في السابع والعشرين من آذار مارس الماضي وافقت ادارة الاغذية والدواء الاميركية على بيع العقار "فياغرا" المضاد للعجز الجنسي، وقرأت خبراً عن الموضوع بعد ذلك ببضعة أيام فطلبت من محرر الصفحة الأخيرة في جريدتنا هذه نشره، ضمن حدود الممكن والمعقول في مثل هذه الأمور، لأن أصدقائي بحاجة اليه جميعاً، باستثناء واحد يكذب. ونشرنا منذ ذلك الحين عدداً من الاخبار عن الموضوع ذاته، لا بد ان القارئ يذكرها كلها بعد ان نسي "مانشيت" الصفحة الأولى. وكانت "نيويورك تايمز" و"لوس انجليس تايمز" و"بالتيمور صن" تنبهت الى الأهمية الاجتماعية للخبر ونشرته في صفحاتها الأولى، الا ان "واشنطن بوست" و"وول ستريت جورنال" و"يو إس اي توداي" أخرت النشر أياماً، ثم نشرت الخبر في صفحاتها الداخلية بعد ان فاتتها أهمية الخبر الذي أفردت له مجلة "تايم" غلافها الاسبوع الماضي، وهو أسبوع كان عقار "فياغرا" فيه الخبر الطاغي في شبكات التلفزيون الاميركية كافة. واعتذر الصحافيون الاميركيون الذين فاتتهم أهمية الخبر في البداية، ولم يقدروا رد الفعل الاجتماعي له، مع ان آخرين ادركوا هذه الاهمية منذ البداية، والمعلق تيموثي جونسون في شبكة اي.بي.سي قال ان حبوب "فياغرا" هي "أهم تطور في مسألة الجنس منذ حبوب منع الحمل". شخصياً، أدركت أهمية الخبر منذ البداية، وتابعته بإخلاص، لأن أصدقائي الكثيرين من عمر يفترض ان يبدأ فيه العجز أو التقصير، وهم بأمس الحاجة الى منشطات تذكرهم بما مضى. واعتقد ان الصحافيين الاميركيين الذين فاتتهم أهمية الخبر منذ البداية هم من الشباب الذين لا يحتاجون الى ما ينشطهم، بل الى ما يهدئ رغباتهم، في حين ان الصحافيين الذين أفردوا للخبر الصفحات الأولى من جرائدهم هم أنفسهم بحاجة الى "فياغرا" قبل القراء. وكان يفترض اليوم، وقد تحدثت في هذه الزاوية ثلاثة أيام متتالية عن عملية السلام واجتماع لندن ان أكمل بها اليوم، إلا أنني فضلت ان أتحدث عن العجز الجنسي بدل العجز السياسي، مع وجود علاقة بين الاثنين، فأخبار بنيامين نتانياهو من نوع يقضي على أي رغبات، وقد قرأت منها حتى كرهت القراءة، ناهيك عن الأمور الأخرى. ما هي هذه الأمور؟ الانسان عندما يبلغ مرحلة العجز يدخل معها مرحلة الذكريات، وعندي ثلاثة أمور مهمة هي هذه الذكريات، وقد نسيت الباقي. لذلك أكمل بشيء ايجابي، فبعد ان عرفت القراء المحتاجين على أكسير "فياغرا" في سبق صحافي عربي نادر، أريد ان أنبه المرشحين للرئاسة اللبنانية الى الأهمية السياسية للعقار، فلو ان المرشح من هؤلاء وضع الى جانب مكتبه أو مقعده "مرطبان" الحبوب السحرية، وقدم لكل زائر حبة لانتخب رئيساً لكل دولة عربية فيها نظام رئاسي لا لبنان فقط. ولن أزيد شيئاً هنا عن أعمار الرؤساء العرب، وبعضهم لا ينفع فيه "مرطبان" فياغرا كله لا حبة في اليوم، فهؤلاء الرؤساء قد يكونون عاجزين في مجال واحد، إلا أنهم ليسوا عاجزين عن الوصول إليّ. واختتم بقصة على الهامش، فقبل سنوات طويلة كنت أزور صديقاً في بيته في الخليج. وجلس الرجال كالعادة وحدهم، في حين جلست النساء معاً في مكان آخر من البيت. ولاحظت ان الرجال يتحدثون همساً، فسألت عن السر. وقال لي صاحب البيت ان التهوئة المركزية معطلة، وفي الاسبوع السابق كان جالساً مع اصدقائه في جلسة مماثلة، وكل منهم يروي أخبار مغامراته وغرامياته وانتصاراته في لندن وباريس. وسمعت النساء الحديث عبر أنابيب التهوئة العريضة، وحاسبت كل امرأة زوجها حساباً عسيراً بعد ذلك. قال الصديق ان المشكلة أنهم كذبوا جميعاً، فلا انتصارات ولا مغامرات، وانما بطولات عربية تقليدية... يعني مجرد كلام. مع حبوب "فياغرا" أصبحت البطولات ممكنة للاصدقاء جميعاً، وكل ما عليهم هو ان ينسوا نتانياهو ولؤمه وشؤمه، حتى لا يحرموا الفوز في الحب بعد الحرب.