استقال وزير التجارة الياباني يوشيو هاتشيرو أمس بعد أسبوع فحسب أمضاه في المنصب. وسبب استقالة الوزير هو مزحة مع مراسل، قال له بعد زيارة إلى محطة فوكوشيما يوم الخميس الماضي «انتبه لا تلقط مني إشعاعاً»، وقد اعتبرت هذه المزحة إساءة لمشاعر الناس المفجوعين بحادثة انفجار محطة فوكوشيما النووية. هذه هي أخبار الشرق التي تحولت لقراءة أخباره بعد السمعة السيئة للغرب، التي تحاول وزارة التربية والتعليم نشرها عبر مناهجها هذا العام. وزيرهم يستقيل بسبب مزحة بينما لا يجد 120 ألف طالب يدرسون في الخارج من يعتذر لهم عما لحق بهم من تشويه للسمعة، تتردد أصداؤها في منهج دراسي يدرس الآن في 322 ثانوية. تشكك برحلتهم العلمية وبأخلاقهم وما يفعلونه هناك. في الصيف الماضي كنت في ولايتين أميركيتين واحدة في شرق أميركا في فلوريدا، والأخرى في غربها في كاليفورنيا، الطلاب هناك وجدتهم يفضلون الصوم على رخصة الإفطار على رغم مشقة الصيام وطول الوقت، بل وزادوا عليه بذهابهم لصلاة التراويح حتى الساعة التاسعة والنصف مساء، وقد حرصت جامعة فلوريدا أن تعطل طلابها في فصول اللغة الإنكليزية في شهر رمضان، لأن فصول اللغة يشغلها ما يقارب ال80 في المئة من السعوديين، خوفاً من أن تتزايد نسبة غيابهم بسبب حرصهم على الصيام. أحد المواقع نشر خبراً عن أحد المشاركين في منتدى «آفاق»، يقول إن 35 طالباً سعودياً تحولوا عن دينهم، وحين عدت لقراءة الندوة بحسب ما نشرها موقع «آفاق» لم أجد شيئاً من هذا الكلام، بل وجدت أن المتحدثين يمتدحون أخلاق المجتمعات الغربية المتقدمة التي هي فرصة ليتعلم منها المبتثعون، واستشهد أحد المنتدين بقوله: «إن هذه المجتمعات كما قال عنها أحد العلماء المسلمين في القرن ال19 مسلمون بلا إسلام». فمن هذا الذي يقلب الحقائق ويشوه البرامج، ويشكك في أخلاق أبنائنا، ويجعل طريق العلم غواية وفساداً؟ هل نحن بين خطابين مزدوجين، وقرارين مزدوجين، ووزارتين مزدوجتين، تشتت جهودنا وتشقنا بين غرب وشرق وكفر وإسلام؟ منذ أن انطلقت أول بعثة في برنامج الابتعاث ونحن نتساءل عما أعددنا للآلاف من المبتعثين حين يعودون لبلادهم، وها نحن نحظى بالجواب في كتب منهج الحديث. ولا تستغربوا أن تكون الخطة هي إعداد فرق محتسبة تستقبل المتخرجين العائدين لبلادهم، بمثل ما حدث في بعض القرى في السعودية في القرن الماضي، فقد كانوا يقاطعون العائد من زيارة الكويت لما ينتشر فيها من مظاهر الكفر، فلا يسلمون عليه، وفي بعض الروايات قيل إنهم يصلون على ثيابه صلاة الميت. في صغري كنت أسمع قصة ساخرة تؤكد أن المبالغات تقود للإيمان بنقيضها، وتجعلك تفقد الثقة برسالتها، هذه القصة تقول إن الناس في إحدى القرى أخبروا رجلاً بأن ابنه الذي يدرس في الرياض قد ضل، وأصبح يأكل الفول ويشرب الدخان، وهما علامتان من علامات الضلال، فذهب الوالد ليتأكد بنفسه، ووصل الأب عند ابنه ليلاً، وفي الصباح أحضر له ابنه الفطور فأكل الأب ولم يجد أطيب مما ذاقه، فسألَ ابنه عن اسم هذا الطعام؟ قال له الابن هذا فول. فما كان من الأب الذي أدرك كذب كل ما سمعه إلا أن قال: «أجل جب لنا الدخان يا ولدي». هل تحتاج هذه القصة شرح، لا أظن لكنها على الأقل تقول لا تجعلونا نكذبكم في الفول والدخان. في الطيّب وغير الطيّب. [email protected]