سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قرار التجربة اتخذ في ضوء معلومات عن هجوم هندي وشريف اتصل بكلينتون مبلغاً والإدارة الأميركية تفهمت الوضع . باكستان في "حال طوارئ" لم تفسد الاحتفالات المتواصلة بالتجارب النووية
أعلن الرئيس الباكستاني محمد رفيق ترار أمس الجمعة حال الطوارئ في البلاد التي تتيح للحكومة تعليق كل الحريات المدنية بما في ذلك التجمعات العامة كما تتيح لها فرض قيود على حركة العملات الأجنبية. وجاء ذلك غداة التجارب النووية الخمس التي أجرتها باكستان أول من أمس رداً على التجارب النووية الهندية التي جرت في 11 و13 الجاري. وتدارس رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف واعضاء حكومته أمس اثار العقوبات الاقتصادية التي فرضت على بلاده وسبل مواجهتها فيما أعرب خبراء عن اعتقادهم ان باكستان في حاجة الى بليوني دولار أميركي على الأقل لتتمكن من تجاوز الأزمة المستجدة. لكن دخول باكستان في "مرحلة خطرة جداً قد تدفع خلالها ثمناً اقتصادياً باهظاً لتحديها الرأي العام العالمي" حسبما اعلنت زعيمة المعارضة بينظير بوتو، لم يفسد أجواء الاحتفالات التي تواصلت أمس وسط اشاعات عن قيام باكستان بتجربة لاطلاق صاروخ قادر على حمل رؤوس نووية في أعقاب تجاربها الخمس، علماً ان المصادر السياسية والعسكرية في اسلام اباد نفت ذلك. وكانت مظاهر الابتهاج على أشدها أمام منزل رئيس المشروع النووي الباكستاني عبدالقدير خان حيث توافد الناس بعفوية لتهنئته بهذا الانجاز الضخم والقوا عليه الزهور ووزعوا الحلويات على المارة. كذلك امتدت مظاهر الاحتفال الى "كشمير الحرة" التي تنفس سكانها الصعداء نتيجة التجارب الباكستانية بعدما كانوا يتخوفون من اعتداء هندي. وفي هذا الشأن، أبلغت مصادر باكستانية مطلعة "الحياة" أمس ان الحكومة اتخذت قبل ساعات قليلة من قرارها اجراء التجارب وذلك في اجتماع عقدته صباح أول من أمس تدارست فيه تقارير استخباراتية عن تحركات مريبة في قاعدتين جويتين هنديتين قرب سريناغار عاصمة "كشمير المحتلة" التي تسيطر عليها الهند. وأضافت المصادر ان التحركات الهندية ترافقت مع تقارير عن استعدادات لشن هجوم مفاجئ على المنشآت النووية الباكستانية في كهوتا قرب اسلام اباد. وأفادت وكالة الأنباء القطرية في نبأ لها من اسلام اباد ان مصادر عسكرية باكستانية لمحت الى معلومات عن وجود طيارين اسرائيليين في القواعد الجوية الهندية كانوا يستعدون للمشاركة في الهجوم. وحسب الناطق باسم البيت الأبيض مايكل ماكوري، اتصل شريف بالرئيس الأميركي بيل كلينتون لابلاغه قرار المضي في اجراء التجارب مفسراً الدوافع السياسية الداخلية والأسباب الاستراتيجية الاقليمية التي دفعته لاتخاذ القرار. وقالت المصادر الباكستانية نفسها ان العرض الأميركي الذي تلقته اسلام اباد في اطار المحاولات لثنيها عن اجراء التجارب كان "قليلاً جداً ومتأخراً جداً" اذ أبدت واشنطن استعدادها لشطب دين أميركي على باكستان لا تتجاوز قيمته الخمسمئة مليون دولار وتوفير مظلة نووية أميركية للباكستانيين والسعي لتوفير طائرات من طراز "اف - 16" تتسلمها باكستان من السويد. واضطر شريف الى رفض الاغراءات الأميركية والقبول بخسارة بلاده ثمن طائرات ال "اف - 16" الذي دفعته عام 1990. ورأى مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية انه بعد التجارب التي أجرتها، "لن تستعيد باكستان هذه الأموال التي قررت التضحية بها"، ذلك ان الكونغرس لن يوافق على إعادة هذا المبلغ الى الباكستانيين بعد التجارب. غير أن مصادر الادارة الأميركية اعترفت امس بأن باكستان لا تستحق معاملتها على قدر المساواة مع الهند في ما يتعلق بفرض العقوبات على البلدين. وقالت هذه المصادر ان المسؤولين الأميركيين يتفهمون القرار الباكستاني الذي جاء في ضوء المعطيات التي أوجدتها الهند التي كانت بادئة في التجارب. وأشاد نائب وزير الخارجية الأميركي ستروب تالبوت بالقيادة الباكستانية التي "أظهرت اهتماماً كبيراً بسماع وجهة نظرنا وتعاطت معنا بصراحة واطلعتنا على حقيقة الضغوط التي تتعرض لها". وقال الناطق باسم البيت الأبيض مايكل ماكوري ان قرار اجراء التجربة "كان صعباً" بالنسبة الى شريف الذي واجه ضغوطاً داخلية ناجمة عن قرار الحكومة الهندية" اجراء التجارب النووية. وأكد ماكوري ان الإدارة الأميركية ليست مرتاحة الى العقوبات التي اضطرت الى فرضها على باكستان وتؤدي الى شلل الاقتصاد الباكستاني وأنها تبحث عن الوسائل لتطبيق العقوبات بشكل مختلف على باكستان لكي تظهر الفرق في تعامل الحكومتين مع الادارة الأميركية خصوصاً وان "شريف كان صادقاً بينما لم تكن الحكومة الهندية كذلك". غير أن الموقف البريطاني بدا مختلفاً وأشد قساوة مع باكستان. اذ استدعت لندن أمس سفيرها في اسلام آباد للتشاور وقالت انها تتدارس مع شركائها في الاتحاد الأوروبي "لزيادة الضغوط على باكستانوالهند الى حدها الأقصى". واعلنت استراليا أنها ستفرض عقوبات على باكستان وطردت وفداً برلمانياً باكستانياً" يقوم بزيارة اليها. وفي الوقت نفسه أعلنت اليابان وهي أكبر شريك تجاري لباكستان انها ستفرض عقوبات اقتصادية على اسلام أباد مماثلة لتلك التي فرضتها على الهند. وانضمت روسيا ايضاً الى خصومها السابقين في حلف شمال الأطلسي في ادانة التجارب الباكستانية ولكنها لم تصل الى حد فرض عقوبات.