يستل المنمنماتي الاصفهاني مجهراً من جيب في بطانة سترته، يُدنيه من لوحة متوسطة الحجم تمثل غادةً يُخيل للناظر انها تتهادى على الأنغام التي يعزفها في لوحة اخرى تخت من الموسيقيين، ويدعو من يعنيه الأمر الى التحقق بنفسه، يمتثل من يعنيه الأمر لدعوة المنمنماتي، فتنقشع له دفعة واحدة شبكة من الخطوط والانحناءات والزوايا والألوان تُغني النظر بالعين المجردة حتى عن افتراض وجودها. وبالجملة يتحقق من يعنيه الأمر إياه أن آلاف التومانات التي يطلبها صاحب المنمنمة ثمناً لها، والتي إن ترجمت عملة "شيطانية" استحالت مبلغاً لا يستهان به يستحقه الفنان لما اقتضاه انجاز هذه اللوحة من دقة وصبر وقياساً على فكرة اقتناء أثر يشهد على فن عابر للتاريخ الفارسي. على هذا وعلى ان للتفاصيل الكلمة العليا في حانوت المنمنماتي، يحتار زائر طهران الى أي حد يُرجح النظر الى المشهد الايراني من خلال المجهر على كفة النظر اليه بالعين المجردة، أعني الى كم يتغاضى عن المشهد برمته لقاء الوقوف على حذافير هذا الجزء من المشهد أو ذاك. أحوط الاثنين لربما ان يقتدي زائر طهران بصديقنا المنمنماتي ذاك فيحتفظ بمجهر في جيب في بطانة سترته أو زيه الشرعي يخرجه منها ولا يسلطه الا حيث لا بد من كلمة فصل. طهران، بجاداتها المنتظمة ومساحاتها الشاسعة وغاباتها أي حدائقها العامة الغناء، تنام وتصحو، منذ أسابيع، على أخبار محاكمة رئيس بلديتها، غلام حسين كرباستشي، فالرجل الذي درس في الحوزات العلمية لا في الولاياتالمتحدة كما يُشيّع مغرضوه قبل خوضه في الشأن العام البلدي والسياسي، لم يخفِ مرة انحيازه للسيد محمد خاتمي، كما لم يخف طموحاته الشخصية. فبعد ترؤسه بلديتي أصفهان وطهران ونجاحه الى حد بعيد في الانتقال بهاتين المدينتين من عهدين واحد شاهنشاهي بادٍ بالمعنى الحرفي للكلمة وآخر ثوري دال عهده الى عهد ثالث يتلمس الاستتباب، لا تبدو رئاسة الجمهورية بالنسبة اليه بالمشروع المستحيل وأي ضرر من استعادة العمامة إن لم يكن منها لبلوغ سدة الرئاسة بد؟ بمجهرهم قرأ حُساد الخاتمية فنجان كرباستشي ورأوا ان تلطيخ صورة الرئيسين - رئيس البلدية وتالياً رئيس الجمهورية - أمام الرأي العام بتهمة ظاهرها مادي التصرف بأموال عامة وباطنها معنوي وسياسي حجرٌ كفيل بأن يصيب عدة عصافير في آن معاً: غلام حسين كرباستشي رجلاً ومشروعاً واعداً في المقدمة ومن ورائه الفريق الخاتمي، الأمر الذي لن يخلو ان يصيب السيد الرئيس نفسه برذاذه. لم يُخطئ حساد الخاتمية الهدف ولا أخطأوا الوسيلة رغم ان الأمور تبقى مرهونة بخواتيمها. أما الهدف فمن حيث ان رئيس بلدية طهران يستقطب من العداوات مقدار ما يستقطب من الصداقات، ومن حيث انه ومستشار الرئاسة الحالي ويدها اليمنى السيد محمد علي أبطحي معدودان من الخلّص الذين ينسب اليهما فضل ادارة معركة السيد خاتمي الرئاسية وانجاحها فإيصاله الى الرئاسة وأما الوسيلة فمن حيث التوسل بالقانون والقضاء لا بالشارع وقضاته الميدانيين الذين لا يقبل حكمهم رداً أو استئنافاً. ويفاقم من مرارة الخاتميين بمناسبة هذه المحنة التي يدركون جيداً أنها لن تكون خاتمة المحن - يفاقم في مرارتهم ان جمهورية خاتمي التي يحلو لمحمود شمس رئيس تحرير جريدة "جامعه" التي مُنعت من الصدور بعد أقل من أربعة اشهر على انطلاقها ونجاحها معاً - ان يصفها بالجمهورية الثالثة والتي أعادت الاعتبار لدولة القانون تحارب بأسلحتها، لا بل إن الفريق الخاسر انتخابياً في معركة الرئاسة ينقض على القانون ويعمل بشتى السبل على مصادرته ليوجهه من ثم الى صدر من أعادوا به الثقة وله الاعتبار. وإذا كانت محاكمة رئيس بلدية طهران، بسبب من شخص "المتهم" وموقعه على الخارطة السياسية الايرانية تحظى بقدر من الاضاءة الاعلامية تسيسها حكماً، فهي ليست حالة فريدة من نوعها. فعبدالكريم سروش، صاحب "القبض والبسط في الشريعة" و"إمام" متنوري الجمهورية نُحي عن كرسيه في الجامعة لا بقرار تعسفي ولكن بإجراء عليه كل سمات القانونية يعود الى القضاء وإبطاله أو تأييده. من سُمّ القوانين يلج مبغضو الخاتمية الى حلبة السياسة لأخذ ثاراتهم من صناديق الاقتراع التي حاولوا عبثاً التلاعب بمحتويات بعضها، على ما هُمس غداة الانتخابات، وللنيل من خصومهم استعداداً للاستحقاقات المقبلة. واذا كانت الوريقات التي ملأت صناديق الانتخاب حتى الجمام باسم السيد محمد خاتمي قد قالت في أيار مايو الماضي كلمتها التي مفادها لا للانعزال ولا للضبابية في الحكم، ونعم لزعامة سمحة ولدولة القانون، فإن الخاتميين والخاتميات الايرانيين الكثر، لا يكفون من خلال جميع الوسائل المتيسرة لهم عن تجديد تصويتهم في حين يجمع رموز الخاتمية الاهليون على التأكيد على استعداد الايرانيين التام للصبر على ضيق الأوضاع الاقتصادية وعلى بطء الأوضاع الاجتماعية في التحول نحو ما يصبون اليه، طالما ان التغيير مع السيد خاتمي، على يمينه كما على يساره، لم يعد خروجاً على الجمهورية، كما كان طوال سنوات، ولكن تيويماً لثورة احتفلت بعيدها العاشر عام كان جدار برلين يتهاوى وتستعد للاحتفال بعيدها العشرين على أبواب الألف الثالث. كائناً ما كان حجم الضرر السياسي الذي يمكن ان يتأتى عن محاكمة رئيس بلدية طهران، فلهذه المحاكمة وجه آخر لا يسع أحداً من الفرقاء الايرانيين، لا سيما الفريق "المعارض"، تجاهله، وجه تعبر عنه علانية المحاكمة ليس بالمعنى القانوني البحت للكلمة وانما بالمعنى المجازي الواسع. فهذه المحاكمة تبث كاملة عبر وسائل الاعلام الايرانية المرئية والمسموعة وأخبارها والتعاليق عليها تملأ اليوميات والاسبوعيات المتكاثرة منذ عام حتى التخمة، وهكذا، وبصرف النظر عما سيؤول إليه حكم القضاء، فهذه المباراة بين الخاتمية وخصومها التي تخاض تحت اسم رئيس بلدية طهران مفروغ من أمر انتهائها بين الفريقين بالتساوي. ولئن دفع كرباستشي بعض فاتورتها من رصيده الشخصي. وليس الاجماع على توقع انتهائها بالتساوي من باب التفاؤل بإمساك خصوم الخاتمية من إذ ذاك وصاعداً عن توسل القانون لمآرب سياسية، ولكن، بخلاف ذلك، تسلمياً بأن صدام التيارات في ايران سجال متعدد الرهانات متشعب المصالح لا يتبين فيه الخيط الأسود من الخيط الابيض غداة معركة انتخابية واحدة ولو على مستوى الرئاسة ولا غداة معركة قضائية واحدة ولو كان الماثل في قفض الاتهام بمناسبتها رئيس بلدية طهران. وما لا ترويه عشرات المطبوعات السياسية اليومية والاسبوعية من عطش الايرانيين والايرانيات الى الاخبار والتعليقات، ترويه الشائعات. وللشائعات للسير بين الناس مسالك وطرق في أدنى سلمها الهمس وفي أعلاه الهواتف النقالة، ومن نافل القول ان الهواتف هذه بحكم انحصار اقتنائها بفئة قليلة كفيلة بحد ذاتها وبحد ندرة انتشارها ان ترفع أية شائعة تعبر من خلالها الى مرتبة المعلومة التي تقبل الجرح والتعديل. واذا كانت محاكمة كرباستشي قد استهلكات قدراً لا بأس به من ساعات الارسال الخليوية فلها اليوم ما ينافسها في ما يتداول من شائعات وأقاويل متفاوتة عن صحة مرشد الثورة، السيد علي خامنئي، أو بالاحرى عن توعك صحته باعتبار ان توعكها قد عاد أمراً واقعاً لا من يكابر على نفيه. ولعل إطلالة السيد خامنئي بمناسبة الذكرى التاسعة لرحيل الإمام الخميني وخطابه الموجود خلالها كانا يوماً مشهوداً في عمر الهواتف النقالة الايرانية لأن الجميع دونما استثناء كان ينتظر الاطلالة تلك ليدلي بدلوه أو يفتي بفتواه في شأن صحة المرشد. فككل عام بكت الجمهورية الاسلامية مؤسسها واستبكت مدعوين من أربعة أجراء العالم الاسلامي في احتفال ضخم استقبله المرقد المنيف الذي يضم رفات الإمام وشهداء الحرب الايرانية - العراقية في بهشت زهراء، عشرات ألوف الباكين والباكيات موزعين تحت شمس لاهبة على مقصورتين واحدة للرجال وأخرى للنساء يحوط بهما المئات من الباسيج - عشرات الألوف هذه لم تنقص عما كانت عليه في السنوات الماضية ولا تدنى عدد حالات الاغماء بين أفرادها من وطأة الشمس والانفعال معاً ولا خفت نشيجها ولا بُحت حناجرها. على هذا جميعاً فلقد كانت تاسوعاء الامام الخميني، باعتراف بعض المنظمين أنفسهم، "عادية". واذ يقف هؤلاء المنظمون عند هذه الصفة ويكتفون بها لوصف ما آل اليه الاحتفال بمناسبة فارقة في حياة الجمهورية، فالحق ان احتفال هذا العام يحتمل ان تسجل على هامشه، دونما مبالغة، ثلاث ملاحظات على الأقل: أولى هذه الملاحظات ان حضور رموز الدولة جميعاً لم يفلح في تبديد أجواء "الاختصار" التي سادت الاحتفال والتي قيل الكثير في تفسيرها، ثانيها ان جانباً وافراً من الاهتمام توجه الى تقييم أداء السيد خامنئي أكثر منه الى التوقف عند خطابه الذي جاء اقتضابه ليؤيد بعض الشائعات السائرة عن توعك صحته. اما الثالثة من الملاحظات، وبشهادة من يثابرون على حضور هذا الموسم منذ سنوات، فإن ما شهدته بهشت زهراء هذا العام أشبه بصورة تذكارية تعهدها الشحوب منها ببث حيّ. ولعل الزميلة تلك لم تبالغ اذ همست إليّ ذات لحظة مستوثقة ان ما تهدر به الحشود في المقصورتين هو هتاف الموت لأميركا. ولعلها لم تبالغ ايضاً اذ تساءلت بشيء من المكر والمرارة معاً هل من فضاء سيصم بعد بهذا الهتاف سوى فضاء بهشت زهراء؟ بسرعة الاحتفال تستعيد طهران وتيرة حياتها اليومية، تقريباً كأن شيئاً لم يكن. تقريباً فقط وبحرص شديد. فمهما تراخى حبل السرة العاطفي بين بهشت زهراء والشارع الايراني، ولا حاجة الى مجهر للتحقق من هذا التراخي، تبقى ايران في ذمة الإمام الخميني ما لم يحسم الجدل في شأن ولاية الفقيه، أي النظام السياسي الذي نظر له الامام وأرساه وهو جدل لا إقفال له إلا بأحد اثنين: سيادة هذه النظرية في الحكم سيادة مطلقة لا يشكك معها بها أدنى شك أو وضع أحد أركان اعتقادات الشيعة الامامية الاثني عشرية غيبة الامام الثاني عشر موضع الشك والنفي توصلاً الى إبطال هذه النظرية في الحكم، وكلا الاحتمالين مستبعد بل مستحيل. على هذا فالسجال ذو الظاهر الفقهي النظري والباطن السياسي اليومي في شأن ولاية الفقيه ومكان هذه الولاية من دستور - فوقه أو في حدوده - يستمر هذا السجال ومعه لعبة التوازن بين أقطاب الجمهورية ومراكز القوى فيها. ولا أدل لربما على لعبة التوازن هذه مما تترجم عنه صور المسؤولين الايرانيين الرسمية. فكل الصور غير تلك التي يمثل فيها الامام على حدة تحتمل التأويل، ولعل أدعاها الى ذلك تلك التي تجمع في اطار واحد الامام والمرشد والرئيس. وهي كذلك، مغرية بالتأويل، لأن الغائب عن هذه الصورة، رئيس الجمهورية السابق السيد هاشمي رفسنجاني، حاضر جداً جداً. وإذ "يكتفي" السيد رفسنجاني اليوم من بعد ان فشل في تعديل الدستور عله يحظى بولاية ثالثة - اذ "يكتفي" بأن يُحتكم اليه وبألا يفوت مناسبة لإثبات نفوذه قياساً على المرشد والرئيس سواء بسواء، فعينه على الرئاسة التي عجم عودها طوال ولايتين واختبر بنفسه ما تستهلكه ممن يتبوأها حتى ولو كان لها. وفي وقت يحضر فيه السيد رفسنجاني من خارج الصورة ووقت ما زال فيه ابناؤه الذكور يستنكفون عن الشأن العام مؤثرين عليه الشؤون التجارية، تتحرك ابنته السيدة فائزة، النائبة في البرلمان الايراني، على خطوط السياسة الإمامية وهي تعد العدة لإصدار جريدة يومية تتوجه عموماً الى الجمهور النسائي الايراني الذي أثبت انتخاب السيد خاتمي على رأس الجمهورية حجمه وتأثيره. ولعل السيدة فائزة، سرُ أبيها فيما تنشط له سياسياً وما ترسم إعلامياً، فما دامت الرئاسة في الجمهورية الاسلامية حكراً على الرجال ليس لامرأة مقتدرة وطموحة مثلها إلا ان تسعى الى تأليب تيار جماهيري تكون له اليد الطولى في صناعة الرئيس، وأي عجب حينذاك في ان يكون مرشح هذا التيار الرئيس السابق نفسه، والد السيدة فائزة، السيد هاشمي رفسنجاني. على قدر ما يبدو السعي الى الزعامة بديهياً في جمهورية تقول بتداول السلطة وتعنيه من خلال التزامها مواعيد استحقاقاتها الانتخابية جميعاً وتحت أقسى الظروف، فإن دخول هذا السعي، مع ما يقتضيه من اعتراف ضمني بالعصبية الحزبية، حلبة السياسة الايرانية أمر ما زال الايرانيون يعالجونه بمزيد من الخفر. فرغم اتساع صدر الجمهورية مثلاً الى حد الترخيص لعدد من التنظيمات السياسية، لا حزب في ايران سوى حزب الله لما بين الشارع الايراني وبين هذه اللفظة من جفوة، وكيف لا يكون الأمر كذلك، واللفظة هذه لا تني تذكرهم على ما يبدو بأحد حزبين: واحد ينسب نفسه الى بديع السماوات والأرضين، وآخر الى عقيدة تنبأ مؤسس الجمهورية بسقوطها - من ثم فلا عجب ان معظم التنظيمات السياسية المرخص لها ينأى عن التسمي حزباً ويفضل لنفسه التيار صفة ووصفاً. حيلة لفظية ومسمى يعني فوق ما يقول؟ لعله كذلك، بل هو كذلك دون ريب، ولكن كم وكم من الايرانيين والايرانيات يتمنى لو ان بالوسع تفتيق اللغة عن حيل لفظية تفتح أبواب الجمهورية أمام العالم ولا مبالغة قط فمعظم الايرانيين والايرانيات معفي قسراً من المشاركة، ولو على سبيل الاستهلاك، في دورة النظام الدولي الجديد، انترنت تَسمَّت أو مونيكا غيت أو فياغرا. بطبيعة الحال، ان جازت العبارة، لا صحون لاقطة تقرب العالم للايرانيين على أطباق تلفزيونية ولكن العالم على ما يبدو ويحدث أحياناً ان تقوم شبكة تلفزيونية من قبيل السي أن أن مقام العالم بأسره، لا يبادل الجمهورية الاسلامية بالمثل وخير دليل على ذلك، ان كريستيان أمنبور التي حاورت الرئيس خاتمي لأشهر خلت عبر شاشة المحطة المذكورة أعلاه استعدت للسفر الى طهران بمناسبة مباراة كرة القدم التي سيتنافس خلالها الفريقان الايراني والاميركي لرصد ردات فعل الشارع الايراني عقب المباراة... والشارع الايراني يستعد بكل قواه لا سيما الروحية منها لهذه المباراة ذات الأبعاد الرمزية التي لا تخفى على أحد. فمنذ انتهاء حروب ايران مع جيرانها عادت الرياضة لتلعب دوراً بارزاً في صقل الشعور الوطني وإذكائه. كائنة ما تكن عاقبة المباراة هذه لا من يشك في أنها ستنتهي بسلام، بسلام لا من يغامر على التأكيد ان الى مثله ستنتهي المباراة التي يخوضها السيد محمد خاتمي منذ وصوله الى سدة الرئاسة. ولذلك أسباب جمة ليس أقلها ان المباراة التي يخوضها الرئيس خاتمي لا تحترم مبدأ تكافؤ الفرق واللاعبين. ففي مواجهة الفريق السياسي الذي يقوده السيد خاتمي فرق لا فرقة واحدة والملعب الذي تخاض على أرضه المباراة ميدان حرب بالكاد نزعت منه الألغام حقيقة ومجازاً وحكم المباراة آيل في كل حين لئن ينقلب خصماً. كذلك ورغم مرور نحواً من عام على توليه الرئاسة لا حليف ثقة يتوكل عليه السيد خاتمي سوى جمهور مشجعيه المدعو الى التزام المدرجات تحت طائلة تحويل الملعب ميدان حرب أهليه لا أقل وهو ما حذر منه الرئيس خاتمي نفسه. آمال الرئيس خاتمي ومخاوفه - والحق ان مخاوفه ترجح على آماله - لا تحجبه عن همومه الشخصية النظرية المحض لا بل تضاعف من همومه هذه حدة وإلحاحاً عليه وتحدو به الى تساؤلات قلما يتوقعها المرء على لسان رئيس جمهورية ملأت ثورتها الدنيا وشغلت اخبارها الناس، وأقل ما يتساءله السيد خاتمي، الرئيس بأصوات عشرين مليون ايراني بل يزيد: أحقاً يصلح الفلاسفة للحكم ولتدبير أمور الناس وسياستها؟ وزير ثقافة وإرشاد الثورة سنوات عشر وأمين المكتبة الوطنية قبل ان يتبوأ الرئاسة والقارئ المدقق الشاكي من ضيق وقته عن مطالعة ما يتكدس على مكتبه من كتب - السيد خاتمي لم تسلبه الرئاسة شيئاً من لطفه وتواضعه وإشراقه بل زادته على قلقه قلقاً، كالذي قال عنه المتنبي ان تحته ريحاً يوجهها جنوباً أو شمالاً. الكاتبة مديرة دار الجديد - بيروت