أطلق أمس رئيس بلدية طهران غلامحسين كرباستشي بقرار من مرشد الجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي الذي استجاب طلباً شخصياً للرئيس الإيراني سيد محمد خاتمي. وأفرج عن كرباستشي في وقت متقدم مساء بسبب خشية جهات قضائية ورسمية عليا من أن تترافق عملية الافراج عن كرباستشي مع تظاهرات شعبية، خصوصاً أنه لوحظت كثافة شعبية وسط العاصمة وفي الشوارع الرئيسية في طهران وفي محيط سجن ايفين، ومحيط منزل رئيس البلدية الذي كان احتجز لاتهامه بالضلوع في "اختلاسات" مالية في البلدية. وقالت مصادر قريبة من الحكومة ل "الحياة" إن قرار اطلاق كرباستشي صدر بعد اجتماع بين خامنئي وخاتمي ليل أول من أمس، قدّم الرئيس خلاله تقريراً عن أعمال اللجنة الرباعية التي ضمت رؤساء السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني. وأوضح خاتمي في التقرير أنه لم يتم التوصل إلى نتيجة عملية من شأنها ان تضع حداً للتوتر في إيران وتنهي الأزمة السياسية. وشرح كيف أن الجهات القضائية المعنية بملف الفساد تمسكت بقرار اعتقال كرباستشي حتى مثوله أمام المحكمة. وختم خاتمي تقريره بكلمة "والقرار لكم". وتابعت المصادر ان خاتمي أعرب عن قلقه العميق من تصلب جهات رسمية وسياسية في هذا الملف، وتزامن ذلك مع اشارات توحي بوجود غليان ليس فقط داخل الطبقة السياسية ولدى الأطراف المعنية بالموضوع بصورة مباشرة، بل أيضاً لدى الرأي العام. وأشار خاتمي إلى العنف أمام جامعة طهران أول من أمس رغم مناشدة الحكومة فئات المجتمع التزام الهدوء، حفاظاً على السلم الاجتماعي. وأضافت المصادر ان خاتمي تمنى على خامنئي ان يتخذ قراراً باطلاق كرباستشي، وأجابه خامنئي: "لست أدري إن كان من المصلحة أن أتدخل شخصياً في هذه القضية وبهذا الشكل". ولكن يبدو ان مرشد الجمهورية أدرك حساسية الموقف وما يمكن ان يؤدي إليه التوتر من صراعات "تخترق مؤسسات النظام والدولة وتخرج عن إطارها لتتحول إلى نزاعات في الشارع". وكانت المسألة تجاوزت كونها قضية قضائية لملاحقة "فساد مالي"، وباتت نزاعاً سياسياً ليس فقط بين جناحي النظام الرئيسيين المحافظين والاصلاحيين الملتفين حول خاتمي بل بين جماهير رأت في المسألة معركة بين الحرية والظلم. لذلك اتخذ خامنئي قراراً بالافراج موقتاً عن كرباستشي، إذ أكدت المصادر أن كرباستشي افرج عنه بكفالة، مما يعني ان اجراءات محاكمته مستمرة. يذكر ان قانون الاختلاس الذي اعتقل بموجبه كرباستشي لا يُجيز الافراج الموقت كما ان محكمة الاستئناف التي تملك صلاحية اتخاذ قرار لإطلاق رئيس البلدية كانت رفضت طلباً قدمه محامي كرباستشي. لذلك كان المخرج الوحيد ان يتدخل خامنئي الذي يجيز له الدستور اتخاذ قرار مماثل. وأفادت وكالة "فرانس برس" ان مئات من أنصار رئيس البلدية عبروا عن ابتهاجهم باطلاقه وتظاهروا أمام مبنى وزارة الداخلية الذي تحول في الأيام الأخيرة مقراً لهم. ووزع انصار كرباستشي صوره على المارة، في حين طلب شبان من السائقين اضاءة مصابيح سياراتهم واطلاق أبواقها.