خرج أمس مئات الآلاف من اليمنيين في تظاهرات متفرقة في العاصمة صنعاء وعدد من المدن الكبرى، نظمتها أحزاب المعارضة المنضوية في تحالف «اللقاء المشترك» مطالبة الرئيس علي عبدالله صالح بإصلاحات شاملة وبمكافحة الفساد والتأكيد على مبادرته التي أعلنها أول من أمس لجهة تعهده عدم تمديد فترة حكمه بعد انتهاء ولايته الحالية في أيلول (سبتمبر) 2013، وعدم توريث الحكم لأحد أبنائه، وإجراء تعديلات دستورية. وفي المقابل نظم حزب «المؤتمر الشعبي العام» الحاكم تظاهرات مضادة تأييداً للرئيس، من دون حصول أي صدامات بين الطرفين. لكن تظاهرة للمعارضة في عدن شهدت مواجهات مع قوات الأمن أسفرت عن سقوط قتيل وإصابة 6 آخرين، واعتقال نحو 18 شخصاً من المتظاهرين، وفقاً لمصادر محلية وحقوقية، قالت إن قوات الأمن استخدمت الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع. وكانت أحزاب «اللقاء المشترك» دعت أنصارها الى الخروج في «يوم الهبة الشعبية» في مختلف محافظات البلاد، فاحتشد عشرات الآلاف من أنصارها بالقرب من مقر جامعة صنعاء، حيث استمعوا الى خطب من قياديين حزبيين دعوا الى إصلاحات شاملة، معربين عن تضامنهم مع الشعبين التونسي والمصري. وعلق القيادي المعارض ووزير الخارجية الأسبق محمد باسندوة على خطاب الرئيس صالح أمام مجلسي النواب والشورى الأربعاء الماضي، بالقول: «إنها مجرد أفكار لا تتسم بالوضوح ولا تنم عن نوايا جادة وصادقة لإخراج البلاد من أزماتها»، لكنه استدرك قائلاً: «أتمنى أن يكون رئيس الجمهورية جاداً هذه المرة في حديثه عن رفضه التمديد والتوريث، وليس بهدف المناورة أو لمجرد الشعور بضغط اللحظة الراهنة فيما يحدث ببعض الأقطار العربية». وخلال التجمع الذي استمر حوالى ثلاث ساعات، رفع أنصار المعارضة لافتات كتب عليها «افهمونا... قبل ألا نفهمكم»، و «لا لحكم الأسرة الواحدة»، و «جمهورية جمهورية... لا فردية ولا ملكية»، في حين سمعت مجموعات قليلة من المتظاهرين تردد هتافات تطالب برحيل علي صالح، كما رددت مجموعات شبابية «الشعب يريد إسقاط النظام». وكان الآلاف من أنصار الرئيس احتشدوا في «ميدان التحرير» بوسط العاصمة، منذ ليل الأربعاء - الخميس، ونصبوا خياماً فيه، ما دفع أحزاب المعارضة الى الإعلان في وقت متأخر مساء الأربعاء عن تغيير مكان التظاهرة التي كانت مقررة في الميدان نفسه، تفادياً لوقوع صدامات بين الطرفين. وقرر المئات من أنصار الحزب الحاكم أمس اعتصاماً مفتوحاً في «ميدان التحرير» الى أن تستجيب أحزاب المعارضة للمبادرة الرئاسية وتلبي دعوته للعودة الى طاولة الحوار. ورفع مؤيدو الرئيس صوراً له وأعلاماً وطنية ولافتات تؤيد مضامين الخطاب الأخير للرئيس صالح، فيما كتب على بعضها «لا للتخريب... نعم للأمن واستقرار الوطن» و «لا لتدمير الممتلكات»، وسمع متظاهرون يهتفون «بالروح بالدم نفديك يا يمن». وخلت شوارع صنعاء منذ الصباح من المارة، وأغلقت معظم المحال التجارية أبوابها، خشية حدوث أعمال عنف ونهب، على غرار ما حصل في عام 2005 عندما قررت الحكومة اليمنية رفع الدعم عن أسعار المشتقات النفطية. وعبر الناشط الحقوقي موسى النمراني عن خيبة أمله من انفضاض تظاهرة «المشترك» بسرعة، معتبراً أن قيادات المعارضة «غير مستعدة نفسياً لقيادة تحرك حقيقي في الشارع»، وقال إن «ما حدث محاولة لامتصاص الغضب الشعبي ورغبة الشباب المتأثرين بما يحدث في تونس ومصر في التغيير». وشهدت محافظات تعز وإب والبيضاء والضالع وعمران ومناطق أخرى تظاهرات للمعارضة أيضاً، لكنها كانت أصغر حجماً.