سادت أسواق المال الروسية حال من الهلع أمس الأربعاء وانخفضت قيمة أسهم الشركات الكبرى بنسبة تراوح بين 12 و15 في المئة وبدأ عدد من المستثمرين الأجانب يسحب أمواله من روسيا. وقرر الرئيس بوريس يلتسن عقد اجتماع طارئ اليوم الخميس للبحث في الوضع المتدهور. وتواجه الحكومة، التي لم يمض على تشكيلها سوى شهر واحد، مصاعب عدة بدأت قبل أسبوعين وتفاقمت بسبب شلل اقتصادي أحدثته اضرابات عمال المناجم وقطع طرق القطارات. ولمعالجة الوضع، أصدر يلتسن مرسوماً بخفض نفقات الدولة ب 40 بليون روبل 5،6 بليون دولار، فيما رفع البنك المركزي سعر الفائدة من 30 إلى 50 في المئة. وأعلن البنك المركزي زيادة سعر الفائدة على القروض الائتمانية من 50 إلى 150 في المئة، شرط أن يسري ذلك على العقود المبرمة ابتداء من أمس الأربعاء، من دون ان يشمل القروض المعقودة سابقاً. وكان أقصى سعر للفائدة 210 في المئة سجل في أواخر عام 1993 إثر أكبر أزمة سياسية ومالية شهدتها روسيا وانتهت بقصف مبنى البرلمان. إلا أن هذه الاجراءات لم تمنع استمرار التدهور، خصوصاً في قيمة الأسهم الممتازة، إذ انخفضت قيمة أسهم "لوك اويل"، وهي أكبر شركة نفط في روسيا، بنسبة 12 في المئة وبلغ الانخفاض 15 في المئة في أسهم "شركة الكهرباء الموحدة". وذكرت وكالة أنباء المال "آفي" ان المستثمرين الأجانب "ارتعبوا" وآثروا سحب أموالهم "بعدما اختفت كلياً الآمال في أن يعود الوضع إلى طبيعته في وقت قريب". وتوقعت صحيفة "كوميرسانت" الواسعة الاطلاع أن يستمر الهبوط لبضعة أشهر "وفق أحسن التقديرات"، ولسنة ونصف السنة "وفق أسوأها". وقالت إن قيمة الروبل قد تخفض رسمياً بنسبة 15 في المئة. لكن رئيس الحكومة سيرغي كيريينكو نفى بشدة أن تكون تمت "مناقشة هذا الموضوع أصلاً"، وقال إن الحكومة "لن تسمح بذلك" وستحافظ على "الممر المالي" الذي يحدد السقف الأعلى لصرف الدولار ازاء الروبل، ما يعني أن البنك المركزي سيضطر إلى طرح جزء من احتياط الذهب والعملات الصعبة لمنع انهيار الروبل. ويرى الخبراء الاقتصاديون أن أحد أهم أسباب التدهور الأخير يتمثل في فشل المزايدة التي أعلنتها الحكومة بيع 75 في المئة من أسهم شركة "روس نفط" بمبلغ يعادل 5،2 بليون دولار منها 400 مليون لاستثمارات تطوير الحقول ومعدات الانتاج. واعترف كيريينكو بأن أي طرف لم يتقدم بطلب للمشاركة في المزاد، وقال إن لجنة خاصة شكلت لإعادة النظر في الأسعار. وأعلن المكتب الصحافي للكرملين أن يتلسن قرر أن يلتقي اليوم كلاً من كيريينكو ووزير المال ميخائيل زادورنوف ومحافظ البنك المركزي سيرغي دوبينين للبحث في الأوضاع ومضاعفاتها المحتملة. ومن المنتظر أن يصل إلى موسكو اليوم أيضاً مدير الدائرة الأوروبية في صندوق النقد الدولي جون اودلينغ سمي لاجراء محادثات مع رئيس الوزراء الروسي. وتوقع المراقبون أن يناقش الطرفان منح قرض إلى موسكو قيمته 10 بلايين دولار لمواجهة الوضع الراهن. لكن وكيل وزارة المال اوليغ فيوغين نفى أن تكون الزيارة دليلاً على "مخاوف" لدى صندوق النقد سببها الأزمة المالية الراهنة.