أنهى الكاتب محمود عوض مقاله المميز حول مؤتمر القاهرة الاخير بتساؤل ساخن ان كان قادة الدول سيتصرفون باعتبارهم مؤرخين… أم ضحايا؟ بعدما ألقى الضوء على دور السلاح الاقتصادي الفتّاك في تركيع وإذلال شعوب العالم للسيطرة الغربية تحت رايات الولاياتالمتحدة. ان أهم ما يشدّ الانتباه في المقال ليس سعي الولاياتالمتحدة للهيمنة على العالم فتاريخ البشرية يزخر بصراعات وحروب لكن كل تلك الامبراطوريات اعتمدت السلاح العسكري الذي اثبت التاريخ فشله كسلاح وحيد للهيمنة. اما استخدام السلاح الاقتصادي بموازاة القوة العسكرية فهو الجديد في تاريخ الصراع الأزلي بين الامم. التبرير اليساري الكلاسيكي او التقليدي بأن الغرب لم يكن ليتقدم لولا استعماره للشعوب الاخرى ناقص الحقيقة، فشعوب مثل السويد وسويسرا وفنلندا مثلاً تقدمت وحققت اعلى مستويات المعيشة من دون استعمار. ان الاسباب الحقيقية لتقدم الغرب تكمن في: 1 - ان الولاياتالمتحدة لكونها بوتقة انصهرت وتفاعلت داخلها حضارات وثقافات شتى الاجناس والشعوب فأزدهرت حضارة معطاء كما ازدهرت الحضارة الاسلامية عندما انصهرت داخلها الشعوب وانفتحت على ثقافات العالم وعلوم من سبقهم في الحضارة والعلم. 2 - ان التقدم الحضاري الاوروبي المعاصر بعد ما يزيد عن الف عام من التخلّف لم يتبلور الا بعد صراع عنيف وشرس بين قوى الاستبداد والتطرف دام العقود من السنين. 3 - النضوج الفكري وبُعد النظر فبعد صراعات دموية آخرها حربان عالميتان خلّفت ملايين الجماجم وبلايين الدمار نضجت العقلية الاوروبية لخلافات لا تحلّ بالمعارك والعداء مهما بلغ جذوره. 4 - الايمان المطلق بالحرية كطريق وحيد للتقدم سواء كانت حرية الفكر أو التعبير أو الاقتصاد فالابتكار ليس وليد الكبت والابداع لا يزهر في الظلام. فاذا ما حددنا اسباب القوة والكرامة وشخصاً اسباب التخلف المتمثلة في التشرذم وكبت الحريات والنظرة الضيقة واستوعبنا مصير ماركوس والشاه واخيراً سوهارتو على رغم خضوعه التام لصندوق النقد الدولي فلن تصعب الاجابة عن سؤال كاتبنا محمود عوض حول قادة الدول الضعفاء باعتبارهم مؤرخين… أم ضحايا