اصيبت شركة مايكروسوفوت، التي تتحدى حكومة الولاياتالمتحدة ممارساتها التجارية في دعوى قضائية رفعتها ضدها بتهمة مخالفة احكام القوانين التي تحرّم الاحتكار، بنكسة قضائية اخرى لا يستهان بها عندما امر قاضٍ فيديرالي، في ولاية كاليفورنيا، الشركة بالتوقف عن بيع نسختها الخاصة بها من لغة البرمجة جافا التي تملكها شركة منافسة لمايكروسوفت هي صن مايكروسيستمز. وكانت الشركة الاخيرة منحت مايكروسوفت، بموجب اتفاق ترخيص تم التوصل اليه في آذار مارس 1995 بين الشركتين، حق بيع لغة جافا التي تعتبر من بين اكثر اللغات شعبية للبرامج التي تُشغّل على انترنت، مع نظام تشغيل ويندوز مايكروسوفت ومع برنامج تصفح انترنت وهو انترنت اكسبلورر. لكن شركة مايكروسوفت عدّلت جزءاً من لغة جافا، عام 1997، فصارت البرامج المكتوبة بها لحساب انظمة تشغيل اخرى، لا تعمل في الاجهزة التي تستخدم ويندوز والعكس بالعكس. تحسين وقالت مايكروسوفت وقتها انها تحسّن لغة جافا لكن عددا كبيرا من العاملين في القطاع، بما فيهم شركة صن مايكروسيستمز، قال ان ما فعلته مايكروسوفت كان محاولة منها لپ"تلويث" لغة كانت تهدد احتكار مايكروسوفت لأنظمة التشغيل. وبناء علىه اقامت شركة صن دعوى قضائية على مايكروسوفت اساسها ان اتفاق الترخيص بين الشركتين لم يسمح لمايكروسوفت بتغيير لغة جافا. وقال القاضي رونالد هوايت، الذي يترأس المحكمة التي تنظر في دعوى شركة صن، الثلثاء قبل الماضي انه من المحتمل ان تتمكن شركة صن من اقامة الدليل على صحة دعواها في محاكمة ستجرى العام المقبل، وأمر مايكروسوفت ببدء بيع نسخة شركة صن من لغة جافا في خلال تسعين يوماً. وإذا واصلت مايكروسوفت بعد انقضاء هذه الفترة الزمنية، بيع نظامها التشغيلي او برنامج التصفح الذي تنتجه مع نسختها هي الخاصة بها من لغة جافا، ستكون بحكم من يخاله امر المحكمة. وليل الثلثاء قالت مايكروسوفت ان الامر القضائي يتطلب سحب ويندوز 98 او برنامج تصفح انترنت اكسبلورر 4 من السوق. وعلى رغم ان ناطقاً باسم الشركة قال ان الامر القضائي سيكلف الشركة مبالغ طائلة من المال، امتنع عن الادلاء بأية تفاصيل عن الكلفة. وليس من المعروف ما اذا كان الامر القضائي الأولي، الذي صدر في كاليفورنيا رداً على دعوى قضائية خاصة، سيؤثر في دعوى الحكومة الاميركية ضد مايكروسوفت بتهمة خرق احكام القوانين التي تحرم الاحتكار، وهي الدعوى التي يُنظر فيها في واشنطن في الوقت الحاضر. لكن اتهامات الحكومة الاميركية للشركة تتضمن شكوى من الممارسات التي هي في مكان القلب من دعوى شركة صن ضد مايكروسوفت بتهمة مخالفة احكام اتفاق بينهما. وزارة العدل وتقول وزارة العدل الاميركية التي تدّعي على مايكروسوفت مع المسؤولين في 20 ولاية اميركية، ان ما فعلته الشركة بحق شركة صن ما هو الا جزء من نموذج الممارسات غير القانونية التي ترتكبها الشركة العملاقة الناشطة في مجال انتاج البرامج والتي تهدف الى حماية سيطرتها الناجزة على سوق برامج الاجهزة الشخصية، والى تعزيز هذه السيطرة وترسيخها. وتؤكد الحكومة ان بوسع جافا ان تشكل تحدياً خطيراً لشركة مايكروسوفت اذا اصبحت التكنولوجيا الاساسية في السوق. وتتيح لغة جافا لمطوّري البرامج ان يكتبوا برنامجاً مرة واحدة يُشغّل بعد ذلك في عدد كبير مختلف متنوع من الاجهزة بصرف النظر عن نظام التشغيل في اي من هذه الاجهزة، ما يهدد سيطرة مايكروسوفت على اتجاه تطور البرامج. ويتفاعل عاملان لضمان بقاء سيطرة مايكروسوفت واحتكارها لأنظمة التشغيل راسخاً. اولاً يكتب معظم المبرمجين برامجهم اولاً وغالباً لنظام ويندوز التشغيلي لأن حصته من انظمة تشغيل الاجهزة الشخصية تتجاوز 90 في المئة. ثانياً يتمنّع مستخدمو ويندوز عن تغيير أنظمة التشغيل التي يقتنونها لأن التغيير يتطلب شراء برامج جديدة. لكن بوسع البرامج المكتوبة بلغة جافا، نظرياً على الأقل، العمل مع اي نظام تشغيل، ما يعني ان بوسع المستخدم ان يتخلى عن ويندوز لحساب ماك اوس، الذي تنتجه شركة ابل كومبيوتر، او لحساب اي نموذج من نماذج نظام التشغيل يونيكس، وان يشغل برامج جافا نفسها التي كان اشتراها لتعمل مع ويندوز. وفي البريد الالكتروني الذي تبادله كبار العاملين في مايكروسوفت والذي نُشر على الملأ في دعوى شركة صن ودعوى الحكومة الاميركية على مايكروسوفت، أشير الى هذا الاحتمال تلميحاً بما يعني ان ويندوز قد يفقد سيطرته على البرامج المطوّرة حديثاً، ما يشكل تهديدا لاحتكار مايكروسوفت. ويأتي الحكم الصادر في كاليفورنيا في وقت سيئ بالنسبة الى مايكروسوفت، لكن الاثر الذي سيخلفه هذا الحكم، اذا تبلور بالفعل، على دعوى الحكومة الاميركية ضد مايكروسوفت، ليس سهل التحديد. ويقول روبرت ليتان، احد المسؤولين الكبار سابقاً في القسم المولج بمكافحة الاحتكار في وزارة العدل الاميركية: "ستقول وزارة العدل ان خرق احكام الاتفاق بين مايكروسوفت وصن مايكروسستمز جزء من نموذج ممارسات مايكروسوفت السيئة ومن نيتها الاحتكار، فدعوى صن تساهم في تحسين الاجواء بالنسبة الى دعوى الحكومة على الشركة العملاقة، لكن عدا عن هذه المساهمة ليس من البيّن ما سيكون عليه اثر حكم محكمة كاليفورنيا بالضبط على هذه الدعوى". ويلفت ليتان الى ان ما صدر كان امراً قضائياً اوّلياً، ولن تبدأ محاكمة مايكروسوفت بدعوى صن قبل العام المقبل، بينما تجري حالياً محاكمة مايكروسوفت بتهمة مخالفة احكام القوانين التي تحرم الاحتكار، ومن المنتظر ان يصدر القاضي توماس بنفيلد حكمه في وقت مبكر من العام المقبل. حكم غير نهائي ويضيف ليتان، الناشط حالياً في مؤسسة بروكينغز: "لو صدر حكم نهائي في دعوى صن على مايكروسوفت لكان هذا الحكم اثّر اكثر وعلى نحو مباشر على دعوى الحكومة الاميركية ضد مايكروسوفت". ويقول محللو شؤون قطاع الكومبيوتر والبرامج ان الحكم الذي صدر في كاليفورنيا لن يكون له اثر كبير، على الارجح، في نشاط مايكروسوفت في القريب العاجل على رغم ان هذا الحكم الأوّلي يثير تساؤلات حول استراتيجية مايكروسوفت التي تتناول محاولتها التأثير على العاملين في القطاع كافة ليتقبلوا نسختها من تكنولوجيا برامج انترنت. ويقول ريتشارد شيرلاند، المحلل في شركة غولدمان ساكس اند كو: "لن يتأثر نشاط مايكروسوفت التجاري بحكم كاليفورنيا لأن القاضي منح هذه الشركة 90 يوماً للانصياع الى امره فلا يتعين على الشركة ان تسحب منتجاتها من مخازن التوزيع". لكن شيرلاند يلفت الى ان الامر القضائي "يلجم مايكروسوفت، ومن البيّن ان يصدر في وقت غير مناسب ابداً بالنسبة للشركة، بالنظر الى وجود دعوى قضائية ضدها بتهمة الاحتكار". وفي دعوى صن ضد مايكروسوفت تتهم الأولى الثانية بمحاولة عرقلة الفرص كافة المتاحة امام لغة جافا لتصبح لغة برمجة عامة للجميع. وقالت مايكروسوفت، تعليقاً على صدور الأمر القضائي في كاليفورنيا، انها تشعر بالخيبة. وزاد بول ماريتز، احد نواب رئيس مايكروسوفت، تعليقاً على الأمر القضائي: "لا ننتظر ان يصادف اي انتاج من انتاجنا عراقيل وصعوبات بما في ذلك ويندوز 98. فلا حاجة لزبائننا بأن يشعروا بأي قلق". وفي مؤتمر صحافي عقده ماريتز مساء صدور الحكم الأولي حضره محللون لشؤون قطاع الكومبيوتر والبرامج، قال: "لدينا خيار هو ان نتمنّع عن دعم جافا". لكن معظم محللي شؤون القطاع يشك في ان تتمكن مايكروسوفت من التخلي تماماً عن جافا، وهي لغة البرمجة الخاصة بانترنت التي طوّرتها شركة صن. وجاء حكم محكمة كاليفورنيا فيما كان عدد كبير من كبار العاملين في قطاع الكومبيوتر والبرامج يجتمعون في معرض تجاري كبير خاص بالكومبيوتر معرض كومدكس في لاس فيغاس. وكان رد فعل هؤلاء الأوّلي على الحكم ايجابياً ومؤيداً بالاستناد الى الافتراض ان قرار محكمة كاليفورنيا سيؤدي الى تشجيع وجود نسخة واحدة فقط من جافا يتبناها القطاع برمته، ويستطيع مطورو البرامج كتابة برامج بهذه اللغة الواحدة الموحدة. ويقول اريك شميت، كبير المسؤولين التنفيذيين في شركة نوفيل انك، التي تصنع البرامج التي تربط ما بين الاجهزة في شبكة منها: "ان ما يحتاج اليه القطاع هو لغة جافا واحدة موحدة". ويذكر ان شميت كان كبير الفنيين في شركة صن عندما طرحت جافا في السوق، عام 1995، كلغة مصممة خصيصاً للبرامج التي تعمل في انترنت. وفي الأمر القضائي الأولي الذي اصدره القاضي هوايت في 31 صفحة، كان الاستناد على انه من المحتمل ان تربح شركة صن الدعوى باستحقاق. ويتمحور الخلاف بين مايكروسوفت وبين صن مايكروسيستمز على ما اذا كان العقد الذي ابرم بينهما عام 1996، والذي يسمح لمايكروسوفت باستخدام لغة جافا، يسمح أيضاً لمايكروسوفت بتعديل اللغة لكي يصبح بالامكان استخدامها في برامجها برامج مايكروسوفت. ويذكر ان جافا كانت تزداد جاذبية وقتها في اوساط قطاع الكومبيوتر والبرامج كله. وتقول مايكروسوفت ان ما ادخلته من تعديلات على جافا حسّن اداءها فقط. لكن شركة صن ترد على هذا بأن غاية مايكروسوفت الفعلية هي تطويع جافا بغية نسف احد التحديات التي تواجهها