بدأت حرب الخنادق القانونية في الدعوى المقامة ضد مايكروسوفت بتهمة مخالفة أحكام القوانين الأميركية التي تحرم الاحتكار، فيما طلبت الشركة التي تخوض حرباً منذ فترة من الزمن مع خصومها من القاضي الفيديرالي الموكل القضية أمهالها سبعة أشهر لكي تستعد لجلسة سماع فحوى الدعوى. وستطلب الحكومة الأميركية وحكومات عشرين ولاية أقامت دعوى قضائية ضد مايكروسوفت من المحكمة ان تتحرك على نحو أكثر سرعة مما ترغب الشركة الأميركية فيه، أي في خلال أربعة إلى ستة أسابيع. وتقول الحكومة الفيديرالية والحكومات المحلية المعنية إن ما طلبته مايكروسوفت ما هو إلا محاولة لإطالة فترة المقاضاة ما يسمح لسرعة التبدل في قطاع البرامج بجعل المسائل القانونية التي تثيرها الدعوى مثلها مثل أي شيء أثري لا قيمة له ولا تستحق إلا الاهمال. ويقول طوماس ميلر، مدعي عام ولاية ايووا، الذي يرأس لجنة العمل الخاصة بمكافحة الاحتكار والتابعة للجمعية الوطنية للمدعين العامين: "تتحرك الأمور بسرعة كبيرة في صناعة الكومبيوتر وثمة حاجة قوية إلى حل هذه المسائل بسرعة. والدعوى الراهنة هي أفضل مثال للقول المأثور وهو ان العدالة يجب أن تكون فورية لكي تكون بالفعل عدالة وانصاف". خلاف ويتمحور الخلاف حول توقيت النظر في الدعوى القضائية على طلب وزارة العدل الأميركية و20 مدعياً عاماً إصدار أمر قضائي أولي، بمعنى ان الوزارة تريد من المحكمة الأميركية المختصة أن تأمر مايكروسوفت بنزع برنامج تصفح انترنت من نظام التشغيل ويندوز 98، الذي يمثل اصداراً جديداً من أنظمة التشغيل التي تنتجها الشركة، أو بتضمين هذا النظام الجديد برنامج نافيغيتر الذي يتصفح انترنت وتنتجه شركة نتسكيب كوميونيكيشنز. وبالاضافة إلى هذا كله تريد الحكومة الأميركية ان تمنح مايكروسوفت منتجي الأجهزة الشخصية حرية تعديل ويندوز 98 وتحويره ليزداد مقدار سيطرتهم على ما يشاهده مستخدم جهاز الكومبيوتر على الشاشة الرئيسية الموجودة على منضدته والتحكم به. وتقول الحكومة الأميركية ان هاتين الخطوتين مطلوبتان لمنع مايكروسوفت من توسيع نطاق احتكارها لسوق أنظمة التشغيل وجعل هذا الاحتكار يشمل سوقي برامج انترنت والتجارة بواسطة انترنت، وهما سوقان جديدان. ويُذكر ان مايكروسوفت وزعت ويندوز 98 على منتجي الأجهزة الشخصية أخيراً والمنتظر ان يباع النظام التشغيلي الجديد للعامة في 25 حزيران يونيو الجاري. ويلفت جو سيمز، الشريك في شركة "جونز داي ريفيس اند بوغ" في واشنطن الذي كان سابقاً مسؤولاً في وزارة العدل الأميركية، إلى ان المسألة كلها "في غاية الأهمية وقد تؤثر كثيراً في ما ستؤول إليه الدعوى القضائية برمتها". ولا تصدر المحكمة أمراً قضائياً بوقف التعامل مبدئياً بالبرنامج التشغيلي الجديد، إلا إذا توصلت إلى أن الحكومة "قد تفلح في إثبات أنها على حق أو أن من المحتمل أن تتمكن من إثبات أنها على حق". ما يعني نصراً موقتاً للحكومة، على حد ما يقول الخبراء القانونيون. ومن شأن إصدار الأمر القضائي أيضاً أن يشير إلى ان من المرجح ان تكسب الحكومة الدعوى برمتها عندما يتم النظر فيها رسمياً. وفي الرد الذي رفعته مايكروسوفت إلى المحكمة ذكرت الأسباب التي دعتها إلى طلب منحها مزيداً من الوقت لإعداد دعواها، كما أن مايكروسوفت حطّت من قدر ما تقترحه الحكومة وقالت إنه من شأن إصدار الأمر القضائي لصالح الحكومة أن يسبب مزيداً من التأخير. وقالت مايكروسوفت أيضاً إن تطوير نظام تشغيلي جديد من دون برنامج انترنت اكسبلورر واختباره سيستغرق عدداً كبيراً من الأشهر، هذا إذا لم يستغرق أعواماً. ولن تكون له قيمة تجارية". مهلة وأضافت مايكروسوفت أن مهلة الأشهر السبعة التي تطلبها لكي تهيئ دعواها هي من متطلبات الانصاف، فالحكومة بدأت تحقيقاتها في آب اغسطس 1996 بينما بدأت الولايات المختلفة تحقيقاتها في شباط فبراير 1997. وقال محامو الشركة إنهم بحاجة إلى الوقت لكي يتمكنوا من النظر في عشرات آلاف الصفحات من الوثائق الحكومية، واستجواب 50 شاهداً وإعداد الرد على شكاوى الحكومة والولايات. ورد أحد كبار المسؤولين في وزارة العدل الأميركية على هذا كله بأن قال إن مايكروسوفت تتعمد المبالغة في ما يتطلبه إعداد الدعوى القضائية من وقت، ولفت إلى ان مقداراً كبيراً من الوثائق المطلوبة في الدعوى القضائية بالنسبة إلى الحكومة، هو بريد مايكروسوفت الالكتروني ومذكراتها الالكترونية التي أعادت الشركة النظر فيها قبل تسليمها إلى الحكومة. وأضاف هذا المسؤول: "إن استراتيجية مايكروسوفت القانونية أو القضائية هي عبارة عن جهود تمكنها من بيع ويندوز 98، فيما تجري مقاضاتها بخصوص هذا النظام التشغيلي". وينقسم الخبراء في الشأن القانوني حول طول المهلة التي سيمنحها القاضي جاكسون لمايكروسوفت لكي تهيئ أوراقها اللازمة لجلسة الاصغاء، لكن قلة من هؤلاء الخبراء تعتقد ان المهلة ستكون كما تطلب الشركة، أي سبعة أشهر. ويقول ستيفن اكسين، المتخصص في شؤون الدعاوى الخاصة بالاحتكار ومكافحته في شركة "أكسين فلتروب أند هاركرايدر: "اعتقد أن المهلة ستكون نحو 60 يوماً". ويذكر ان مايكروسوفت طالبت أيضاً بأن تدمج دعوى الحكومة الأميركية مع دعاوى الولايات المعنية المختلفة على الأقل من أجل تجميع الأدلة على اعتبار ان دعوى الحكومة تشبه كثيراً دعوى الولايات، ومن غير المحتمل أن تعارض الحكومة والولايات طلب الشركة هذا.