أعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ان "مبادرتنا للسلام التي تتضمن انسحاباً من جنوبلبنان مع ترتيبات امنية اصبحت مطروحة الآن اكثر من اي وقت مضى"، في تعليقه على مقتل جنديين اسرائيليين في عملية نوعية لپ"المقاومة الاسلامية" - الجناح العسكري لپ"حزب الله" فجر امس في "الشريط الحدودي" المحتل، هذه المبادرة التي ستشكل محوراً اساسياً من المحادثات التي يجريها الرئيس شيراك اعتباراً من اليوم في بيروت. وقال نتانياهو في حديث الى الاذاعة الاسرائيلية من الصين حيث يقوم بزيارة رسمية: "لكن الى ان توضع مبادرتنا موضع التنفيذ سنتعرض لضربات قاسية مثل تلك التي وقعت ليل اول من امس الاربعاء". وكان الجنديان الاسرائيليان قتلا وأصيب آخران بجروح حين فجرت المقاومة عبوة ناسفة على بعد عشرات الامتار من الحدود مع اسرائيل في عمق "الشريط" بدورية من لواء غولاني العالي التدريب. واعتبرت مصادر امنية اسرائيلية ان العملية دليل على تمتع المقاومة بقدرات عالية. وفيما ابرزت هذه العملية الوضع في جنوبلبنان الى واجهة الاحداث، في ظل تصاعد العمليات العسكرية خلال الاسبوع الماضي، فإن تصريحات نتانياهو، والزيارة التي يبدأها اليوم الرئيس الفرنسي لبيروت وتستمر حتى الاحد ستتناول الموقف من العرض الاسرائيلي الانسحاب من لبنان، مشروطاً بمفاوضات على ترتيبات امنية. واعتبر الرئيس اللبناني الياس الهراوي في حديث الى اذاعة "مونتي كارلو"، انه اذا كانت اسرائيل تتحمل من وقت الى وقت الضحايا التي ترسَل جثثها الى المناطق الاسرائيلية فلتتحمل. اما نحن فأصبحنا نتحمل كل شيء في سبيل حرية وطننا لبنان واستقلاله". واضاف رداً على سؤال عما اذا كان يخشى تطبيق قرار مجلس الامن الرقم 425 من خلال تصعيد اسرائيلي: "اخشى ان لا يكون هذا صحيحاً، انما الغارات الجوية متتابعة كل يوم، والصمود الذي اراه في جنوبلبنان وفي بقاعه الغربي هو شرف للبنان". وطالب الهراوي عشية زيارة شيراك فرنسا "باتخاذ موقف واضح وصريح في مجلس الامن الدولي في حال طرح اي تعديل للقرار 425، لأن لفرنسا حق النقض" متمنياً بقاءها الى جانب لبنان في القرارات الدولية المتخذة في مجلس الامن. وعن تباينات في الخطاب الرسمي اللبناني قال: "ربما التعبير الذي جاء على لسان الكثير من المسؤولين اللبنانيين كان خطأ، موضوع كهذا لا يتعاطى به الا ثلاثة: رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الخارجية، لكن في لبنان الكل يريد ان يتعاطى في هذا الشأن لكي يقول انه على اطلاع، ليس هناك من تباين فعلي، التباين بالالفاظ ...". وقال "يجب ان لا تمس هذه القرارات، القرار 425 واضح والطريقة العملية لتنفيذه واضحة ايضاً. اتمنى ايضاً الا تشطب فاصلة من هذه القرارات، ان ما يطلبه الاسرائيلي هو بالونات حرارية تطلق لذر الرماد في العيون، نظراً الى ان الوضع الذي هو فيه حالياً رئيس وزراء اسرائيل السيد نتانياهو وضع مقلق لدى العالم اجمع. لذلك يطلق بعض التصريحات بواسطة وزير دفاعه السيد إسحق موردخاي ليقول للعالم انه مستعد لتطبيق القرار 425. اتمنى ان يطبق اليوم". وعن الهدف من ربط المسارين اللبناني والسوري، اجاب "الكل يفسر بأن لبنان منقاد وراء سورية في هذا الموقف، وأنا قلت مراراً في الاممالمتحدة اذا انسحبت اسرائيل سيتولى الجيش اللبناني الامن على الحدود المعترف بها دولياً. ولكن بعدما رأيت ما يقوم به نتانياهو لجهة التزامات اسرائيل في اتفاقات أوسلو ومدريد ومع الدولة الاردنية رأيت واجباً ان اقول لا سلام الا اذا كان عاماً وشاملاً في المنطقة. من هنا كان التفاهم العلني مع الشقيقة سورية ليكون موقفنا موحداً. وكلنا في لبنان حريصون على وطنيتنا وننادي بصوت واحد ان نبقى سوية مع سورية لنحصل على السلام الشامل واذا لم يكن شاملاً فلا سلام في لبنان". وسئل عن اختلاف النظرة داخل لبنان الى العلاقات اللبنانية - السورية، فأجاب "العلاقة مع سورية هي بموجب معاهدة. لم تقر سورية ان لبنان بلد مستقل الا في عهد الرئيس الاسد". وعن سبب عدم زيارة الرئيس السوري لبنان حتى الآن، قال "انا من قصّر ولم اوجه له الدعوة حتى هذه الساعة... وأتمنى قبل نهاية ولايتي بعد ستة اشهر ان يزورني". من جهته، اجرى رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري جولة مشاورات امس في دمشق مع نائب الرئيس السوري السيد عبدالحليم خدام تناولت المستجدات عربياً واقليمياً ومحلياً. وذكرت مصادر معنية ان مشاورات الحريري التي شارك فيها رئيس مجلس الوزراء السوري السيد محمود الزعبي ووزير الخارجية فاروق الشرع ركزت على نتائج الاتصالات التي اجراها البلدان اخيراً مع العواصم والجهات المعنية بقضايا المنطقة وعملية السلام. كما ركزت المشاورات على نتائج زيارة وزير الخارجية السوري السيد فاروق الشرع لواشنطن الاسبوع الماضي ولقاءاته فيها مع نظيرته الاميركية مادلين أولبرايت والمنسق الاميركي لعملية السلام دنيس روس. على صعيد الوضع الميداني في جنوبلبنان، وضعت السلطات الاسرائيلية المستوطنات الاسرائيلية في المناطق المتاخمة للحدود مع لبنان في حال تأهب عالية تحسباً من تعرضها لقصف صاروخي من المقاومة في حال تصاعد الاشتباكات. ونقلت الاذاعة الاسرائيلية عن القيادة العسكرية للمنطقة الشمالية في اسرائيل قولها، ان "ما يشهده الجنوباللبناني هو حرب حقيقية". وقالت ان معارك ضارية دارت في الجنوباللبناني تخللها تبادل كثيف للنار". ولفتت الى ان "تصعيداً خطيراً في التوتر شهدته هذه المنطقة". وأفاد سكان هذه المناطق ان الانفجارات دوّت طيلة ليل اول من امس على طول الحدود مع لبنان وان "حزب الله" اطلق القذائف من الراجمات فيما قصفت مدفعية الجيش الاسرائيلي في شكل مكثف مواقع في العمق اللبناني، وان الطائرات الحربية الاسرائيلية كثّفت من طلعاتها وغاراتها ليلاً في الايام الاخيرة. ورجح قائد المنطقة الشمالية في الجيش الاسرائيلي الجنرال عميرام ليفين "استمرار المعارك حيث استنفر الجيش الاسرائيلي".