كرر الرئيس الجزائري اليمين زروال مساء اول من امس ان الوضع الامني في البلاد يتحسّن، لكنه حضّ الجزائريين على الاستمرار في توخي اليقظة. وبعد ساعات انفجرت قنبلة في ساحة بلدة خميس مليانة ولاية عين الدفلى، جنوب العاصمة ادت الى مقتل 13 شخصاً وجرح 39 آخرين بينهم 7 في حال الخطر. وأفادت مصادر امنية ان الانفجار وقع قرابة التاسعة صباحاً في الساحة العامة في خميس مليانة، وانه نجم عن قنبلة تقليدية. وقالت الاذاعة الجزائرية ان "ايدي الارهاب استهدفت المدنيين من جديد"، في اشارة الى الجماعات الاسلامية المسلحة. وكان زروال وجّه خطاباً الى الأمة في ذكرى "20 أوت" آب/ اغسطس ليرد على التساؤلات المُثارة في الشارع الجزائري. واستمر خطابه الذي بثته القنوات التلفزيونية والاذاعية الجزائرية حوالى 20 دقيقة. واعتبر مراقبون ان اختيار هذه الذكرى يحمل رسالتين: الاولى انه يصادف ذكرى "انتفاضة 20 أوت" 1955 في الشرق الجزائري التي وضعت حدّاً للاشاعات التي روّجت حول نهاية الثورة، ولهذا أُطلق عليه "يوم المجاهد". ويحتفل بهذا العيد رسمياً منذ الاستقلال. اما الرسالة الثانية فهي ذكرى انعقاد مؤتمر الصومام في 20 آب 1956 في ايفري في المنطقة القبائلية، حيث وضع المؤتمر حدّاً لهيمنة القائد العسكري على المحافظ السياسي، واعطى الاولوية لرجال الداخل على رجال الثورة في الخارج، وجعل قادة الثوار في المنطقة القبائلية يحتلون مراكز مهمة في الحكومة الموقتة الجزائرية. ورأى المراقبون ان خطاب زروال، عشية الاحتفال بهذه الذكرى، كان بمثابة رسائل موجهة الى مختلف اطراف الصراع في الجزائر. بدأ رئيس الجمهورية خطابه بالتوقف عند الوضع الامني الذي تمرّ به البلاد ولاحظ انه "يتحسّن باستمرار" مقارنة مع ما كان عليه قبل الانتخابات الرئاسية التي جرت في 16 تشرين الثاني نوفمبر 1995. لكنه اكد ان "هذا التحسن الملحوظ في هذا المجال لا يعني ان السلطة تشعر بنوع من الارتياح والرضى". واعتبر ان "التعبئة ويقظة الجميع الوسيلة الاكثر نجاعة في وجه الاعمال الجبانة والهمجية"، مشيراً الى ان عملية استئصال الارهاب جعلت الدولة تجنّد كل امكانياتها ووسائلها في هذا المجال. وأشاد بالاطار المؤسساتي الذي "يضمن الديموقراطية" مسجلاً "النقص في الثقافة الديموقراطية الحقّة تلك التي من دونها تبقى المؤسسات الديموقراطية مكاسب هشّة". وتوقف عند الضجة الاخيرة التي عرفتها الجزائر حملات اعلامية ضد المشار في الرئاسة الجنرال محمد بتشين احداث المنطقة القبائلية، الهجوم على رموز السلطة، اعتبار البعثة الدولية لجنة تحقيق، الموقف من استعمال العربية وغيرها. وتساءل: "ألم نقم بتهيئة الاجواء الضرورية للنقاش المتبادل والمعارضة في هدوء وشفافية وأمام الشعب السيد وذلك بطرح كل واحد لمشروعه للوصول الى السلطة عبر صناديق الاقتراع". واكد انه "لا مجال للاشاعة. فالدولة مرتكزة على نظام ديموقراطي شفاف ومقنن دستورياً"، وموضحاً ان "الديموقراطية لا تعني الاشاعة ولا الشتم ولا الفوضى". ودعا جميع "فعاليات الساحة السياسية الوطنية، أحزاباً وجمعيات ووسائل اعلام الى المساهمة في بلوغ هذه الاهداف التي هي بالضرورة مشتركة". وأشار الى "التحديات التي تنتظر الجزائر". وندّد ب "الطرق الماكرة الهادفة الى زعزعة الاستقرار"، وجدد تمسكه بالسهر على تطبيق مبادئ دولة القانون. ووصف ما يجري على الصعيدين الاقتصادي والسياسي ب "معركة طويلة النفس". وتوقف عند استكمال الجزائر لاتفاقاتها مع صندوق النقد الدولي، "بفضل الاصلاحات". واعتبر مواصلتها "ضرورة لا مفرّ منها". وطالب بالحرص على الصرامة في تسيير الثروات الوطنية والحوار مع الشركاء الاجتماعيين. وتعرض الى قانون تعميم استعمال اللغة العربية في الجزائر. واعتبر الاجراء رمزاً لتكريس بُعد من أبعاد السيادة. واستبعد ان يكون ذلك انعزالاً عن العلم او انفصالاً عن المعرفة او تهميشاً للبعد الأمازيغي، موضحاً ان سنوات حكمه تفتخر بما تحقق فيها لمصلحة الامازيغية. ووعد بترقيتها في اطار "مسعى وطني يتميز بالرصانة والاستمرارية". وفي ما يتعلق بالسياسة الخارجية، اكد ان الجزائر عكفت على استعادة مكانتها وضمان حقوقها الكاملة. وقال انها "دعت، بكل سيادة، منظمات دولية، تعد الجزائر من بين الدول الكاملة العضوية فيها، لإيفاد البعثة المكونة من شخصيات دولية بارزة"، في اشارة الى وفد الاممالمتحدة المكون من ست شخصيات بارزة برئاسة الرئيس البرتغالي السابق ماريو سواريش. واعتبر هذه المبادرة عملاً بفضائل الشفافية، وتهدف الى اطلاع الرأي العام على "حقائق وطنية. حقائق صعبة فعلاً، ومؤلمة احياناً غير انها حقائق شعب أبيّ وشجاع وصامد امام المحنة". واختتم خطابه بدعوة المواطنين الى التمعن في ما تحقق خلال حكمه، واعتبره "أملاً" انطلاقاً من ان هناك تقدماً من سنة الى اخرى. واهتمت الصحف الجزائرية امس بنشر خطاب الرئيس في صفحاتها الاولى، من دون التعليق عليه، في حين احجمت بعض الصحف عن الاشارة اليه في صفحاتها الاولى مثل جريدة "الوطن" التي نشرته في صفحتها الخامسة، من دون الاشارة الىه في صفحتها الاولى التي خصصتها ل "بصمات اسامة بن لادن" والاغتيالات والصراع داخل النقابة الوطنية للعمال. على صعيد آخر افادت صحف جزائرية ان مسلحين قتلوا ثلاثة مسافرين عند حاجز أمني مزيف نُصب على بعد ثلاثة كيلومترات من بلدية أويحي دائرة الفرون 20 كلم من البليدة على الطريق بين الجزائر العاصمة، ووهران غرب