خادم الحرمين الشريفين يصل إلى جدة قادمًا من الرياض    "تكفى لا تعطيني" تحاصر عصابات التسول    3 مرتكزات تعزز الوعي الصحي بجازان    19 حالة إنقاذ حياة في أجياد للطوارئ    سمو أمير القصيم يشيد بجهود "كبدك" ويدعم مسيرتها في خدمة مرضى الكبد    قرار طبي في الهلال من أجل ميتروفيتش    السعودية تشارك في الألعاب العالمية الشتوية للأولمبياد الخاص في "تورين" الإيطالية    3450 خريجة في أكاديمية القيادة الصحية    الضباب يعلق الدراسة بالباحة    وزير العدل يدعو لرفع مستوى جودة الأحكام القضائية الصادرة من الاستئناف    غدا.. تكريم الفائزين بجائزة التميز الإعلامي    السينما السعودية.. غياب للقصة المحلية وتراجع المشاهدات    تبرعات إحسان تتجاوز 858 مليون ريال    طيران الرياض ينطلق في 2025 لتقديم تجربة سفر لا مثيل لها    ميزة في Whatsapp لمستخدمي iOS    ضيوف "خادم الحرمين": جهود المملكة عززت من رحلتنا الإيمانية    النجمة أمام العدالة.. وجدة يلاقي أبها.. والجبيل يواجه العين    ترامب يثير الجدل: أوكرانيا قد لا تنجو من الحرب مع روسيا    جولة التعادلات وعودة الميترو    ريال مدريد يفوز على فاليكانو ويتقاسم قمة الدوري الإسباني مع برشلونة    التلاعب بالإجازات المرضية.. السجن و100000 ريال    الدول المنتجة للنفط تخفّض الانبعاثات بتعزيز كفاءة التشغيل    هدم 632 منزلاً في طولكرم    سورية: اشتباكات عنيفة مع فلول النظام السابق ومجرمي الحرب بمحيط قرية تعنيتا    الإفطار الرمضاني بالعُلا تجربة تنبض بعبق التاريخ والتراث الأصيل    نمو الناتج المحلي 1.3 % خلال عام 2024    "الداخلية".. خطط متكاملة لتعزيز الأمن وإدارة الحشود    مكة في عهد عبد الملك بن مروان.. استعادة السيطرة وإعادة الإعمار    المرأة السعودية.. من التمكين إلى الريادة    أعمال «مرور الرياض» أمام محمد بن عبدالرحمن    أمير تبوك يطلع على التقرير السنوي لمديرية الدفاع المدني بالمنطقة    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ترسخ مبادئ التمكين الثقافي للمرأة السعودية    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يجدد مسجد فيضة أثقب بحائل    أمير منطقة جازان يتسلم التقرير السنوي لجمعية الأمير محمد بن ناصر للإسكان التنموي    مركز التأهيل الشامل بالبكيرية يقيم وجبة إفطار جماعي لذوي الإعاقة    يوم العلم السعودي.. اعتزاز بالهوية وترسيخ للقيم    أجواء روحانية ومزيج من العادات الرمضانية يعيشها المقيمون في المملكة    أمين منطقة القصيم يفتتح مقر حملة جود القصيم    أكذب من تيك توك!    %95 يؤيدون أن تتضمن لوحة المفاتيح رمز الريال    نادي الأخدود الرياضي يحتفي بيوم المرأة بشراكة مجتمعية    الموت يغيب أيقونة الطرب المغربي نعيمة سميح    الاتفاق يعبر العروبة بثنائية    1340 حالة ضبط ممنوعات في المنافذ الجمركية خلال أسبوع    الدفاع المدني يوضح أرقام الطوارئ أثناء الأمطار    الجامعات السعودية تتصدر قائمة أفضل 100 جامعة في العالم    أمريكا ترصد 10 ملايين دولار مقابل معلومات عن متزلج كندي    حبست زوجها على شرفة المنزل.. فمات من البرد    المرأة السعودية.. شريك أساسي في بناء المستقبل بفضل رؤية القيادة الرشيدة    الهلال يحافظ على كنو    40 مبدعًا يمثلون المملكة في آيسف 2025    الصيام الإلكتروني    2027 عام الحسم أم استمرار الجمود في مضيق تايوان؟    الجامعة العربية تدين تصاعد العنف في الساحل السوري    المرأة ومأزق المربع الأول    الدولة بين واجبات السياسة وفنون الإدارة 2/2    الذكاء الاصطناعي يقتحم المطبخ    في يومها العالمي.. المرأة السعودية تتقدم وتشارك بفعالية في بناء الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين «معركة استيطان القدس» و «الدولة الموقتة»!
نشر في الحياة يوم 27 - 07 - 2009

يبدو أن نتانياهو وبتوجه متعمد ومباشر، بات يسعى إلى «تصويب» معركة حكومته مع الإدارة الأميركية، ونقلها إلى مجال يحظى بإجماع إسرائيلي، وتأييد غالبية يهود الولايات المتحدة (قضية البناء في القدس). بخاصة بعد أن أعربت مصادر فلسطينية عن قلقها من توصل واشنطن إلى حل وسط مع إسرائيل في شأن الاستيطان، لا سيما بعد أن أخفقت في الحصول على موافقة حكومة نتانياهو بتجميد الاستيطان في شكل كلي، واعتبرت أن تصريحات أوباما التي انتقد فيها الدول العربية والفلسطينيين، بسبب رفضهم تقديم بوادر حسنة تجاه إسرائيل مقابل وقف الاستيطان، مؤشر إلى استعداد الولايات المتحدة للتوصل إلى صيغة توافقية، تتيح لإسرائيل الاستمرار في البناء الاستيطاني، بذريعة سد احتياجات النمو الطبيعي.
في هذه الأجواء يسعى الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، لتكثيف متابعته لشأن سياسي «تسووي خاص»، تجلى مؤخراً في الحديث عن تسوية مرحلية موقتة، كان قد نجح بإقناع كل من نتانياهو وإيهود باراك بتبنيها، قبل أن يجرى طرحها من قبلهما على الولايات المتحدة، وذلك استباقاً لإعلان الرئيس أوباما مبادرته أو خطته للسلام الإقليمي في المنطقة. حيث ذكرت مصادر إعلامية وسياسية إسرائيلية أن نتانياهو في صدد بلورة فكرة «التسوية المرحلية»، كمشروع جديد لتسوية موقتة للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، يكون من نتيجتها إقامة دولة فلسطينية موقتة، وإن لم تكن على كامل ما يفترض أن تقوم عليه «دولة التسوية الكاملة أو النهائية». وهذا بالتحديد لا يناقض خطة سلامه الاقتصادي القائم على كانتونات حكم ذاتي، يمكن أن تطلق عليها تسمية دولة أو أي اسم آخر.
ويستند هذا المشروع إلى خطة قديمة، كانت قد طرحتها إسرائيل عام 2000، إلاّ أن السلطة الفلسطينية يومها بقيادة الرئيس الراحل ياسر عرفات رفضتها، كونها تقوم على قاعدة إقامة «دولة فلسطينية موقتة»، من دون القدس ومن دون التطرق إلى تسوية قضية اللاجئين، وذلك على نحو 80 بالمئة من مساحة الضفة الغربية، مع حسم كامل الكتل الاستيطانية والطرقات التي توصل إليها، وهي بمساحة 10 بالمائة، على أن يؤجر غور الأردن لإسرائيل لمدة 20 – 30 عاما، بينما يؤجل البحث في موضوعي القدس واللاجئين إلى المفاوضات حول التسوية الدائمة، دون تحديد أي سقف زمني لذلك، رغم ذكر أن تلك المفاوضات سوف تجري بين دولتين (إسرائيل وفلسطين)!.
إلاّ أن الجديد في الأمر الآن، أن إسرائيل بصدد إعادة الاعتبار للوصاية العربية الموسعة هذه المرة، نظراً للوضع القيادي الفلسطيني، والتذرع بغياب الشريك الفلسطيني القادر على التوصل إلى اتفاقات مقبولة مع الجانب الإسرائيلي، في ظل الانقسام السياسي والجغرافي القائم حالياً. لهذا تقترح خطة «التسوية المرحلية» من أجل الدولة ذات «الحدود الموقتة» مفاوضات مع وفد من الجامعة العربية، يضم ممثلين للسلطة الفلسطينية. وهذا يعني أن الدور العربي بموجب هذه الخطة، يمكن أن ينحصر في محاولة إقناع، إن لم نقل فرض خريطة طريق جديدة، فحواها دفع الفلسطينيين للقبول ب «دولة موقتة».
ليس هذا فحسب، فعلى الصعيد الإسرائيلي الداخلي، فإن ما يجرى طبخه في صفوف حزب كاديما، قد يكون يسير نحو النضوج، بخاصة في أعقاب الإعلان عن الخطة التي سبق لشاؤول موفاز أن كشف عنها، كمعبر لإقامة حكومة اتحاد وطني، عبر إقامة توافق وإجماع وطنيين على طرح «الدولة الموقتة»، وهو مضمون اتفاق بيريز – نتانياهو – باراك الذي يظهر الآن مدى تطابقه وانسجامه بصورة مدهشة مع مشروع خطة موفاز، الذي تحدث يومها، عن دولة فلسطينية بحدود موقتة. وإذا استطاع نتانياهو استجماع قوة حكومته الحالية أو المعدلة، ربما في وقت من الأوقات، سيكون من الصعب على ليفني وحزبها البقاء خارج الحكومة، مع ما يطرحه هذا السيناريو من احتمالات انشقاق الليكود مرة أخرى، وحتى انشقاق كاديما ذاته. إلاّ أن دور إسرائيل في هذه الخطة سيكون هو الطرف المبادر، حيث ستدعو الدول العربية إلى مؤتمر موسع يضم الأميركيين والروس والأوروبيين والأمم المتحدة وكل العالم بسفرائه، بدلاً من أن تكون مدعوة كبقية المدعوين، وهذا ما يصادر في شكل مسبق، ويعمل لإفشال كل من دعوة روسيا لمؤتمر موسكو، وأخيراً دعوة الرئيس الفرنسي لعقد مؤتمر دولي للسبب ذاته.
في النهاية إسرائيل تحتاج إلى الولايات المتحدة لترويج خطتها العتيدة، ولكن إذا استمر نتانياهو بعناده وصلفه وعنجهيته المعهودة، وانتقاله من معركة إلى أخرى في مواجهة إدارة أوباما، فذلك يعني أن إسرائيل ليست بصدد التوصل إلى أي اتفاق تسووي من أي نوع، ما سيدلل على أن حكومة نتانياهو ليست جاهزة فحسب، بل وترفض من حيث المبدأ التنازل عن أي شبر مما تزعم أنه «أرض إسرائيل»، وهذا هو الأرجح. وهنا يستعيد ألوف بن (هآرتس 17/7) حكاية إسحاق شامير الذي وقف على حد وصفه، ببطولة في وجه ضغوط بوش الأب ضد المستوطنات، إلى أن سقطت الصواريخ على تل أبيب في حرب الخليج، «أميركا حمت إسرائيل وجبت الثمن حين جرّت شامير إلى مؤتمر مدريد، وساعدت في إسقاطه من الحكم».
هل هذه إشارة إلى إمكانية أن تكرر الولايات المتحدة مثل هذا السيناريو مع نتانياهو، إذا استمر في سياسة اللعب المزاجي وحيداً؟ أم أن خطة «الدولة الموقتة» يمكن أن تتيح توافقاً أعلى بين الطرفين، انطلاقاً من الاستعجال الأميركي الساعي إلى تثبيت أن شيئاً ما تغير ويتغير، وأن هناك ما يتحرك وسط سماء ملبدة بغيوم سياسية وعسكرية ثقيلة الوطء على الإستراتيجية الأميركية في المنطقة والعالم. فهل من السهولة وسيولة المواقف المتباعدة، أن يجد الإسرائيليون شركاء لهم (عرباً) يمكن أن ينجحوا في تطويع موقف فلسطيني، ليس جاهزاً في كل الأحوال، للإقدام على خطوة كهذه، تبعده عن مآلات «تسوية مرحلية»، ما تني تشهد فصولها الخلافية، حتى داخل الطرف الواحد؟ فما حال «التسوية النهائية»، إذا كانت الحال هي الحال الذي نراه يتقلب على جمر الخلافات والاختلافات الأكثر من متباعدة، والتي باعدت وقد تباعد بين من يفترض أنهم أطراف في الصف أو الجهة الواحدة؟.
* كاتب فلسطيني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.