حققت الزيارة التي قام بها وفد اتحاد غرف الصناعة والتجارة والتعدين الايراني برئاسة علي خاموش وعضوية 35 من رجال الاعمال نتائج مهمة على الصعيدين الاقتصادي والتجاري. لكن انعكاسات ذلك على العلاقات السياسية تبدو ضئيلة ازاء فشل محاولات بذلت منذ انعقاد القمة الاسلامية في طهران نهاية العام الماضي لتقريب وجهات النظر حيال القضايا الخلافية مع مصر خصوصاً المواقف من عملية السلام في الشرق الاوسط. مع ذلك يبدو تقدم العلاقات الاقتصادية وبقاء السياسية "محلك سر" منطقياً نتيجة اعتماد البلدين منذ اذار مارس 1991 حين استؤنفت العلاقات على مستوى بعثات لرعاية المصالح اولوية لتنشيط العلاقات الاقتصادية والتجارية على أن تبقى السياسية منها في "حيز التشاور" حول القضايا ذات الاهتمام المشترك سواء في اطار المنظمات الدولية او المؤتمر الاسلامي. ووفقاً لذلك حققت العلاقات الاقتصادية طفرة منذ 1991 وبلغت قيمة الاستثمارات المشتركة في مشاريع تنفذ في مصر منها شركة نسيج في السويس وبنك مصر - ايران حوالى بليوني جنيه وحجم التجارة الى سبعين مليون جنيه. ووقع الوفد الايراني مع اتحاد الصناعات المصرية بروتوكولاً صناعياً استثمارياً لتنفيذ مشاريع مشتركة. واتفق الجانبان على اقامة معارض متبادلة للمنتجات خلال الاشهر القليلة المقبلة وتصدير جرارات زراعية وتفاح ايراني الى مصر وموز ومستلزمات كتابية لايران، ووضع اتفاق الحكومتين على مساعدة كل منهما الآخر على تسويق منتجاته مصر في اسواق جمهوريات آسيا الوسطى الاسلامية وايران في اسواق افريقيا موضع التنفيذ من خلال دور القطاع الخاص. ويذكر أن استخدام ايران خط انابيب "سوميد" السويس - الاسكندرية لنقل النفط الايراني الى الغرب لم ينقطع على رغم قطع العلاقات الديبلوماسية في اعقاب الثورة الاسلامية 1978. كما تساهم مصر - تسوية لديون سابقة - في انشاء ثلاثة مصانع لتكرير السكر في ايران. ولا يعدو استقبال وزير الخارجية عمرو موسى الوفد الايراني الاثنين الماضي اول من امس بروتوكولياً الا انه لا يخلو من دلالة سياسية مهمة كون اللقاء جاء مع وفد ايراني "شبه رسمي" بعد ايام من لقاء الرئيس الايراني محمد خاتمي للشيخ يوسف القرضاوي المعروف في مصر باتجاهاته المتشددة، في الوقت الذي خلا برنامج زيارة وفد اتحاد الصناعات المصرية الى طهران في شباط فبراير الماضي وتأتي زيارة الوفد الايراني رداً عليها من لقاءات مع مسؤولين سياسيين ايرانيين. وانسجاماً مع التوجهات المصرية شدد موسى - خلال اللقاء - على اهمية العلاقات الاقتصادية والتجارية لمصلحة البلدين، وشجع رجال الاعمال الايرانيين على الاستثمار في مصر عارضاً المميزات والتسهيلات التي تمنحها القوانين للاستثمارات الاجنبية، بعدما ابلغه خاموش رغبة الايرانيين تحسين العلاقات مع مصر. واطلع الوفد الايراني على مشاريع مصرية يمكن ضخ استثمارات ايرانية فيها خصوصاً المشاريع الصناعية في المدن الجديدة، واستصلاح الاراضي في منطقة توشكى ومشروع انشاء منطقة حرة شرق قناة السويس، التي ابدى مستثمرون ايرانيون استعدادهم الدخول فيها. اما التباطؤ على المسار السياسي فمرشح للاستمرار، وعزت مصادر مطلعة ذلك الى ان تحسينه ما زال "في مرحلة الامنيات" لأن "ايران لا ترى الامور - في أكثر من حوار ثنائي- سوى من منظورها الخاص وتنتقد خيارات الآخرين، ولا تبدو مستعدة للوصول سوى نقط تكون اقرب الى مواقفها" مثل استمرار تمسك طهران باطلاق اسم قاتل الرئيس انور السادات خالد الاسلامبولي على أحد شوارعها. وعلى رغم ذلك اكدت المصادر ان العلاقة "تخطت مرحلة الحاجة الى وساطة ووسيط، فالاتصالات المباشرة قائمة منذ انعقاد القمة الاسلامية الثامنة في طهران العام الماضي". لكن من المنتظر أن تدخل العلاقة ازمتها السنوية الشهر المقبل اذ من المنتظر ان تصل الى القاهرة امبراطورة ايران السابقة فرح ديبا لإحياء الذكرى الثامنة عشرة لوفاة الشاه محمد رضا بهلوي في 27 تموز يوليو وهي الذكرى التي تحييها سنوياً في مسجد الرفاعي- حيث دفن الشاه - في العاصمة المصرية