أعرب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو عن "ملله" من الاستماع الى الانتقادات التي وجهت اليه بعد دعوته الى تحريك المفاوضات المتعددة الأطراف عبر عقد مؤتمر جديد على غرار مدريد. ومن جهة اخرى، توقع نتانياهو ان تتوصل حكومته الى اتفاق مع الفلسطينيين في شأن الانسحاب العسكري من أراضٍ في الضفة الغربية نهاية الشهر المقبل. وقال نتانياهو للاذاعة الاسرائيلية امس، في ما بدا أنه رد على تصريحات الرئيس حسني مبارك التي أعلن فيها معارضته اقتراح عقد مؤتمر "مدريد 2": "مللت من الاستماع الى انتقادات من دون علم بالامور أو استيضاحها". وأوضح نتانياهو ان المؤتمر الدولي الذي اقترح عقده "ليس بديلاً عن المسيرة السياسية مع الفلسطينيين"، بل سيبحث في قضايا اقليمية في المنطقة مثل المياه والحد من التسلح والمواصلات وحماية البيئة. ولم ينس نتانياهو ان يتضمن عرضه للملهاة الجديدة التي أخرجها للعالم المتفرج، تحديد موعد جديد لتنفيذ التزاماته في شأن اعادة الانتشار في الأراضي الفلسطينية، مشيراً الى ان حكومته ستتخذ قراراً في شأن الانسحاب "مع نهاية الشهر المقبل". وقال عندما سئل هل يتوقع التوصل الى اتفاق قبل العطلة الصيفية للكنيست البرلمان: "اعتقد ان العملية ستكتمل في ذلك الوقت. لا استطيع أن أقول ذلك بتأكيد كامل لأني لا استطيع أن أملي على الفلسطينيين ما يفعلونه". وأشارت مصادر صحافية اسرائيلية الى ان نتانياهو طرح مسألة عقد مؤتمر على غرار مؤتمر مدريد على الزعماء الأوروبيين خلال جولته في العواصم الأوروبية وبينها مدريد في آذار مارس الماضي. وذكرت الاذاعة الاسرائيلية ان نتانياهو اقترح ان تقوم أوروبا بدور على مسار المفاوضات المتعددة الأطراف من دون ان يكون لها دور في المسار الفلسطيني - الاسرائيلي لأن "الولاياتالمتحدة هي التي تعالج هذا المسار". وأضاف ان ما يؤخر التوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين هم الفلسطينيون انفسهم من خلال "عدم تنفيذهم التزاماتهم بشكل حقيقي"، مشيراً الى وجود "فجوات" في مسألة اعادة الانتشار، لكن "ليس هذا ما نتعامل معه، نتعامل الآن مع مسألة حل مشكلة الالتزامات المتبادلة". ويرى محللون سياسيون في القدس ان نتانياهو يسعى الى تحقيق التزاماته لمنتخبيه بفك العزلة المفروضة على الدولة العبرية وفتحها على العالم العربي اقتصادياً واجتماعياً من دون التوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين، وذلك من خلال دفع المفاوضات على مسار المفاوضات المتعددة الأطراف، وهو المسار الذي أصر على فتحه بصورة متوازية مع المفاوضات الثنائية التي انبثقت عن مؤتمر مدريد في ذلك الوقت رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق شامير. الى ذلك أ ف ب استبعد ايغال بيبي احد قادة الحزب الوطني الديني تسعة نواب المتحالف مع نتانياهو في تصريح للاذاعة أمس فكرة عقد مؤتمر جديد في مدريد. وقال: "لا أرى الفائدة من ذلك. ان هدفنا هو التوصل الى ترتيبات مع الفلسطينيين في شأن الوضع النهائي للضفة الغربية وغزة". كما عارض يوسي بيلين أحد زعماء المعارضة العمالية فكرة المؤتمر، معتبراً ان "رئيس الوزراء مستعد لأي شيء شرط ان لا يقوم بشيء. وهو على الأرجح يسخر شخصياً من الافكار الجديدة التي يطرحها صباح كل يوم لأنها تخفي الموضوع الأساسي: تطبيق الالتزامات التي تتيح دفع عملية السلام قدماً". أما ديفيد ليفي رئيس حزب "غيشير" ووزير الخارجية السابق في حكومة نتانياهو فاعتبر انه "يجب اعادة وضع المحادثات الثنائية على السكة وإفساح المجال بموازاة ذلك أمام استئناف المحادثات المتعددة الأطراف التي اعطت ثمار كثيرة استفادت منها اسرائيل". وأيد شامير فكرة عقد "مؤتمر مدريد ثان" مشدداً على انه "لن يكون مع ذلك متلائماً مع اتفاقات اوسلو التي يجب الغاؤها قبل ذلك". ووصفت وزيرة التعليم العالي في السلطة الفلسطينية الدكتورة حنان عشراوي اقتراح نتانياهو الجديد بأنه محاولة "رخيصة ومفضوحة لإلغاء مرجعية مدريد وما تم التوصل اليه حتى الآن وما تم الاتفاق عليه في عملية اعلان المبادئ". وأضافت في حديث ل "الحياة" ان نتانياهو "يلهي العالم ببالونات اختبار يطلقها في الهواء ليحول أنظاره عن حقل الألغام التي يزرعها على الأرض". ووصفت محاولات نتانياهو للتهرب من الاتفاقات بأنها "استهتار واحتقار لذكاء العالم"، معربة عن اشمئزاز الفلسطينيين من كل ممارسات نتانياهو ومناوراته وألاعيبه وحيله، مشيرة الى ان العالم بأسره أصبح يدرك طبيعة نتانياهو وحكومته. وقالت: "يجب مساءلة نتانياهو وليس التعامل مع خدعه الواحدة تلو الأخرى"