إعلان منظمة الوحدة الافريقية، في حزيران يونيو الماضي، انها لن تلتزم الحظر الجوي على طرابلس اعتباراً من أيلول سبتمبر المقبل. وبدأ زعماء أفارقة بالفعل زيارات لليبيا جواً مما شكل خرقاً للحظر، كان آخرها زيارة رئيس بوركينا فاسو بليز كومباري أول من أمس. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية ل "الحياة" أمس ان "الرجلين المتهمين بارتكاب هذه الجريمة لوكربي يجب ان يمثلا أمام القضاء الأميركي أو الاسكوتلندي، واننا ننظر في طرق مختلفة لحصول هذا الأمر". وبدا ان كلامه يبقي الباب مفتوحاً أمام حصول مفاوضات على مكان محاكمة المتهمين. وأصر المسؤول على القول ان بلاده لا تجري اتصالات، مباشرة او غير مباشرة، مع الحكومة الليبية. وكانت صحيفة "الغارديان" أكدت أمس ان بريطانياوالولاياتالمتحدة وافقتا على محاكمة المواطنين الليبيين في لاهاي بموجب القانون الاسكوتلندي. واصرت الدولتان دائماً على ان تسلم ليبيا الرجلين لمحاكمتهما في الولاياتالمتحدة او اسكوتلندا طبقاً للقرار الذي اصدره مجلس الامن في هذا الصدد في 1992 وفرض من خلاله عقوبات على ليبيا. ونفى الناطق الصحافي باسم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ما أوردته الصحيفة عن اتخاذ قرار في شأن مكان المحاكمة. وقال ل "رويترز" ان عقد المحاكمة في دولة ثالثة "ينطوي على تعقيدات قانونية وديبلوماسية وفنية هائلة". لكنه اضاف: "نحن مستعدون لدرس أي خيار من شأنه ان يحقق العدالة للأسر أسر ضحايا لوكربي ومناقشة مثل هذه الخيارات مستمرة منذ بعض الوقت ... وسنتعاون عن كثب مع حلفائنا في شأن تلك الخيارات". وذكرت الصحيفة ان لندنوواشنطن تشعران بالحاجة الى الاخذ بالمبادرة نظراً الى تنامي حجم المعارضة للعقوبات المفروضة على ليبيا في العالم العربي وافريقيا وفي دول اخرى مما يجعل واشنطنولندن اكثر عزلة. وقال ناطق باسم وزارة الخارجية البريطانية ل "الحياة" ان بلاده لا تزال تتمسك "بقرار الأممالمتحدة الذي يطلب من ليبيا تسليم المتهمين الليبيين في قضية لوكربي للمحاكمة أمام القضاء في اسكوتلندا او الولاياتالمتحدة" نظراً الى ان الحادث وقع في اسكوتلندا والى كون الطائرة أميركية "بان أميركان". وقال الناطق ان سياسة الوزارة هي عدم نفي تقارير صحافية أو تأكيدها. كذلك رفض "التكهن" باحتمال صدور اعلان مشترك عن وزارتي الخارجية الاميركية والبريطانية هذا الاسبوع بصدد قبول المحاكمة في لاهاي. وكانت "الغارديان" كتبت ان بريطانياوالولاياتالمتحدة توصلتا الى اتفاق في شأن هذه القضية في وقت سابق من هذا الشهر، لكنهما لم تستطيعا اعلانه الى حين تشكيل حكومة جديدة في هولندا التي يجب الحصول على موافقتها لاجراء المحاكمة في اراضيها. وكلفت بياتريس ملكة هولندا رئيس الوزراء فيم كوك اول من امس الاثنين تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات التي جرت في السادس من أيار مايو الماضي. وقبلت ليبيا تسليم المشتبه فيهما اذا نُظر في القضية في بلد "محايد" امام محكمة دولية، وهو موقف اكده اليستر داف محامي المشتبه بهما الاسكوتلندي الجنسية. وقال داف لاذاعة "هيئة الاذاعة البريطانية": "التجربة تعلمنا الا نصدق كل ما نقرأه في الصحف. لكن لو صح هذا فهو بالقطع خطوة رئيسية الى أمام، خطوة اعرف ان موكلي سيرحبان بها".