زادت حدة المواجهة بين حكومة السيد عبدالرحمن اليوسفي والمركزية النقابية الاتحاد المغربي للعمل التي تعتبر أقدم تنظيم نقابي في البلاد يعمل باستقلال عن الأحزاب السياسية. واتهمت صحيفة "الاتحاد الاشتراكي" الناطقة باسم الحزب الذي يتزعمه رئيس الوزراء أمس الاتحاد المغربي للعمل ب "الانتهازية والبيروقراطية". وعرفت مواقف النقابة منذ أول حكومة رأسها زعيم الاتحاد الوطني السيد عبدالله ابراهيم عام 1989 لتربط بين الأحداث وقتذاك والوضع الراهن. وقالت ان الحكومة "ستواصل الاصلاح الاجتماعي لفائدة مصلحة العمال". وجاء هذا الموقف رداً على موقف الاتحاد المغربي للعمل من اجتماعات الحوار الاجتماعي الذي رأسه اليوسفي الأحد الماضي، وانسحب "المغربي للعمل" منه، بعد اتهام الحكومة بأنها تدعم الكونفيديرالية الديموقراطية للعمل التابعة لحزب اليوسفي، ومضايقة منتسبين الى الاتحاد تطاول ممارسات الحرية النقابية. لكن مصادر سياسية تعزو المواجهة الى صراعات على "مراكز النفوذ" في مؤسسات اقتصادية تابعة للقطاع العام، اضافة الى عدم ارتياح الاتحاد المغربي للعمل لاسناد منصب وزير العمل الى شخصية من الاتحاد الاشتراكي، وابداء المخاوف ازاء امكان افادة الكونفيديرالية الديموقراطية للعمل التي يقودها الزعيم النقابي نويبر الأموي العضو القيادي في الحزب الاشتراكي من هذا الوضع. ولاحظت مصادر نقابية ل "الحياة" ان انسحاب الاتحاد المغربي للعمل من لقاءات الحوار الاجتماعي ليس الأول من نوعه، اذ سبق له ان التزم موقفاً مماثلاً لدى بدء الحوار الاجتماعي بين الحكومة السابقة والمركزيات النقابية وأرباب العمل في صيف 1996. ورفض الاتحاد المغربي للعمل قبل ذلك المشاركة في اضرابات عامة عن العمل دعت اليها "الكونفيديرالية"، لكنه نفذ اضرابات جزئية في قطاعات عدة يحظى من خلالها بنفوذ متزايد. وترصد الأوساط المهتمة أبعاد هذه المواجهة التي تشكل في رأي أكثر من مراقب، الموقف الأصعب الذي تواجهه حكومة اليوسفي، لا سيما في حال النزوع نحو تنفيذ اضرابات في القطاعات التي يهيمن عليها الاتحاد المغربي للعمل الذي يبدو أنه اختار التصعيد في مواجهة موقف مركزيات نقابية منافسة تدعم الحكومة، وفي مقدمها الكونفيديرالية الديموقراطية للعمل والاتحاد العام للعمال. علماً ان هاتين النقابتين ترهنان الدعم السياسي والنقابي للحكومة بالحصول على مكاسب اجتماعية للعمال. ويرى مراقبون أن أهم معارضة تواجهها الحكومة الحالية تكمن في ضغوط الاتحاد المغربي للعمل، نظراً الى أن أحزاب المعارضة السابقة كانت استخدمت النقابات لممارسة الضغوط على الحكومات المتعاقبة، ما يجعل من الصعب التفريق بين ما هو نقابي وما هو سياسي في المواجهات الراهنة.