تظاهر أمس عشرات الآلاف في المغرب في إطار «مسيرة الكرامة» التي نظمتها في الدارالبيضاء «الفيدرالية الديموقراطية للعمل» و «الكونفدرالية الديموقراطية للعمل» بمشاركة ناشطي «حركة 20 فبراير» الشبابية الاحتجاجية وتنظيمات حقوقية ونسائية، إضافة إلى اتحادات طلابية وتنسيقيات الجامعيين العاطلين عن العمل. ورغم أن التظاهرات رفعت شعارات ركزت على العدالة الاجتماعية ومطالب اقتصادية ونقابية، إلا أن البعد السياسي للمواجهة الأولى بين الحكومة التي يقودها زعيم حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي عبدالإله بن كيران والمركزيات النقابية يبقى حاضراً على مستوى حشد الأصوات الغاضبة وإقامة أول تحالف بين مركزيتين نقابيتين كانتا إلى ما قبل تشكيل الحكومة متباعدتين. ويرى مراقبون أن عودة الزعيم النقابي نوبير الأموي إلى الواجهة يشكل منعطفاً جديداً في إدارة الصراع الحزبي والسياسي، فرغم أنه انشق عن «الاتحاد الاشتراكي» قبل سنوات، فإن اختياره التحالف مع «الفيدرالية الديموقراطية للعمل» التي أحدثها الحزب بعد ذلك الانشقاق، يؤشر إلى إمكان بناء جبهة جديدة في تحالفات المعارضة تضطلع ضمنها المركزيات النقابية بدور أكبر كما في المواجهات السابقة مع حكومات يمينية متعاقبة. وقال الأموي: «نريد تجنيب بلادنا أي شيء يمس أمنها ونطلب من الشركاء كافة في الدولة والحكومة تجنيبها أي مشاكل»، داعياً إلى «تكريس الحوار في معالجة القضايا والملفات المطروحة». وحض بن كيران الذي قال إنه يعرفه جيداً منذ كان يدرس في ستينيات القرن الماضي «على محاورة المركزيات النقابية، والبلد يحتاج إلى رجل صلب». من جهته، قال زعيم «الفيدرالية الديموقراطية للعمل» عبدالرحمن العزوزي: «ننتظر رد المسؤولين واتخاذ قرارات». وأبدى استغرابه حيال دعوة وزير العمل إلى معاودة الحوار في الوقت الراهن، مؤكداً أن «لا حوار حتى تمر المسيرة الوحدوية، وبعدها سنرى إن كانت هناك جدية في مباشرة الحوار». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن النائب عن «الاتحاد الاشتراكي» حسن طارق، أن «هناك اكثر من 50 الف شخص (حوالى النصف بحسب مسؤول في الشرطة) يتظاهرون لمطالبة الحكومة بفتح حوار حقيقي حيال التوتر الاجتماعي في بلادنا». وقال: «هناك رسالة وحدة نقابية ورسالة واضحة للحكومة لتوضح استراتيجيتها». وكانت الحكومة أقرت خطة لخصم أيام الإضراب من أجور العاملين في القطاع العام، ما اعتبرته مركزيات نقابية قريبة إلى المعارضة تضييقاً على الحريات النقابية. وأبدت تشاؤمها حيال الظروف التي يجري فيها إقرار القوانين المنظمة لحق الإضراب. على صعيد آخر، وضعت السلطات رسام الكاريكاتير المغربي خالد كدار رهن الاعتقال الاحترازي ووجهت إليه «تهمة السكر العلني وإهانة أعوان شرطة»، على خلفية مشادة وقعت قرب ملهى ليل في القنيطرة شمال العاصمة الرباط. لكن الرسام المعروف بأعماله الانتقادية ضد السلطات قال إنه «يجهل أسباب اعتقاله». واستغربت أوساط ظروف اعتقال الرسام، فيما كانت قوات الأمن أطلقت سراح شابين قال شهود عيان إنهما اعتديا على مسؤول رفيع المستوى في جهاز الأمن خلال حفل فني لفعاليات مهرجان «موازين» في الرباط. وعزت أوساط الإفراج عن الشابين اللذين تردد أنهما كانا في حال سكر إلى انتسابهما إلى عائلتين متنفذتين. وكان ناشطو «حركة 20 فبراير» دخلوا على خط حادث الشابين المتنفذين، ونظموا وقفة احتجاجية أمام مركز شرطة في الرباط تضامناً ومحافظ الأمن الذي تعرض للاعتداء، مطالبين بسريان القانون على الجميع من دون تمييز أو وساطة، غير أن قوات الأمن تدخلت لتفريق الاحتجاج عبر استخدام العنف. وكانت محكمة في الدارالبيضاء دانت مغني الراب الذي يدعى «الحاقد» بالسجن بتهمة الإساءة إلى أعوان الأمن من خلال شريط غنائي. وزار نواب في لجنة والتشريع زاروا مركز الاعتقال للاطلاع على أوضاع السجناء، فيما زادت حدة الانتقادات لتعرض نزلاء إلى الإهانة وعدم احترام حقوقهم، كما جاء في تقارير منظمات حقوقية دولية.