غيب الموت امس السيد مصطفى كامل مراد رئيس حزب "الاحرار" المصري المعارض عن عمر يناهز 71 عاماً بعد صراع مع سرطان الكبد استمر لمدة عام. وكان مراد نقل قبل نحو شهر الى مستشفى في القاهرة بعد اشتداد المرض ودخوله في حالات غيبوبة متكررة. وتثير وفاة مراد اسئلة عدة في شأن مستقبل حزب "الاحرار" ذي الاتجاه الليبرالي الذي يُعد واحداً من اقدم الفعاليات السياسية منذ العمل مجدداً بنظام التعددية الحزبية في مصر في العام 1976. ويتصارع على قيادة الحزب نائبا رئيسه السيد رجب حميدة عضو مجلس الشعب البرلمان والسيد محمد فريد زكريا عضو مجلس الشورى اللذين تبادلا اللكمات قبل اسبوعين وحررا بلاغات لدى الشرطة احدهما ضد الآخر. وتصاعد الخلاف بينهما الى حد تقديم مذكرات الى لجنة الاحزاب بزعم عدم شرعية استمرار كل منهما في منصبه. ويتهم زكريا منافسه حميدة بقيادة تكتل "شيعي" يسعى الى السيطرة على الحزب ويضم بين صفوفه عدداً من القيادات ابرزهم المحامي المعروف الحمزة دعبس ابرز المرشحين لخلافة مراد في رئاسة حزب "الاحرار". بينما يؤكد حميدة انتماءه الى "التيار السني"، ويعتبر اتهامات زكريا له "محاولة لتجاهل قرار كان أصدره مراد بفصله من منصبه". ويتوقع المراقبون تدخل لجنة الاحزاب في الخلافات خصوصاً اذا اقدم الطرفان على عقد مؤتمرين لانتخاب رئيس جديد للحزب، ما يعني احتمال صدور قرار بتجميد نشاط الحزب. لكن حميدة قال ل "الحياة": "سنطبق الدستور الداخلي للحزب بتولي اقدم نائب للرئيس منصب الرئاسة لمدة 60 يوماً". وقال زكريا ل "الحياة": إنه سيطعن امام "لجنة الاحزاب" والقضاء اذا تولى حميدة منصب الرئيس "لأنني النائب الأقدم". واذا كان مراقبون يستبعدون صدور قرار بتجميد الحزب، بسبب عدم الرغبة في إثارة مزيد من القلاقل في الحياة السياسية المصرية، الا ان مصير الحزب سيرتبط بقدرة اطرافه المتصارعة على حسم خلافاتها، أو قدرة احدها على اجتذاب غالبية اعضاء الحزب إلى جانبه. ويعتبر مراد، الذي كان عضواً بارزاً في تنظيم "الضباط الاحرار" الذي قاد ثورة 1952، الوحيد بين رؤساء احزاب المعارضة المصرية الذي زار اسرائيل مع الرئيس السابق انور السادات في 1977. لكن مراد انضم بعد عامين فقط الى جبهة معارضة لاتفاقية السلام مع اسرائيل، ولعب دوراً بارزاً في لجنة مناصرة الشعبين اللبناني والفلسطيني في العام 1982، وتبرع بسفينة كان يملكها لنقل مواد الاغاثة التي ارسلتها الحركة الشعبية المصرية الى الشعب اللبناني في العام نفسه إثر الاجتياح الاسرائيلي. وكان مراد حتى وفاته من أشد المعارضين للسياسات الاسرائيلية والمطالبين بقطع العلاقة مع تل أبيب. وخاض مراد انتخابات مجلس الشعب في العام 1984 وفشل حزبه في الحصول على نسبة 8 في المئة المقررة لدخول البرلمان فخرج منه للمرة الاولى منذ العام 1971. وانضم الحزب في الانتخابات التالية في عام 1987 الى قائمة "التحالف الاسلامي" مع حزب العمل وجماعة "الاخوان المسلمين، ثم خرج من هذا التحالف في العام 1990. وفي زاوية "رأي المعارضة" في الصفحة الأولى لصحيفة "الأحرار" لسان حال الحزب كتب مراد مقالاً أمس عنوانه "حماية مصالح الاميركان في هذا الزمان"، علّق فيه على حادثي تفجير سفارتي الولاياتالمتحدة في نيروبي ودار السلام، مؤكداً إدانة الحزب لهما. لكنه اعتبر في الوقت ذاته ان الحادثين "جاءا نتيجة سياسة القهر والاستبداد والتسلط التي تمارسها واشنطن ضد مصالح شعوب العالم الثالث وسعيها المستمر للاستيلاء على مقدراتها والسيطرة على قرارها السياسي بما يحقق المصالح الاميركية فقط".