تتعاطى النيابات العامة في لبنان هذه الايام مع ملف شديد الحساسية يتعلق بالسلك القضائي نفسه نتيجة دعاوى وتحقيقات في أخطاء قضائية وأنباء عن ادعاءات بتلقي قضاة رشاوى. ويشمل الملف قضيتين: الاولى تتعلق بدعوى تقدم بها النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم ، وهي الاولى من نوعها، امام الهيئة العامة لمحكمة التمييز ضد الدولة اللبنانية عن مسؤوليتها عن أعمال قضاة ارتكبوا خطأ جسيماً في قرار صادر عن محكمة التمييز. والقضية الثانية تتعلق بتوقيف شخص يدّعي انه رشا قضاة لمساعدة موقوفين كانوا قيد المحاكمات في دعاوى تتعلق بالاتجار بالمخدرات. ومن تداعي القضيتين قرار صدر امس عن محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضي أحمد المعلم وعضوية المستشارين أنطوان الراهب والياس نمور بإرجاء النظر في دعوى أنطوانيت شاهين وجهاد أبي رميا ورشيد ضو وسعيد جبرايل بعدما أدلت ممثلة النيابة العامة القاضية ربيعة عماش باسم القاضي عضوم بالآتي: "استناداً الى المادة ال 791، الفقرة الثالثة، من اصول المحاكمات الجزائية ثمة دعوى ضد القاضيين المستشارين الراهب ونمور لدى الهيئة العامة لمحكمة التمييز وطلبت احالة الملف على رئيس مجلس القضاء الاعلى لبت هذا الموضوع". وأرجئت الدعوى لهذه الغاية. وذكر مصدر قضائي ل "الحياة" ان قرار محكمة التمييز "اجراء طبيعي"، وان كل الدعاوى العالقة امامها "ستتوقف في ضوء الدعوى المقدمة الى حين تعيين قاضيين جديدين بدلاً من القاضيين المعنيين بالدعوى المقدمة ضدهما". وكان القاضي عضوم، بصفته ممثل النيابة العامة التمييزية وتتوافر فيه صفة الادعاء على الدولة والمصلحة القانونية والاكيدة لذلك، وباعتباره ممثلاً للمجتمع المتضرر، اعلن في دعواه ان "القاضيين المستشارين نمور والراهب ارتكبا خطأ جسيماً في القرار الذي صدر عن محكمة التمييز والذي خالفه الرئيس القاضي المعلم، لجهة اعتبار المتهمين أنطوان جرجي عازار ومحمود أمهز وجوزف نورالدين نصرالله في جريمة مخدرات مستفيدين من قانون العفو عن جرائم المخدرات الذي يشمل الجرائم المرتكبة ما قبل 31/12/1995، في حين ان جريمتهم ارتكبت بعد هذا التاريخ وهي من الجرائم المستمرة". وأوضح عضوم في دعواه ان القاضيين ارتكبا الخطأ لجهة قبول طلبات التمييز شكلاً ولجهة تشويه الوقائع وتفسير قانون العفو لمصلحة المتهمين، وطلب وقف تنفيذ القرار التمييزي المشكو منه حتى الفصل في هذه الدعوى وتوقيف المتهمين الذين اطلقوا بموجب القرار المشكو منه ووضع موضع التطبيق احكام المادة ال 751 من قانون اصول المحاكمات المدنية الفقرة الثالثة التي تنص على ان من غير الجائز للقاضي المنسوب اليه سبب الدعوى منذ تقديم استحضارها ان يقوم بأي عمل من اعمال وظيفته يتعلق بالمدعي. وفي القضية الثانية، استدعى القاضي عضوم امس احد الزملاء الصحافيين في صحيفة "النهار" للتحقق من معلومات نشرها قبل يومين عن ان الموقوف يوسف حسين حمية ادعى انه دفع رشاوى لقضاة من دعاوى انتهت المحاكمة فيها ببراءة متهمين. وأوضح مرجع قضائي ان الموقوف حمية كان يوهم من يدفع له المال لمساعدة موقوفين بأنه سيعطيه لقضاة، في حين انه كان يحتفظ به لنفسه. وأشار الى ان الموقوف كان احضر شاهداً كاذباً تبين ان كل كلامه غير ثابت. وذكر المرجع ان ملف حمية في عهدة قاضي التحقيق الاول في بيروت سعيد ميرزا، وهو موقوف منذ شهر بتهمة التدخل في الشهادة الكاذبة وصرف نفوذ امام القضاة.