امتلأت قاعة كاتدرائية ويستمنستر في لندن امس بالالاف من ابناء الجالية الفلسطينية، مسلمين ومسيحيين، ومناصريهم من عرب واجانب، لاحياء ذكرى مرور خسمين عاما على "نكبة فلسطين" بالصلوات والعظات والادعية والكلمات والاغنيات. وجاء هذا النشاط الذي دعت اليه "اللجنة المشتركة من اجل فلسطين"، في اطار سلسلة نشاطات تُنظم في المملكة المتحدة في مسعى لابقاء النكبة الفلسطينية حية في ذاكرة العالم ووجدانه. كذلك يتزامن مع احتفالات اسرائىل بالذكرى الخمسين لتأسيسها، واحتفاء المجتمع والاعلام الغربيين بهذه المناسبة، رغم انها الوجه الاخر لنكبة الفلسطينيين ومأساتهم. وهيمنت على الكلمات التي القيت في هذه المناسبة، الدعوة الى السلام والعدل والامل. كذلك تم التذكير بان وجود اسرائيل قام على اساس الاستيلاء على ارض شعب آخر وانتزاعه منها بالقوة وتهجيره، كما تم التذكير بالسياسة القمعية الاسرائيلية ضد الفلسطينيين منذ عام 1948. وفي هذا الاطار روى اربعة شهود من اجيال مختلفة من الفلسطينيين المقيمين في بريطانيا، شهادات تحدثوا فيها عن حرمانهم من حق العيش في فلسطين، وامالهم وامال ذويهم بالعودة. وحضر وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية ديريك فاتشيت المناسبة، لكنه لم يلق اي كلمة. كذلك حضر الاسقف سيمون بارينغتون، الممثل الشخصي لاسقف كانتيربري جورج كاري، الذي شدد في رسالة على اهمية العمل على تحقيق السلام والعدل وبقاء الامل. كذلك القى رئيس الجالية الفلسطينية في المملكة المتحدة الدكتور انيس القاسم كلمة في هذه المناسبة. وقرأت سلمى طوقان دعاء للاطفال عن السلام، فيما شاركت ريم الكيلاني ببعض الاغنيات. والقى المفوض الفلسطيني في لندن السيد عفيف صافية كلمة قال فيها ان الفلسطينيين هم ضحايا لضحايا التاريخ الاوروبي، مشيرا الى انه بعد خمسين عاما على نكبة فلسطين "آن الاوان لتحقيق العدل". وعرض صافية معاناة الفلسطينيين، قائلا: "ان تكون فلسطينيا كان يعني على مدى الاعوام الخمسين الماضية ان تنتمي الى عائلة مشتتة وموزعة على انحاء المعمورة ... ان تخسر الارض والبيت والوطن ... وان تُهجر مرة بعد الاخرى ومن مكان الى اخر ومن بلد الى آخر في ظل اوضاع من الحرمان الكامل ... وان تكون بلا دولة ولا هوية بما يتضمنه ذلك من تعقيدات ادارية طوال الحياة، من المهد الى اللحد". واضاف: "اما بالنسبة الى اولئك الذين نجحوا في البقاء في دولة اسرائىل، فان تكون فلسطينيا على مدى خمسين عاما لا تنتهي، يعني ان تعامل ديموقراطيا كمواطن من الدرجة الثالثة وان تتعرض يوميا للمذلة والمضايقات والتمييز". واضاف انه بالنسبة الى اللاجئين، كانت السنوات الماضية تعني حياة بؤس واوضاعا لا انسانية في مخيمات اللجوء، ورغم ذلك التمسك بالامل الذين ينتظرون تحققه. وزاد ان الحياة كفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزةوالقدسالشرقية على مدى الاعوام الثلاثين الاخيرة كانت تعني التغيير السريع للتركيبة الديموغرفية والجغرافية لما بات دولة اسرائيل، في تحد كامل للقانون والارادة الدوليين. وروى القس نعيم عتيق الذي قدم من القدسالمحتلة الى لندن خصيصا لهذه المناسبة تجربته الشخصية في قريته "بيسان" التي قال انه اصبح يطلق عليها اسم "بيت شان". واضاف: "رغم ان بعض السكان في بيسان هرب عندما سمع بروايات عن مجزرة دير ياسين، الا ان باقي السكان طردته اسرائيل بالقوة وصادرت املاكه واسكنت مكانه المستوطنين"، مشيرا الى ان هذه التجربة تكررت في مناطق اخرى في فلسطين، واسفرت عن وجود المخيمات واللاجئين والمذلة للفلسطينيين. وطالب بدولة فلسطينية ذات سيادة مقابل الامن لاسرائيل. لكنه اشار الى ان البعض اعتبر ان اتفاق اوسلو اعطى شرعية للظلم من دون الاعتراف بالخطأ الذي ارتكب في حق الفلسطينيين، معتبرا ان "الاعتراف بالخطأ لا يعني ازالة اسرائيل بل انسنتها وانهاء غطرستها والتأسيس لمستقبل مشترك مع الفلسطينيين". وقرأ رئيس الكلية الاسلامية في لندن الدكتور زكي بدوي آياتين من الذكر الحكيم. وفيما قال ان القرآن يقر الحق في مقاومة العدوان، اكد ايضا على ان كراهية اليهود ليست من الاسلام.