يبدأ مؤتمر الحريات الصحافية في الوطن العربي اليوم اعماله في فندق "بريستول" بدعوة من نائب رئيس اتحاد الصحافيين العرب رئيس لجنة الحريات نقيب محرري الصحافة اللبنانية ملحم كرم، وسط استمرار العلاقة المتأزمة بين رئيس الجمهورية الياس الهراوي ونقابتي الصحافة والمحررين، لعدم التوصل الى مخرج للاشكال المترتب على الصفعة الرئاسية لأمين سر نقابة الصحافة رئيس تحرير مجلة "الشراع" الزميل حسن صبرا. ومع انعقاد المؤتمر الذي لم يلحظ في برنامجه لقاء مع رئيس الجمهورية على خلاف اللقاءات المقررة بين المؤتمرين ورئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري ووزير الاعلام باسم السبع، عادت الازمة بين الرئاسة الاولى ونقابتي الصحافة والمحررين الى الصدارة، في ضوء اخفاق الجهود الآيلة الى انهاء الاشكال. وبرز ذلك من خلال عدم طلب النقيب كرم موعداً من دوائر القصر الجمهوري في بعبدا لزيارة الهراوي، مما يعني ان استمرار اجواء التوتر لا تسمح بعقد مثل هذا الاجتماع، على رغم ان المراقبين يعتقدون ان استثناء رئيس الجمهورية لن يكون لمصلحة الدولة ولا للصحافة اللبنانية ككل خصوصاً حيال الاعلاميين العرب. وعزت مصادر نقابية السبب الى ان رئيس الجمهورية لم يوفد من ينوب عنه الى دار نقابة الصحافة، كمخرج لوضع حد للاشكال، خصوصاً ان مبادرة من هذا النوع ستعقبها زيارة وفد مشترك من نقابتي الصحافة والمحررين لبعبدا. وعلمت "الحياة" ان علاقة النقابتين برئيس الجمهورية باتت تقترب من القطيعة خصوصاً ان النقيبين كانا اعتذرا عن عدم حضور مأدبة عشاء اقامها وعقيلته السيدة منى على شرف زوجة رئيس السنغال إليزابيت ضيوف. واعتذار النقيبين جاء بحجة عدم وجودهما في بيروت اثناء المأدبة وأفادت معلومات "الحياة" ان الاعتذار لم يكن سوى شكل من اشكال المقاطعة. ولم تفلح حتى الساعة الجهود الوزارية لرأب الصدع بين الهراوي والنقابتين. وكان رئيس الحكومة زار صباح امس رئيس الجمهورية وتعذر معرفة طبيعة ما دار بينهما، علماً ان مصادر رجحت ان يكون اللقاء تطرق الى ايجاد مخرج عاجل لتفادي المأزق الذي وصلت اليه العلاقة. وكان الحريري التقى امس في القصر الحكومي وفد اتحاد الصحافيين العرب برئاسة رئيسه ابراهيم نافع وعضوية النقيب كرم والامين العام صلاح الدين حافظ والامين المالي حاتم زكريا ونقيب الصحافة محمد البعلبكي وعضو الامانة زياد عبدالفتاح والامين العام المساعد الياس عون ومحمد صالحة وفي حضور مستشار الحريري، نهاد المشنوق. وقال البعلبكي ان "لبنان كان ولا يزال واحة الحرية، وان الاتحاد في تحركه الجديد بعد عودته الى مصر وبرئاسة السيد ابراهيم نافع وأمانته الجديدة حقق الكثير من الحضور والانجازات التي تعزز المهنة. اما حافز عقد لجنة الحريات فهو ان العالم العربي مقبل على ايام صعبة يتحتم ان ترفدها الصحافة بكلمة حرة ومسؤولة وعالية. من هنا كان حرص الاتحاد على ان تتوحد صفوف الصحافيين العرب وتأتلف على موقف شجاع يحمي الكلمة وممارسيها ويضمن لهم الحرية الرحبة والسلامة المتناهية". وقال نافع ان "الاتحاد اختار لبنان ليعقد اجتماعه لما يتمتع به من حريات، خصوصاً حرية الصحافة. ونحن في بحثنا في قضية حرية الصحافة نؤمن بحقوق الصحافيين وواجباتهم في الدرجة نفسها، وبمسؤوليتهم ومسؤولية السلطة وممارساتها سواء حيال الصحافة او المجتمع". وكما نطالب بحرية للصحافة والرأي والتعبير، نطالب بمسؤولية الصحافيين، وهي جزء من مواثيق الشرف الصحافية التي في ظلها نتحرك". ورد الحريري فقال ان "اختياركم لبنان مكاناً لعقد لجنة الحريات شرف كبير لنا. فالحريات جزء من التراب اللبناني، ولا خلاف على ان في لبنان عنصرين بارزين هما الحرية والديموقراطية. ونأمل ان يمتد هذا المفهوم الى كل الدول العربية في ظل ظروفها ومجتمعاتها وبيئتها". وتمنى للمؤتمر "النجاح وتحقيق الغاية التي من اجلها انعقد للانتصار على الكثير من الصعوبات. ونحن في حاجة اليكم لأن تعضدونا في تذليلها وتجاوزها والانتصار عليها". وتابع ان "للنقابات الصحافية شأناً كبيراً وبالتالي تبعات ودوراً كبيراً يجب ان تضطلع بها لتعزيز حرية الصحافة والكلمة، مع الاخذ في الاعتبار مسؤولية الصحافة بالنسبة الى قضايا المجتمع وسلامته. ومهما يحصل تبقَ الديموقراطية الصيغة المثلى لحل كل الاشكالات". لكن مصادر رسمية اشارت الى ان الحريري تطرق امام الوفد الى خلاف النقابتين مع رئيس الجمهورية، بتكرار وجهة نظره الداعية الى ان "تتوليا معالجة الاشكالات التي تتسبب بمشكلة بين الصحافة والمسؤولين، وان تتدخلا من اجل محاسبة كاتبي المقالات التي تتحامل على المسؤولين وتتناولهم بطريقة مسيئة لأن هذا يوفر الكثير من الاشكالات". وأوضحت المصادر ان الحريري ابدى استعداداً، اذا ارادت النقابتان، للمساعدة في تأمين الاطار القانوني الذي يجعلهما شريكتين في المسؤولية عن العلاقة الايجابية بين الصحافة والمسؤولين. وكان الحريري التقى وفداً من الجالية اللبنانية في المكسيك دعاه الى زيارة مكسيكو، ومدير الكونسرفتوار الوطني وليد غلمية ووفدين من خبراء المحاسبة المجازين واللجنة الأهلية لمتابعة قضايا المرأة بعد مؤتمر بكين.