اكدت مصادر تونسية ان ثلاثة ديبلوماسيين اسرائيليين يعملون في مكتب الاتصال الاسرائيلي سيغادرون العاصمة التونسية نهائياً غداً أو بعد غد. وكان رئيس المكتب شالوم كوهين المتحدر من اصول تونسية غادر تونس في الربيع الماضي بعد انتهاء مهمته فيها. وسيكون في مقدم المغادرين نائب رئيس البعثة غيديون بيهار الى جانب موظفين آخرين كانوا يقيمون منذ افتتاح البعثة في فندق هيلتون في احد الاحياء الراقية القريبة من وسط العاصمة تونس. وظل اعضاء البعثة المؤلفة من اربعة ديبلوماسيين قبل مغادرة كوهين معزولين عن المجتمع المحلي كونهم لا يدعون الى اي مناسبة رسمية او فعالية شعبية، واقتصر نشاطهم العام على تلبية دعوات يتلقونها من السفارات الغربية. وكان آخر نشاط قام به نائب رئيس البعثة بيهار حضوره الاحتفالات السنوية التي تقيمها الطائفة اليهودية في جزيرة جربة جنوب لمناسبة زيارة كنيس "الغريبة"، وقد شارك فيها اكثر من أربعة آلاف يهودي أتوا من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا بالاضافة الى نحو ستمئة اسرائيلي. وكانت تونس دعت رئيس مكتبها في تل أبيب خميس الجهيناوي للعودة الى تونس منذ العام الماضي. وأفادت مصادر مطلعة ان الجهيناوي لن يعود الى مركز عمله السابق كونه سيعين في منصب ديبلوماسي جدىد. وسعى مكتب الاتصال الاسرائيلي في تونس الى الانتقال الى مبنى مستقل خارج فندق هيلتون العام الماضي، الا ان الخارجية التونسية لم تصادق على عقد الايجار الذي كان المكتب الاسرائيلي سينتقل بموجبه الى فيلا كانت تشغلها احدى السفارات الشرقية في حي المنزه. ونتيجة العزلة التي عانى منها مكتب الاتصال الاسرائيلي طويلاً توقف اصدار نشرة Les Perles du pays اي "درر البلد" التي كان يوزعه كل ثلاثة اشهر على مستشفيات ومؤسسات علمية محلية وأكاديميين واعلاميين باللغة الفرنسية. مرحلة تجميد وبدا في الفترة الاخيرة ان التونسيين عازمون على تجمد العلاقات الديبلوماسية مع الدولة العبرية بعدما استخلصوا نتائج سلبية من تجربة تبادل مكاتب الاتصال طبقاً لما اكده وزير الخارجية سعيد بن مصطفى في مجلس النواب. وكان بن مصطفى أبدى تجاوباً مع مداخلات نواب طلبوا انهاء العلاقات وغلق مكتبي الاتصال في جلسة خصصها المجلس لمناقشة السياسة الخارجية أواخر أيار مايو الماضي. وقال بن مصطفى للنواب ان الاحداث "تجاوزت" موضوع التطبيع ونفى ان تكون هناك علاقات ديبلوماسية تربط بين تونس واسرائيل كون هذا النوع من العلاقات "لا يقوم من دون اتفاق بين الدولتين". وأوضح "اننا قمنا بتجربة كانت عبارة عن فتح مكتب محدود الصلاحيات وليس لديه اي مقر حتى الآن بالنظر الى التطورات التي حصلت في المنطقة". واعتبر ان خطوة فتح مكتبين للاتصال في كل من تونس وتل أبيب كانت تندرج في اطار محاولة دعم اليسار الاسرائيلي في مواجهة اليمين المتشدد قبيل الانتخابات العامة الاخيرة في اسرائيل و"بالتنسيق مع القيادة الفلسطينية". وأكد ان الهدف كان "مساعدة الجناح الذي قام بمسيرة السلام والذي كان مصمماً على السير فيها" في اشارة الى حزب العمل الاسرائيلي بزعامة رئيس الوزراء السابق شيمون بيريز الذي فشل في الانتخابات الاخيرة. وأضاف "اما اليوم وبعدما تطورت الامور بين العرب واسرائيل الى ما هي عليه الآن فليست لدينا سفارة اسرائيلية والموضوع مجمد". الا انه أوضح ان مسار التطبيع "يتوقف على كيفية استئناف مسيرة السلام واستمرارها". وأتت تصريحات بن مصطفى خلال الزيارتين الرسميتين اللتين اداهما الى كل من دمشق الاسبوع الماضي وبيروت مطلع لاسبوع الجاري لتكرس الاتجاه نحو تجميد التطبيع. اذ اكد في تصريحات صحافية ادلى بها في دمشق ان الاسرائيليين العاملين في مكتب الاتصال الاسرائيلي في تونس سيغادرون البلد قريباً. وأوضح انه "لن يأتي بديل منهم". وانتقد تراجع اسرائيل عن التزاماتها وعن الاتفاقات التي تم التوصل لها في اطار عملية السلام مع العرب. وقال: "ان اسرائيل لا تريد السلام". ورجح مراقبون ان تترجم خطوة التجميد التي التزمتها تونس برفض اعتماد اي ديبلوماسي ترشحه الخارجية الاسرائيلية ليحل محل اعضاء مكتب الاتصال الذين سيغادرون العاصمة التونسية بعد انتهاء مهماتهم فيها في اطار مناقلات دورية تشمل جميع البعثات الاسرائيلية في العالم. وعلى رغم تجميد العلاقات بين الحكومتين لوحظ ان وفوداً اسرائيلية غير رسمية استمرت بزيارة البلد للمشاركة في مؤتمرات وندوات علمية وطبية متوسطية من اهمها ندوة مؤسسات الاذاعة والتلفزيون المتوسطية التي أقيمت في الربيع في ضاحية قمرت شمال العاصمة