تفصل البيروتيين 48 ساعة عن موعد انتخابات مجلسهم البلدي المؤلف من 24 عضواً، سيختارونهم للمرة الأولى منذ 46 عاماً بالاقتراع، اذ درجت العادة على تعيين اعضاء هذا المجلس، علماً ان آخر انتخابات له كانت عام 1952. وسيتوجه 388125 بيروتياً، 216372 مسلماً و171753 مسيحياً، غداً الى صناديق الاقتراع لانتخاب المجلس البلدي والمخاتير، في معركة تتنافس عليها لائحتان مكتملتان "التوافق البيروتي" و"بيروت" وثلاث غير مكتملة، وسط دعوات من القيادات الروحية الاسلامية الى الحفاظ على التوازن الطائفي، في مقابل المخاوف من الإخلال به داخل المجلس البلدي. وتتوزع النسب المئوية للمذاهب في بيروت كالآتي: 4،40 في المئة سنّة، 6،15 ارمناً، 3،13 شيعة، 7،10 روماً اورثوذكساً، 4،6 موارنة. وأمل رئىس الجمهورية الياس الهراوي في "ان يتحقق التوازن الطائفي في انتخابات المجلس البلدي في بيروت من خلال اقتناع الناس ووعيهم بالمحافظة على العيش المشترك". وأضاف، كما نقل عنه النائب شاكر ابو سليمان "انه كان يفضل التعيين في المدن الكبرى ضمن ضوابط وشروط معينة لتحقيق التوازن اذا حصل اي خلل في الانتخابات، خصوصاً بعد الوضع الذي خلّفته الحرب الطويلة". وتابع رئيس الحكومة رفيق الحريري امس الشؤون المتعلقة بالانتخابات البلدية والاختيارية في بيروت والجنوب وعرض تحضيراتها مع نائبه وزير الداخلية ميشال المر. ثم التقى وفداً من اتحاد جمعيات العائلات البيروتية فوفداً من الأحزاب الأرمنية الذي كان زار مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني. قباني وشمس الدين ودعا المفتي قباني، في خطبة الجمعة امس، اهالي بيروت الى "المشاركة الكثيفة في الانتخابات لمواجهة الاصابع التي تغذي العصبية والإخلال بالتوازن". وقال "ان من يستهدف ضرب وحدة العاصمة انما يمهّد لضرب وحدة لبنان وتمزيقه". وأضاف "هناك اصابع تعبث بأمن المجتمع اللبناني وهناك من يخطط ويعمل في ظلمات الليل ويغذي مشاعر العصبية والتطرف اما بدعوة الناس الى الامتناع عن الاشتراك في الانتخابات وعدم الاقتراع لكي يأتي المجلس البلدي من لون واحد، واما بدعوتهم الى انتخاب يظهر خللاً في التوازن الوطني، وكلا الدعوتين خطر على لبنان". وأكد "ان الاصابع الاسرائيلية في الداخل لا تزال تعمل للإجهاز على مقوّمات المجتمع اللبناني وأن هناك من يريد ان يثبت ان الصيغة الوطنية في لبنان غير قابلة للحياة". وحذر رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الإمام محمد مهدي شمس الدين من "الإخلال بالتوازن الوطني في بيروت". ودعا المسلمين والمسيحيين الى "الاقتراع بكثافة وتحمّل مسؤولياتهم في الحفاظ على التوازن الوطني". وناشد المسلمين "ان يحرصوا حرصاً مطلقاً وعلى مستوى التكليف الشرعي، على التوازن في التمثيل". وناشد النائب تمام سلام ابناء العاصمة "مواجهة الاستحقاق الانتخابي بموقف بيروتي اصيل، لا بتعصّب وتزمّت وانغلاق، لنؤكد للمجتمع اللبناني ان ابناء بيروت هم على مقدار المسؤولية ولنثبت لكل اللبنانيين ان بيروت هي المقياس الذي يحتذى وأن ابناء بيروت هم ابناء كل لبنان". وأفاد الحزب التقدمي الاشتراكي، في بيان، انه "سيمارس اقتناعاته السياسية في اختيار من يراه مناسباً من المرشحين منطلقاً من الوفاء لبيروت - الشعب، ولتراث الحركة الوطنية ولجمال عبدالناصر ولبيروت الوطنية والعربية والمقاومة التي صمدت في وجه الاحتلال الاسرائيلي وتحدّت الحصار بإرادة شعبها وتضامن أبنائها وشكّلت راية قومية عربية يعتز بها لبنان ورسمت تاريخاً نضالياً لا يمكن ان يمحوه احد من ذاكرة الماضي، ولا من آفاق المستقبل". وتحدث رئىس لائحة "التوافق" عبدالمنعم العريس في مهرجان اقامه حزب الطاشناق في بيروت، فدعا الى المشاركة الكثيفة في الاقتراع، مثنياً على الوحدة الارمنية. وشدد عضو المكتب السياسي للطاشناق هاغوب بقرادوني على "عدم التشطيب". ووصف رئيس "لائحة بيروت" عبدالحميد فاخوري الجو العام ب"الجيد جيداً، على اعتبار ان كل ما يحدث الآن في انتخابات لبنان يصب في خانة رفض الواقع في كل المدن والقرى التي اجريت فيها الانتخابات". واعتبر "ان بيروت لن تقصّر عن ذلك لأنها العاصمة والمنطلق دائماً لكل التحركات في مصلحة الوطن". وأضاف "ان بين اللائحتين المكتملتين خرقاً في النهج، ونهجنا ينبع من اهالي بيروت، فيما النهج الآخر ينبع من السلطة القائمة، اضافة الى ان المعركة هي بين المصالح الخاصة من جهة والمصلحة العامة من جهة اخرى". ورأى "ان السعي الى تشكيل اللائحة التوافقية ليس إلاّ عبارة عن تجميع لكل القوى التي تريد فرض ارادتها على الناس خوفاً من ان يعبّر الناس انفسهم بكل حرية وصراحة ضمن الخيار الديموقراطي". وأكد المشرف العام على الماكينة الانتخابية ل"حزب الله" النائب السابق محمد برجاوي ان "الحزب يعمل بقوة وينسّق مع الماكينات الاخرى لعدم الاخلال بالتوازن الوطني والتصويت للائحة "التوافق البيروتي" كاملة". وأضاف "هناك اصرار على عدم حصول اي عملية تشطيب". وقال رئيسا الماكينتين الانتخابيتين لتيار "القوات اللبنانية" المحظورة وحزب الكتائب فؤاد مالك وانطوان شادر "ان التحضيرات تركز على طريقة تحقيق التوازن الطائفي". وأشار الى "ان تعليمات الطرفين واضحة في اتجاه التوافق على انزال لائحة التوافق البيروتي كما هي". وانتقد حزب الوطنيين الاحرار "الخطابات المموّهة التي يبالغ اصحابها في اطلاق الشعارات المنمّقة واثارة المشاعر الوطنية، مدعين العمل على توفير التوازن والعيش المشترك". وسأل "كيف يمكن من أصرّ على امرار مرسوم التجنّس وإسقاط عشرات آلاف المجنّسين من لون واحد على القوائم الانتخابية في بيروت، ان يدّعي السهر على تأمين التوازن؟". وركّز الاحرار والمعارضة الكتائبية على "انتخاب مختارين من خارج الذين تريد السلطة فرضهم على الاشرفية".