عمدت السلطات الصربية الى سياسة الفرز السكاني في اقليم كوسوفو من خلال تجميع الألبان في ملاعب رياضية وساحات خاصة تشبه المعسكرات. وتقضي هذه الاستراتيجية بقصف المدن والقرى لإرغام سكانها على الفرار ومن ثم فرض عليهم خيار التوجه نحو مراكز تجمع معدة سلفاً لايوائهم. وجاء ذلك في ظل معلومات عن تدمير 43 قرية في بلدية ديتشاني وتشريد سكانها البالغ عددهم نحو 70 ألف نسمة. واعترفت واشنطن بأن ما يحدث في اقليم كوسوفو "يدل على قيام القوات الصربية بحملة تطهير عرقية في الجزء الجنوبي الغربي من الاقليم". وطلب بيان لوزارة الخارجية الأميركية من الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش "سحب قوات القمع الصربية من كوسوفو". وحذر البيان من أن الولاياتالمتحدة "مستعدة لإعادة فرض العقوبات ضد يوغوسلافيا التي كانت جمدت بعد وساطة من المبعوث ريتشارد هولبروك". وأفاد لياز رميلي وهو مسؤول قيادي في الاتحاد الديموقراطي لألبان كوسوفو الذي يتزعمه ابراهيم روغوفا ان مدينة ديتشاني تبعد حوالى مئة كيلومتر الى جنوب غربي العاصمة بريشتينا أصبحت شبيهة بمدينة فوكوفار شرق كرواتيا التي دمرها الصرب أواخر العام 1991. وأشار الى ان "القوات الصربية لا تسمح للصحافيين والديبلوماسيين والعاملين في مجال المنظمات الانسانية من الدخول الى المنطقة للاطلاع على حقيقة ما حدث". وأضاف المسؤول الألباني ان "مناظر مرعبة تسود مدينة ديتشاني وضواحيها نتيجة القصف الصربي العنيف الذي استهدفها ودمر المنازل واحرق ما فيها وقتل سكانها". ونقل المركز الإعلامي الألباني في كوسوفو عن شهود هربوا من ديتشاني "انهم رأوا ارتال من الدبابات التابعة للجيش اليوغوسلافي تتوجه نحو ما تبقى من القرى الحدودية في بلدية ديتشاني". وذكرت منظمات اللاجئين في شمال البانيا أمس الاربعاء ان أكثر من ألفين وخمسمئة من ألبان كوسوفو تم احصاؤهم في المخيمات الواقعة في مناطق مدينتي كوكس وتروبايا اضافة الى لجوء كثيرين لدى اقربائهم وأصدقائهم في ألبانيا. وقال الناطق باسم منظمة شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة كريس يانوفسكي ان "أفواجاً متواصلة من سكان كوسوفو النازحين في طريقها الى مراكز اللاجئين وهي تفر من القصف المدفعي الذي يجتاح القرى القريبة من الحدود مع البانيا". وأضاف الناطق: "يبدو أن القوات الصربية تتعمد الآن طرد السكان الألبان من شريط كوسوفو الحدودي". وأفادت مصادر اعلامية مطلعة في بريشتينا ان أكثر من 100 شرطي صربي تم طردهم لرفضهم المشاركة في عمليات العنف الجارية في كوسوفو. ونقل تلفزيون بلغراد أمس عن مصادر عسكرية صربية ان "وحدات الشرطة تمكنت بعد عمليات فيج نوب غربي كوسوفو استمرت خمسة أيام، من تطهير مدينة ديتشاني من العناصر الارهابية الانفصالية وان هذه الوحدات تخوض معارك ضارية مع جيش تحرير كوسوفو وهي تقترب من قرية غلوجاني الحدودية مع البانيا شمال شرقي ديتشاني بحوالي 15 كيلومتراً". واعترفت هذه المصادر بمقتل شرطي صربي واصابة أربعة آخرين بجروح "عندما تم ابادة مجموعة ارهابية انفصالية البانية كبيرة حاولت تهديد طرق المواصلات بين ديتشاني وجاكوفيتسا بالقرب من منطقة تسرنوبريغ". ووصفت هذه المصادر هروب السكان الى البانيا بأنه "نتيجة استخدامهم من قبل الارهابيين كدروع بشرية لها في فرارهم الى قواعدهم في البانيا ما يحتم على هؤلاء السكان عبور الحدود والاقامة في معسكرات تحت رعاية ومغريات الولاياتالمتحدة الأميركية التي تقدم لهم المواد الغذائية والطبية". ووجه الجيش اليوغوسلافي نداءات عبر مكبرات الصوت الى سكان القرى الألبانية في بلديتي ديتشاني وجاكوفيتسا بالتجمع في الملاعب الرياضية والساحات "وان الجنود يضمنون سلامتهم شريطة ان لا يتعاونوا بأي شكل مع الارهابيين". من جهة أخرى بحث حلف شمال الأطلسي في الاجتماع الاسبوعي لمجلسه أمس "تدهور الوضع في كوسوفو والاستعدادات التي أقرها وزراء خارجية دول الحلف في لوكسمبرغ الاسبوع الماضي لمنع اتساع نطاق العنف الى دول أخرى في المنطقة".