سلم رئيس الوزراء المغربي السيد عبدالرحمن اليوسفي أمس رسالة خطية من الملك الحسن الثاني الى الرئيس زين العابدين بن علي، يعتقد أنها تتعلق بالعلاقات الثنائية والمساعي الجارية لتنشيط الاتحاد المغاربي والوضع العربي في ظل تعطل مسار التسوية السلمية والمشاورات الجارية لعقد قمة عربية. واستقبل الرئيس بن علي أمس اليوسفي في ختام زيارة رسمية لتونس استمرت ثلاثة أيام رأس خلالها الوفد المغربي الى اجتماعات الدورة السادسة للجنة العليا المشتركة التي لم تجتمع منذ 1996. ورعى اليوسفي ونظيره التونسي الدكتور حامد القروي أمس في قصر الحكومة في "القصبة" حفلة التوقيع على عشرة محاضر واتفاقات وبرامج تعاون ثنائية انبثقت من اجتماعات اللجنة العليا، وترمي الى تطوير التعاون في مجالات التجارة والإعلام والشؤون الاجتماعية والصناعة في حضور أعضاء الوفدين الرسميين. وأكد اليوسفي في تصريحات الى الصحافيين قبل مغادرته تونس ان البلدين اتفقا على أن تجتمع اللجنة العليا المشتركة مرة كل سنة بدل مرة كل سنتين. وشدد على أن دورة اللجنة العليا لم تكن عادية "لأنها أتت بعد أن شهد المغرب تطوراً سياسياً مهماً في أعقاب تشكيل حكومة التناوب التداول والدخول الى تجربة جديدة شعارها التغيير". وأشار الى أن زيارته لتونس هي الأولى لبلد عربي منذ توليه رئاسة الوزراء، تيمناً بعادة كرسها الملك الراحل محمد الخامس "الذي زار تونس في تشرين الأول اكتوبر العام 1956 في أول زيارة سياسية قام بها خارج وطنه، بالاضافة الى أن أول بلد أقام المغرب علاقات ديبلوماسية معه هو تونس". وأكد ان نظرتي تونس والمغرب الى تطوير علاقاتهما متطابقة. وقال انهما عبرا، خلال الاجتماعات، عن "ارادة سياسية قوية لتنشيط التعاون الثنائي ما سينعكس حكماً في تطوير العلاقات على صعيد المنطقة المغاربية". ورأى ان مجلس الأعمال التونسي - المغربي الذي شكل أمس بين "الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة" و"اتحاد مقاولات المغرب" سيساهم في تنشيط المبادلات الثنائية واقامة مشاريع شراكة "خصوصاً أن البلدين مرتبطان مع الاتحاد الأوروبي باتفاقي شراكة وسيجابهان منافسة شرسة من شركائنا الشماليين علينا أن نكون مستعدين لتأهيل بلدينا حتى يكونا بالمستوى المطلوب". وأفاد ان الرئيس بن علي اقترح تشكيل "خلية تفكير" بين الحكومتين مهمتها "تعميق البحث في وسائل تطوير العلاقات الثنائية، ودرس المشاغل المطروحة على منطقتنا". واعتبر أن اعتماد الاقتراح وتقليل الفترة الفاصلة بين اجتماعات اللجنة العليا من سنتين الى سنة واحدة في المستقبل "دليل على الوتيرة الجديدة التي انتقلت اليها العلاقات الثنائية". وأشار الى ان الاجتماع الأخير للجنة العليا المغربية - الليبية واجتماع اللجنة التونسية - المغربية وتعيين سفير جديد للرباط لدى موريتانيا "شكلت مناخاً كرس دينامية جديدة على الصعيد الاقليمي ستساعد في تنشيط الاتحاد المغاربي". تصريحات عطاف وجدد اليوسفي اقتراحه السابق بفتح الحدود البرية بين المغرب والجزائر والغاء العمل بنظام التأشيرات بين البلدين. وأكد ل "الحياة" ان الجزائر أبلغت الاقتراح عبر سفيرها في الرباط ميهوب ميهوبي، نافياً بذلك تصريحات أدلى بها أخيراً وزير الخارجية الجزائري السيد أحمد عطاف الى صحيفة "ليبرتي" الجزائرية، وقال فيها انه اطلع على فحوى مبادرة اليوسفي من الصحف وأن الرباط لم تبلغ الحكومة الجزائرية الاقتراح رسمياً. وأضاف اليوسفي في تصريحات الى "الحياة": "اعتدت على استقبال السفير الجزائري في المغرب دائماً حتى عندما كنت في المعارضة. وفعلاً استقبلته أخيراً وتحدثت معه وأبلغته رسمياً رغبتنا بأن يتم فتح الحدود مجدداً والغاء التأشيرات بين المغرب والجزائر، وأن يعمل كل طرف ما في وسعه لإنهاء معاناة المواطنين على جانبي الحدود جراء الاغلاق". وأكد أنه "يشاطر الجماهير المغاربية استياءها من غلق الحدود". إلا أنه أوضح ان "لا أحد راض على الأوضاع الراهنة وكل من له امكان التأثير في تحريك الوضع عليه أن يتحمل المسؤولية في القيام بذلك". وزاد "نحن نبذل جهودنا ونتعاون مع الارادات الصالحة في كل من تونس وليبيا وموريتانيا للخروج بالاتحاد المغاربي مما هو فيه ومجابهة التحديات التي باتت مطروحة على الاتحاد". وشدد على أن المغرب "مستعد لأخذ مكانه مجدداً في منظمة الوحدة الافريقية" التي كان انسحب منها في 1981 احتجاجاً على قبول عضوية جبهة "بوليساريو". وأشار الى ان أكثرية تبلورت في مؤتمر القمة الأخير في بوركينا فاسو تؤيد عودة المغرب. وقال: "لو تم تصويت لتقررت دعوة المغرب للعودة الى مقعده في المنظمة إلا أن مساندي الجمهورية الوهمية بوليساريو عارضوا اجراء التصويت وتشبثوا باجراءات شكلية حتى يرجأ البحث في الموضوع الى الاجتماع الوزاري المقبل للمنظمة". المبادرة الأميركية ورداً على سؤال ل "الحياة" في شأن المبادرة الأميركية الأخيرة لإقامة شراكة مع كل من المغرب وتونسوالجزائر، أكد اليوسفي ان المغرب يعكف على درس الاقتراحات التي قدمها له نائب وزيرة الخارجية الأميركية ستيوارت ايزنستات في هذا الشأن لدى استقباله له في الرباط الشهر الماضي. وأوضح ان درس مبادرة الشراكة الأميركية لن يتم في المستوى المغربي فقط وانما سيشمل المستوى التونسي - المغربي "لتبادل الآراء في شأنه وسنسعى كذلك لمعرفة آراء الأطراف المغاربية الأخرى". وأكد ان المغرب "والملك الحسن الثاني الذي يدير السياسة الخارجية المغربية" يؤيدان عقد قمة عربية موسعة وان اتصالات تجرى في هذا الاطار خصوصاً مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات