يعبر الفنان السوري نذير اسماعيل أحد أبرز التشكيليين التعبيريين المعاصرين في سورية، الى جانب كل من مروان قصّاب باشي وجورج ماهر وغسان جديد ويوسف عبدلكي وسعيد طه… وغيرهم، مع اختلاف تقنيات الاستخدام وتكوين المساحات المفردة، والاشكال الانسانية، والوجوه وحركية الخطوط، ولعبة الظل والنور …الخ. في صالة عشتار، ومن خلال تجاربه الجديدة، يلحظ ان اللوحة امست اكثر اختزالاً وبساطة، فيها الوجوه الانسانية المشدودة الى شاعرية عوالمها الداخلية وانكساراتها، عبر علاقة متوحدة بالمكان كفضاء مرسوم بحركة الطيور والشخوص والبيوت. فبيئة المكان تجلّت باعتبارها مرجعاً حيوياً واساسياً، ومخزناً روحياً لانفعالات اللون واشكاله الجمالية، ووحدة موجوداته الهائمة. في هذا النسيج سننتبه، ايضاً، الى تلك الاماكن المتناوبة تحت سطوة الريشة الشاعرة والمرهفة، وبتلك الضربات وهي تصنع ظلال شبحيتها الراسخة والمقتربة من ذلك الجمال الغامض، المشغول بتلك الحرارة التي تتركها حرارة الريح بانجذابها وترددات دورانها غير المرئي حين النور هو الذي يؤلف العتمة، والاحجار تمتلئ بتأثيرات التوهج المنعكس من الوجوه البشرية وفق انسجام ازلي يبدو رمادياً احياناً، وايقاعياً جلياً احياناً اخرى، بالاشكال وهي تبتكر طبيعتها واعماقها المتآلفة بأصوات لونية دفينة وموغلة تشد اطار اللوحة بمشهدية اكثر تناغماً وحدّة. كان المعرض مؤلفاً من 23 لوحة منفذة تنفيذاً لونياً متفاوتاً بحسّ عالٍ يحاول ان يمسك ويقبض على حقيقة الفن العارية، المضطربة… لكن الاخفاق - على حدّ تعبير الكسندر اليوت - هو الطاقة المسيّرة للفن. نذير اسماعيل يستقصي تلك الدروب الاقرب الى التصدّع وهي تحمل مسند الرسم بكل ذلك اللهب، وعناصر الحياة الاربعة، واستيهام ذاكرة الطفولة، والطبيعة الجالسة في الاصابع، جميعها تهوي في اقدار استقامة الخطوط التي تجرد رموزها ونماذجها وليتحول العراء اللوني الى صانع اشكال وجماليات، لكأننا نخالها في قلب القوة الموحية لتلك الاساطير الصغيرة المرسومة بضربٍ من سحابة زرقاء تحطّ على سطح خشبي قديم.